ملفات وتقارير

السيسي بالزي العسكري.. هل تفلح استعادة "صورة المنقذ"؟

السيسي افتتح مركز قيادة مكافحة الإرهاب شرق القناة- تويتر

في تعدد جديد لظهور بالزي العسكري منذ توليه سلطة الانقلاب بمصر، فاجأ عبد الفتاح السيسي المشاركين والمدعوين في افتتاح مركز قيادة قوات مكافحة الإرهاب شرق القناة بظهوره مرتديا الزي العسكري، والملفت أنه لم يكن الزي التشريفي كما كان يحرص الرئيس الأسبق أنور السادات عليه، وإنما ظهر بالزي العسكري الخاص بالعمليات والتدريب.

 

السيسي، بهذه المرة يكون قد ظهر بزيه العسكري 4 مرات بعد توليه السلطة، أولها كان أثناء زيارة قوات الجيش والشرطة بسيناء في  4 تموز/يوليو 2015، عقب هجمات إرهابية أسفرت عن مقتل 17 عسكري.

وارتدى السيسي، البدلة العسكرية للمرة الثانية بحفل افتتاح تفريعة قناة السويس الأسطوري،  في 6 آب/أغسطس 2015، ثم باحتفال الجيش بافتتاح الأسطول الجنوبي وتسلم مصر  حاملة المروحيات "ميستيرال" وتدشين قارب صواريخ روسي بسفاجا بالبحر الأحمر في كانون الثاني/يناير 2017.


وأثار هذا الظهور بهذا الشكل وفي هذا التوقيت العديد من ردود الأفعال عن دلالاته، ولمن يوجه السيسي رسالته بهذا الزي قبل أيام من إجراء انتخابات الرئاسة ذات المنصب المدني، ولماذا زي العمليات وليس زي التشريفات؟


الكاتب الصحفي سليم عزوز أكد لـ "عربي 21" أن السيسي لديه رغبة قديمة في العودة للزي العسكري، باعتبار أنه يميزه عن غيره، كما أن الدعاية في الانتخابات الأولى، كانت تقوم على أن مصر تحتاج لرجل قوي، وهذا الرجل القوي لابد أن يكون من المؤسسة العسكرية، ولذلك فهو يعتبر هذا الزي امتيازا له.


ويضيف عزوز أن توقيت هذا الظهور مرتبط بالدعوة التي أطلقتها الأذرع الإعلامية واللجان الإلكترونية التابعة للمخابرات العامة، والتي ظلت طوال الفترة الماضية تعزف على ضرورة أن يعود السيسي لزيه العسكري، في حربه ضد الإرهاب، ولذلك فقد استجاب لهذه الدعوات، في إطار الترويج بأن مصر منغمسة في حرب حقيقية ضد الإرهاب.


ويشير عزوز إلى أن السيسي بذلك يريد أن يقول إنها حرب حقيقية وليست للاستعراض كما يردد المعارضون، وأنه يخوض غمار هذه الحرب بالنيابة عن العالم كله، كما أنه يريد أن يؤكد انتماءه للمؤسسة العسكرية، باعتبار أنه ليس رجل سياسة، وليس "بتاع" كلام كما سبق وأن أعلن في خطاباته الأخيرة.

 

اقرأ أيضا: ما دلالة طلب الجيش من السيسي تمديد فترة عملية سيناء؟

ويضيف عزوز بُعدا آخر وهو أن دلالة التوقيت متعلقة بمحاولات السيسي لتعويض فقدان شعبيته الجماهيرية التي تراجعت نتيجة التردي المعيشي والاقتصادي والسياسي، ولذلك فإن عملية سيناء 2018 في الأساس محاولة للبحث عن حضور داخلي على الأقل بين معسكره الذي تآكل حتى يوشك ألا يُرى بالعين المجردة، فضلا عن بحثه كذلك عن شرعية خارجية تدعم قبول أمريكا والغرب ببقاءه.

 
ويشير الباحث المتخصص في الشؤون العسكرية والأمن القومي عبد المعز الشرقاوي لـ "عربي21" أن السيسي يتحرك في ظهوره الإعلامي من خلال مجموعة من الخبراء المتعاملين مع الشؤون المعنوية للقوات المسلحة، بالإضافة إلى شركة علاقات عامة غربية تتبع محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي، وكلاهما يريدان تحسين صورة السيسي المتراجعة أمام الجماهير، وبالتالي يحاولون استعادة شخصية المنقذ الذي أنقذ مصر من الإخوان، ولكن هذه المرة ينقذهم من الإرهاب في سيناء، وبالتالي ما يحدث محاولة لاستعادة صورة البطل القومي مرة أخرى.


ويضيف الشرقاوي أن الغرض أيضا هو تأكيد ولاء السيسي للقوات المسلحة وارتباط المؤسسة به، ولذلك كان ارتداؤه زي العمليات والتدريب الخاص بالقادة العسكريين الميدانيين، ولم يرتد زي المارشال كما فعل مثلا في افتتاح الممر الملاحي الإضافي لقناة السويس، فضلا عن البعد الإعلامي الآخر حيث شارك باللقاء إعلامييون وسياسيون وكتاب ووزراء، وبالتالي سوف يقوم هؤلاء بإيصال رسالة فخمة جدا للجماهير كما فعل مصطفى بكري.


ويرى الشرقاوي أن أخطر ما في الموضوع ليس الزي لأنه شغل دعاية ولكن في دلالة المكان، فهو يفتتح مركز قيادة قوات مكافحة الإرهاب شرق القناة، وهي القيادة المعنية بإدارة العملية سيناء 2018، بما يعني أن العملية التي بدأت منذ شهر لم يكن لها مركز قيادة، على خلاف ما تم ترويجه بأن العملية تم التجهيز والتحضير لها منذ أشهر.

 

اقرأ أيضا: تزايد ظاهرة اعتزال السياسة في مصر هربا قمع السيسي

أما الدلالة الأخرى فهي طلب رئيس الأركان باستمرار العملية لفترة إضافية، وهو ما يعني أن كل هذه القوات وهذه المعدات والهالة الإعلامية التي صاحبتها لم تستطع القضاء على عدة مئات أو آلاف من أنصار تنظيم الدولة في مساحة مكانية محددة ومحاصرة برا وجوا وبحرا، وهو ما يثير القلق على القدرة الفعلية للقوات المسلحة، واستعدادها خوض حروب مع جيوش أكثر كفاءة من عدة مقاتلين مسلحين.


ويشير الشرقاوي إلى أن الدلالة الثالثة كانت في التصريحات الخاصة بخطة تعمير سيناء وأنها مستمرة حتى 2022، وهو ما يدعو للاستفهام عن تنفيذ الخطة في ظل عملية عسكرية مستمرة وسوف تستمر بشكل غاشم لأجل غير محدد، وما هو مصير خطط التنمية التي كانت موجودة وكان آخرها تخصيص الرئيس محمد مرسي لمبلغ أربعة مليارات جنيه عام 2013، وكلف وقتها القوات المسلحة لدواعي الأمن القومي بتنفيذ هذه الخطة.