صحافة دولية

نيويورك تايمز: سفارة أمريكا في القدس لكن ليست في إسرائيل

فايننشال تايمز: قد تكون السفارة في القدس لكنها لن تكون في إسرائيل بشكل كامل- جيتي

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا لمراسلتها إيزابيل كيرشنر في القدس، تقول فيه إن الولايات المتحدة تخطط لافتتاح سفارتها الجديدة في القدس؛ للوفاء باعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل.

 

ويستدرك التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأن "هناك مشكلة واحدة: قد تكون السفارة في القدس، لكنها لن تكون في إسرائيل بشكل كامل، فالمجمع الدبلوماسي، الذي سيضم السفارة الأمريكية حتى يتم إيجاد موقع دائم، يقع جزئيا على أراض متنازع عليها، يطلق عليها اسم (المنطقة المحرمة)". 

 

وتبين الكاتبة أن هذه الأراضي المختلف عليها تضم المنطقة الواقعة بين خطي وقف إطلاق النار، اللذين رسما في نهاية الحرب عام 1948- 1949، التي تدعي كل من الأردن وإسرائيل أنها لها، وسيطرت إسرائيل عليها بشكل كامل في حرب 1967، ولذلك تعدها الأمم المتحدة والعديد من الدول أراضي محتلة. 

 

وتذكر الصحيفة أن الخارجية الأمريكية تجنبت اتخاذ موقف واضح بهذا الشأن، لكنها تعتمد على حقيقة أن إسرائيل والأردن تقاسما المنطقة المتنازع عليها بشكل غير رسمي.

 

ويلفت التقرير إلى أن إسرائيل تستخدم الموقع المبدئي للسفارة، الواقع في منطقة أرنونا في القدس منذ عام 1949 بشكل مستمر، بحسب ما قالت الخارجية الأمريكية، التي أضافت أن الموقع "اليوم عبارة عن منطقة سكنية تجارية مختلطة"، مشيرا إلى أن الفلسطينيين أقل غموضا.

 

وتنقل كيرشنر عن أشرف الخطيب من دائرة شؤون المفاوضات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، قوله: "الأراضي المتنازع عليها هي أراض محتلة.. وأي وضع دائم لتلك المناطق يجب التوصل إليه من خلال مفاوضات الوضع النهائي". 

 

وتعلق الصحيفة قائلة إن هذا الخلاف قد يحول السفير الأمريكي ديفيد فريدمان، من مؤيد طامع للاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية إلى مستوطن دبلوماسي.

 

ويفيد التقرير بأن الخطة هي أن يتم استخدام بناية القنصلية الأمريكية في القدس لإقامة السفارة الأمريكية، في الوقت الذي يتم فيه البحث عن موقع دائم، لافتا إلى أن هذه البناية المحصنة جزئيا تقع في "القدس الغربية اليهودية"، وجزء منها في الأراضي المتنازع عليها بين القدس الغربية والشرقية.

 

وتجد الكاتبة أن حركة نقل السفارة الأمريكية تعد تحولا عن السياسة الأمريكية التي استمرت سبعة عقود، وسياسة كثير من الدول في العالم، التي تعد وضع القدس خاضعا للمفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وكلاهما يدعيها عاصمة له، حيث يقول الناقدون لنقل السفارة إنها تحكم على نتيجة أي مفاوضات مستقبلية حول المدينة.

 

وتقول الصحيفة: "لكن، إن كان الاعتراف الأمريكي غامضا، تاركا الحدود النهائية في القدس إلى المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فإن هذا الشذوذ الغريب في الجغرافيا السياسية يثير أسئلة أكثر صعوبة حول أي أجزاء المدينة تعدها أمريكا عاصمة لإسرائيل".

 

ويذهب التقرير إلى أن هذا الأمر يتطلب بعض التفتيش في ثنايا التاريخ، فبعد حرب عام 1948 بخصوص قيام إسرائيل، قامت الأخيرة بتوقيع اتفاقية هدنة مع الأردن، الذي أدار الضفة الغربية والقدس الشرقية، وقام الطرفان بترسيم خط وقف إطلاق النار بقلم شمعي، حيث اختلف الجانبان رسم كل منهما خطه إلى أقصاه؛ الإسرائيليون بالأخضر إلى أبعد حد للشرق، والخط الأردني بالأحمر إلى الغرب. 

 

وتوضح كيرشنر أن الجيوب المختلف عليها، تسمى "المناطق بين الخطين"، ولم تقع تحت سيطرة أي من الجانبين، وأصبحت تعرف بـ "منطقة محرمة دوليا"

 

وتورد الصحيفة نقلا عن مسؤول كبير في الأمم المتحدة، تحدث بشرط عدم ذكر اسمه؛ لحساسية القضية دبلوماسيا، قوله إن من المستحيل معرفة أي أجزاء من بناية القنصلية بالضبط يقع في أرونا من خلال النظر إلى خارطة رسمت عام 1949، فالخطوط رسمت بسماكة قلم التلوين، ولم تكن أي من المنشآت الموجودة حاليا، موجودة في ذلك الوقت، وأضاف أن أي جزء يقع بين الخطين يمكن اعتباره مناطق محتلة.

 

وينوه التقرير إلى أنه بعد عام 1949 ادعت كل من إسرائيل والأردن ملكية الأرض؛ على أساس أن يتم تحديد وضعها النهائي في اتفاقية مستقبلية، مشيرا إلى أنه عندما نشبت حرب 1967، فإن الجيشين الأردني والإسرائيلي حاربا على تلك الأراضي.

 

وتنقل الكاتبة عن البروفيسور في الجامعة العبرية وعضو الوفد للجنة الهدنة الإسرائيلية الأردنية رفائيل إسرائيلي، قوله بأنه لا إسرائيل ولا الأردن لديهما سلطة رسمية عليها، لكن ببساطة "قاما بغزوها"، ويضيف أنه اليوم، وبعد 50 عاما من سيطرة إسرائيل عليها، وعدم سيادة أي دولة عليها قبل ذلك، فإن السؤال حول وضعها يصبح جدليا.

 

ويتابع إسرائيلي قائلا: "يمكنك أن تبدأ بتقديم حجج تقسم الشعرة.. لكن يبدو أن الأمر عفا عليه الزمن الآن، واختلطت الأمور ببعضها، ولم أعد أعلم .. ماذا يعود لمن". 

 

وتذكر الصحيفة أنه بعد عام 1949، قام الإسرائيليون بتسييج الأرض وزراعتها في جانبهم، في الوقت الذي امتد فيه شارع أردني إلى بيت لحم بالقرب منها، لافتة إلى أن كلا الجانبين وضعا جيشا في المنطقة، وكان هناك أيضا تعاون أحيانا، مثل عندما اتفق الأردن أن يعمل مع الخبراء الإسرائيليين للقضاء على مرض يحمله العث أصاب أشجار الصنوبر في المنطقة.

 

ويستدرك التقرير بأنه عندما بدأ رجل أعمال إسرائيلي في بناء فندق على منحدر في المنطقة عام 1963، فإن الأردنيين قدموا شكوى، وتم وقف البناء، مشيرا إلى أن الفندق بني بعد ذلك، وسمي "ذي ديبلومات"، بعد انتصار إسرائيل عام 1967، وهو يقع اليوم على أرض القنصلية الأمريكية، وتؤجره أمريكا سكنا لكبار السن من المتحدثين باللغة الروسية.

 

وتبين كيرشنر أنه قبل الانتقال إلى أرنونا عام 2010، كان القسم القنصلي الأمريكي الذي يخدم العرب واليهود في القدس الشرقية، منوهة إلى أن القنصل العام الذي يتعامل مع السلطة الفلسطينية في القدس الغربية. 

 

وتنقل الصحيفة عن مدير القانون الدولي في منتدى كوهيليت المحافظ للسياسة يوجين كونتوروفيتش، قوله إن أمريكا تعترف بسيادة إسرائيل على الأراضي التي احتلتها عام 1967، عندما تقوم بنقل السفارة إلى أرنونا.

 

وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول كونتوروفيتش: "الأهم مما تقوله وزارة الخارجية الأمريكية هو ما تقوله أفعالها.. فلا يمكن أن تبني سفارة في أراض ليست واقعة تحت السيادة الإسرائيلية".