حول العالم

التهديد القادم للجنس البشري: فيروسات من الفضاء

عوالم
نشر موقع "غيزمودو" الأمريكي تقريرا تحدث فيه عن احتمال وجود الفيروسات وانتشارها في أرجاء الكون الفسيح، إلى درجة جعلت بعض العلماء يقترحون تكوين علم جديد يعنى بدراسة هذه الظاهرة، وأسموه علم "أستروفايرولوجي". كما دعوا إلى تطوير أدوات قادرة على تعقب الفيروسات خارج كوكب الأرض.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن الجميع متفقون على أن العثور على بعض أشكال الميكروبات سيكون أول شكل من أشكال الحياة على كوكب ما أو على الأقمار أو الصخور الفضائية. ولكن، من الصعب العثور على شخص فكر في إمكانية العثور على فيروسات فضائية، على الرغم من انتشارها الكبير على الأرض.

وأشار الموقع إلى دراسة تحاول تصحيح هذه السهوة، التي تدعو إلى تأسيس مدرسة علمية جديدة تسمى "بأستروفايرولوجي". فقد تبين أنه يوجد فيروسات بأعداد هائلة على الأرض، تعود جذورها إلى البدايات الأولى للحياة، حتى إن بعضها يوجد بكميات كبيرة تفوق غيرها من الخلايا العضوية الأخرى، ما يعزز فكرة وجودها في عوالم أخرى.

وذكر الموقع أن العلماء لا يعرفون الكثير عن الفيروسات وطريقة عملها، كما لم يعيروا اهتماما لاحتمال وجودها في أماكن أخرى في النظام الشمسي. وما زاد الطين بلة غفلة وكالة ناسا في كتابها "استراتيجية علم الأحياء الفلكية للفيروسات" لسنة 2015، عن ذكر الفيروسات إلا نادرا، لتصب اهتمامها في المقام الأول على البحث عن كائنات خلوية مجهرية فضائية كاملة.

وأفاد الموقع بأن دراسة جديدة نشرت في المجلة العلمية "أستروبيولوجي" تحت إشراف العالم كينيث ستيدمان من جامعة بوترلاند الأمريكية، تؤكد أن هذه هي الحلقة المفقودة في عملية البحث عن كائنات حية في الفضاء. لذلك، على علماء البيولوجيا الفلكية البحث في إمكانية وجود فيروسات بكميات كبيرة في هذا الكون.

ولتحقيق هذا الهدف، اقترح ستيدمان البحث في مجال الأستروفايرولوجي وطلب من العلماء العمل على تطوير الاستراتيجيات والأدوات اللازمة لتعقب الفيروسات خارج كوكب الأرض. وقال ستيدمان إن فكرته لا تعني زيادة تقسيم مجال بيولوجيا الفضاء، وإنما هي محاولة لإدراج "الفيروسات" في مجال علم الأحياء الفلكية.

وقد يتساءل البعض عن كيفية تمييز الفيروسات عن باقي أشكال الميكروبات الحية، وعن السبب الذي يدفع للتمييز بينها، خاصة أن هذه النقطة موضع خلاف كبير بين الكثير من العلماء.

ونقل الموقع عن ستيدمان أن "تعريف الفيروسات يمثل مشكلة بحد ذاته، وأنا أفضل ذلك التعريف الذي ذكرته في تلك الدراسة عن أن الفيروسات كيانات تتكون جينوماتها من عناصر من الحمض النووي التي تتكاثر داخل الخلايا الحية باستخدام الآليات التركيبية الخلوية. وهي تسبب بذلك في تكوين العناصر المتخصصة التي يمكن أن تنقل الجينوم الفيروسي إلى خلايا أخرى".

وقد اعترف ستيدمان بأنه يصعب على القراء العاديين فهم هذا التعريف الدقيق. وبدلا من ذلك، قدم هذا التفسير: "يمكن للفيروسات الحصول على المعلومات الوراثية داخل الخلايا وإعادة برمجتها لصناعة المزيد من الفيروسات" وسماها "بوكلاء نقل المعلومات". كما قال الباحث إنها قادرة على حمل الأوامر للتكاثر الذاتي حين توفر الظروف المناسبة لذلك.

وأورد الموقع قولا لستيدمان أوضح فيه أن الفيروسات بحاجة إلى جسم مضيف، ولكنه يحبذ التفكير في هذا المضيف على أنه بيئة محددة، كالماء والتربة بالنسبة للبذور، حيث يمكن للفيروسات التكاثر. وأشار ستيدمان إلى أنه يعلم الكثير عن الفيروسات وبيئة تكاثرها. فقد اكتشف سنة 2012 مجموعة من الفيروسات القادرة على العيش في البحيرات الحمضية الساخنة. وهو اكتشاف يثبت أن الفيروسات قادرة على أن تتطور وتتكيف لتعيش وتزدهر في أصعب الظروف.

في هذه الحالة، ظهر الجينوم الجديد بعد الجمع بين الحمض النووي "دي أن أي" والحمض النووي الرايبوزي "دي أن آر"، من مجموعتين من الفيروسات التي قد لا تحمل أي صلة فيما بينها. وبهدف العيش في أقسى البيئات، تجد الفيروسات السبل لتتكيف باستمرار. وبالتالي، يعتقد ستيدمان بأن الفيروسات قد شاركت في بعض المراحل المهمة في التحولات التطورية على الكرة الأرضية.

وذكر الموقع أن فكرة انتشار الفيروسات في الكون ليست غريبة، ولكن بالتأكيد عند اكتشاف تلك الفيروسات سيتبين أنها مختلفة عن نظيراتها الموجودة في الأرض. ولتعزيز الأستروفايرولوجي، طلب ستيدمان من وكالة ناسا وغيرها من الوكالات الفضائية، البحث عن الفيروسات في عينات سائلة تؤخذ من الكواكب والأقمار الموجودة في نظامنا الشمسي.

وأوضح الموقع أن ستيدمان قد طلب من وكالات الفضاء تطوير أدوات جديدة للعثور على الفيروسات في الرواسب القديمة في الأرض والمريخ، لمعرفة إمكانية عيش الفيروسات في الفضاء. وفي هذا الصدد، قال ستيدمان "نحن بحاجة إلى مزيد تطوير الأدوات التي بين يدينا الآن، أو وضع مجهر إلكتروني على المركبات الفضائية، أو تطوير تقنيات مجهرية جديدة قادرة على العثور على الجزيئات، وليس فقط العثور على الذرات النانومترية".

وفي الختام، بين ستيدمان أنه في حال عثر على فيروسات في مكان ما في النظام الشمسي فلا داعي للقلق أو الارتياب، فلن تكون أكثر من فيروسات صخرية. ولكن، قد تمثل هذه الفيروسات أول دليل مادي تعثر عليه وكالة ناسا على الكواكب والأقمار البعيدة، ويشير إلى وجود حياة هناك.