ملفات وتقارير

ما مستقبل نفوذ الولايات المتحدة بالعراق بعد خفض قواتها؟

الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت عن خفض قواتها تدريجيا في العراق- أ ف ب (أرشيفية)

أثار إعلان خفض القوات الأمريكية في العراق، تساؤلات عدة حول الأسباب التي دفعت واشنطن إلى اتخاذ هذه الخطوة، ولا سيما بعد تحذيرات وزير خارجيتها، من "تكرار خطأ" سحب قوات بلاده في 2011.

وأعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الثلاثاء، أن هناك خطة وضعت منذ عام لخفض عديد قوات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن في العراق "تدريجيا"، مؤكدا في الوقت نفسه "الحاجة إلى غطاء جوي هائل".

وأضاف: "لقد كانت هناك إرادة عراقية عندما طلبت من التحالف الدولي مساعدة العراق، وطلبت رسميا من الجانب الأمريكي الوقوف مع العراق، وكان عديد القوات دون الـ10 آلاف مقاتل".

 

اقرأ أيضا: العبادي يؤكد حاجة العراق لقوات "التحالف".. ومليشيات تهدد

وكان وزير خارجية أمريكا، قد دعا إلى عدم ارتكاب الخطأ نفسه في سوريا كما في العام 2011 عندما سمح الخروج المبكر من العراق لتنظيم القاعدة بأن يبقى على قيد الحياة في هذا البلد.

ولم تقتصر تحذيرات تيلرسون هذه على خطر تنامي تنظيم الدولة فحسب، وإنما خشية بلاده من أن "يوفر الانسحاب لإيران فرصة ذهبية من أجل أن تعزز بشكل إضافي مواقعها في سوريا". 

ولعل ما يدعو إلى التساؤل هو قرار واشنطن خفض قواتها بالعراق الذي تعد إيران صاحبة النفوذ الأكبر فيه سياسيا وعسكريا، وتعارضه مع تحذيرات تيلرسون من زيادة نفوذ إيران بالمنطقة.  

وقال المحلل السياسي العراقي يحيى الكبيسي في حديث لـ"عربي21" إن "الأنباء متضاربة حول عديد القوات التي تم سحبها، لكن الأهم من هذا نحن أمام قرار سياسي أمريكي بضرورة البقاء في العراق وعدم تكرار خطأ سحب القوات".

وأضاف: "نحن في إطار إعادة انتشار وتوزيع للقوات أكثر من مسألة انسحاب"، لافتا إلى أن "إعلان العبادي حاجة العراق إلى طيران التحالف، هو موافقة ضمنية بفترة بقاء طويلة الأمد للقوات الأمريكية في العراق".

تخادم إيراني أمريكي

وبخصوص عدد القوات المتبقية وطبيعة أسلحتها ومهامها، فقد رأى الكبيسي أنها "لم تخضع لنقاش حقيقي حتى الآن، لأن الحكومة لا تريد في مرحلة انتخابات أن تفتح هذا الملف، خاصة أنه قد يستخدم من بعض قوى اليمين الشيعي المتطرفة ضدها انتخابيا".

 

اقرأ أيضا: أمريكا تبدأ بسحب قواتها من العراق بالاتفاق مع بغداد

وأشار إلى أن "تواجد القوات الأمريكية سياسيا تم حسمه، لكن الترتيبات اللوجستية والاتفاقيات لم تحسم حتى هذه اللحظة"، معربا عن اعتقاده بعدم "وجود تأثير سياسي أمريكي حقيقي في العراق".

وأوضح المحلل السياسي العراقي قائلا: "رأينا في السنتين الأخيرتين أن أمريكا تنحاز إلى رؤية الحكومة العراقية، وهي ليست مستعدة للخوض في تفصيلات ذات طبيعة إشكالية في العراق".

ولفت إلى أن "التأثير السياسي الأمريكي سيبقى محدودا إلى حد كبير، وأن وجودها العسكري هو مرتبط بالأمن القومي الأمريكي أكثر مما هو مرتبط بالداخل العراقي".

وحول التهديدات التي أطلقتها مليشيات عراقية مدعومة من إيران، بمواجهة القوات الأمريكية في حال لم تنسحب من العراق، قال الكبيسي إنها "مجرد دعاية تستخدمها هذه المليشيات، أكثر من كونها قرارا حقيقيا".

وأردف: "حتى إيران نفسها ليس لديها قرار صريح ومباشر في مواجهة أمريكا داخل العراق"، مشيرا إلى وجود "تفاهم ضمني إيراني أمريكي، يعني قبول الأخيرة بوجود أمريكي عسكري كنوع من أنواع التخادم".

 

اقرأ أيضا: 12 قاعدة عسكرية أمريكية بالعراق.. الغايات والأبعاد

وأوضح الكبيسي لـ"عربي21" أن "إيران تقبل بتواجد أمريكي، لكن تحاول أن تحجم من نفوذه العسكري وهذا حاصل، والأمريكان واضح أنهم قبلوا بنفوذ إيراني في العراق مع محاولة تحجيم هذا النفوذ ليس أكثر".

 وبحسب قوله، فإن "هذه المليشيات العراقية هي أدوات إيرانية، وليست صاحبة قرار في هذه المسألة، ولا يوجد قرار إيراني بفتح مواجهة مع أمريكا في العراق أو غيرها من المناطق".

وهددت مليشيات مدعومة من إيران (هي: بدر، وحزب الله في العراق، وحركة النجباء)، بمواجهة القوات الأمريكية في العراق، ما لم تنسحب، وأعلنوا رفضهم لخطط بغداد وواشنطن للإبقاء على جزء من القوات لأغراض التدريب وتقديم المشورة.

وذكرت صحيفة "ألموند" الإسبانية أن الإعلان عن الانسحاب تزامن مع مرور أسبوع على مقتل ثمانية من أفراد قوات الأمن العراقية على وجه الخطأ، الذي أثار انتقادات سريعة من طرف المليشيات الشيعية المدعومة من قبل إيران.

وشهدت عودة أمريكا العسكرية إلى العراق تناميا ملحوظا عقب اجتياح تنظيم الدولة، لمدن واسعة من البلاد منذ منتصف عام 2014، فقد انتشرت القوات الأمريكية في 12 قاعدة عسكرية موزعة في محافظات غرب وشمال العراق.