صحافة دولية

واشنطن بوست: أي حقيقة قاسية كشف عنها صعود ابن سلمان؟

واشنطن بوست: كشف صعود ابن سلمان عن أن البلاد تتجه نحو الكارثة- أ ف ب

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للباحث في شؤون الشرق الأوسط في جامعة برنستون البروفيسور بيرنارد هيكل، تحت عنوان "صعود ولي العهد السعودي يكشف عن الحقيقة القاسية".

 

ويقول الكاتب إن معظم الصحافيين الذين يكتبون عن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يصورونه على أنه متعطش للسلطة وفاسد، ويستشهدون بهذه النزعات على أنها دليل على سلوكه وسياساته، لافتا إلى أنه عندما عينه الملك سلمان وليا للعهد في حزيران/ يونيو 2017، فإنه أصبح فعليا أقوى رجل في المملكة. 

 

ويستدرك هيكل في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، بأنه "رغم سلسلة من المشتريات التي لم يحصل على نصيحة جيدة بها (بما فيها يخت وقصر فرنسي، التي أكدت على انطباع عن جشاعة الأمير)، إلا أن صعود محمد بن سلمان يحاول التعامل مع الحقيقة القاسية للسعودية، فالمملكة من الناحية السياسية والاقتصادية لا يمكن الحفاظ على وضعها، وهي تتجه نحو الكارثة". 

 

ويشير الكاتب إلى أن "ولي العهد ورث مملكة متجمدة، وتعتمد بشكل كبير على النفط الذي تنضب موارده، وتعاني المملكة من نخبة مرتشية، تتكون من آلاف الأمراء والمحسوبين عليهم، الذين يعملون بحصانة من العقاب، ويقومون بتجفيف الاقتصاد، ويضاف هذا إلى قطاع عام متضخم، ويوظف نسبة 70% من الموظفين السعوديين، بالإضافة إلى أن الجيش غير قادر على الدفاع عن الوطن، رغم المليارات التي أنفقت على التسليح، أما النخبة الدينية للبلد فتمنع التغيير الاجتماعي من أجل الحفاظ على سيادتها ومميزاتها، وعلى الصعيد الدولي فإن إيران تحاول تدمير نظام الحكم في المملكة.

 

ويفيد هيكل بأنه "بالإضافة إلى هذه المشكلات فإنه لا يوجد نظام ضريبي في السعودية، وتقدم الحكومة نظاما سخيا من المساعدات التي لا يمكن الحفاظ عليها إلا بأسعار مرتفعة للنفط، وعدا هذه المشكلات، هناك النساء -وهن القطاع الأكثر تعليما في المجتمع السعودي- بقين خارج سوق العمل". 

 

ويلفت الكاتب إلى أن "النظام المعمول به في السعودية ظل حتى صعود ابن سلمان يقوم على التوافقية بين الأجنحة المختلفة في داخل العائلة، وثبت أنه غير صالح للإصلاح، وحتى ينجح النظام وتنجو العائلة المالكة فإنه كان من الضروري ظهور قائد جديد يقوم بتجريد قطاعات من العائلة المالكة من مزاياها، وإجبار المؤسسة الدينية على التخلي عن احتكارها للرأي العام والسلوك العام، ويقود مهمة إصلاح الاقتصاد والمؤسسة العسكرية".

 

ما الذي حققه محمد بن سلمان حتى الآن؟

 

ويتساءل هيكل عما حققه الأمير حتى الآن؟ "فعلى الساحة المحلية فإنه حيد العائلة المالكة، وهو في طريقه لإنهاء ثقافة الحصانة من المسؤولية القانونية والمالية، ويعتقد أنه يجب فهم عمليات اعتقال الأمراء والمسؤولين في تشرين الثاني/ نوفمبر ضمن هذا الإطار".

 

وينوه الكاتب إلى أنه "على الصعيد الاجتماعي فإن البلد يتحول، حيث تم تدجين المؤسسة الدينية، إما عبر التهديد أو السجن، وستقود النساء السيارات، وستتفتح دور السينما، وتقام الحفلات الموسيقية، التي جذبت أعدادا كبيرة من الشباب، ويحاول ابن سلمان جذب الشبان الذين يشكلون غالبية السكان، ويقوم خطابه على الوطنية الشمولية المختلطة بالشعبوية، الذي يأمل من خلاله باستبدال المحافظة الإسلامية المتشددة، التي يعتقد الأمير أنها خنقت البلاد وحرمتها من الدينامية والإبداعية".

 

ويبين هيكل أنه "على المستوى الدولي، فإن ابن سلمان حقق نجاحين مهمين، الأول استئناف العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة (وإدارة دونالد ترامب بشكل خاص)، بعد فترة من التراجع في عهد باراك أوباما، أما الثاني، فقد وطد علاقات قوية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من خلال الاتفاق حول معدلات إنتاج النفط، وبدء التنسيق على الساحة السورية". 

 

ويقول الكاتب إن "الاقتصاد يظل الكعب الأخيل لابن سلمان، فمن جهة فإن ولي العهد راغب بسد العجز في الميزانية، ومن جهة أخرى فإنه لا يمكن عمل هذا دون وقف الدعم والمخصصات التي تجفف الميزانية السعودية، ومن أجل أن يصبح هذا القطاع الخاص أكثر ديناميكية، والمحرك الرئيسي للتوظيف". 

 

ويجد هيكل أن "مشكلة هذا القطاع أنه ظل، ومن الناحية التاريخية، مرتبطا بالنفقات الحكومية، وتبنت الحكومة سياسات غير متناسبة، مثل قطع الدعم الحكومي عن المواد الأساسية، وفرض ضريبة القيمة المضافة، وزيادة مخصصات الموظفين ورواتبهم، ويجب أن تتحسن قدرات الدولة مع السياسات الجديدة، وهناك إمكانية أن تؤدي الضائقة الاقتصادية إلى حالة سخط بين السكان، خاصة أن السعوديين علقوا آمالا كبيرة على محمد بن سلمان". 

 

ويخلص الكاتب إلى القول إن "محمد بن سلمان يريد بناء شرعية عائلته على التحول الاقتصادي للبلاد وازدهارها، فهو ليس ليبراليا سياسيا، لكنه استبدادي ويرى أن توطيد سلطاته شرط ضروري للتغيير الذي يريده للسعودية".