ملفات وتقارير

أغذية فاسدة في المساعدات الأممية للغوطة.. مسؤولية من؟

حادثة المساعدات الفاسدة ليست الأولى- جيتي

أظهرت تسجيلات مصورة تداولها ناشطون أن أغذية فاسدة منتهية الصلاحية وصلت إلى الغوطة الشرقية المحاصرة ضمن قافلة المساعدات الأممية.


التسجيلات التي تم تصويرها من داخل الغوطة، أكدت احتواء المواد الغذائية في القوافل التي دخلت الغوطة على مواد غذائية متعفنة، وغير صالحة للاستهلاك البشري.


ومن مفارقات الواقع أن جزءا كبيرا من هذه المساعدات لم يوزع بعد، بحسب ما ذكر الصحفي محمد ياسر من الغوطة لـ"عربي21".


ياسر بيّن أنه بسبب التطورات العسكرية المتسارعة في الغوطة، والقصف الشديد فإن أحدا لم يلتفت إلى موضوع المساعدات الأممية، واستدرك بالقول: "ليست لدينا معلومات للآن عن الأغذية المنتهية الصلاحية، لأنها ما زالت في المستودعات".

ومن اللافت، أن هذه الحادثة ليست الأولى في المساعدات الأممية، وأنها تكررت في أكثر من مرة في مناطق سورية أخرى محاصرة، بحسب مصادر سورية مطلعة تحدثت إليها "عربي21"، وهو ما يطرح تساؤلات عن الطرف المسؤول عنها.

وفي هذا السياق، اتهم مصدر على صلة بالعمل الأممي "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، OCHA) في دمشق بالمسؤولية المباشرة وراء احتواء المساعدات الأممية على مواد غذائية تالفة.

وكشف المصدر الذي طلب عدم تحديد هويته خلال حديثه لـ"عربي21" عن دور للمكتب الأممي بدمشق لا يمكن إنكاره، معتبرا أن عدم الرد من قبل المكتب على هذه الاتهامات التي ساقها النشطاء دليل واضح على تورط هذه الجهة الأممية.

 

اقرأ أيضا: وصول المساعدات للغوطة يثير فضيحة وتواصل القصف (فيديو)

وقبل أن يوضح المصدر الجوانب الإجرائية لعمل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أشار إلى ضرورة العودة إلى بعض الوقائع المماثلة السابقة، من أبرزها تلك التي سجلت في حمص بالعام 2016 (حمّص وفاصوليا تالفة)، وكذلك في مدينة الزبداني بريف دمشق في العام ذاته (أرز مخلوط بروث الحيوانات)، وفي مضايا بريف دمشق في العام 2015 (بسكويت منتهي الصلاحية).

وبشأن الآلية الإجرائية التي تتبعها منظمة "OCHA" بيّن المصدر أن بعض الدول ومن بينها سوريا تفرض على المنظمة شراء المواد الغذائية من أسواقها وفق مناقصات وعقود رسمية.

وأشار إلى أن المنظمة تقوم بندب موظفين لديها لضمان تنفيذ بنود العقد المتفق عليها، وعلّق: "إذن في الحالة الأخيرة، تقع المسؤولية على موظفي المنظمة لأنهم لم يراقبوا مواصفات المواد الغذائية، وضمان مطابقتها للشروط المنصوص عليها بالعقد، ولم يقوموا بفحصها لدى تسلمها من المورّد".

ورأى المصدر أنه "إن كانت المنظمة تحترم نفسها فمن الواجب أن يتم فتح تحقيق فوري لتحديد الطرف المسؤول عن الفساد"، وأضاف: "لمسنا منذ بداية الثورة أن هناك تآمرا من مكتب "OCHA" بدمشق مع النظام".

مصدر آخر، حمّل خلال حديثه لـ"عربي21" المسؤولية للنظام ولمنظمة "OCHA"، وقال موضحا إن "النظام لا يسمح بدخول المساعدات إلى المناطق المحاصرة من دون تفتيشها من قبل حواجزه العسكرية، وخلال هذه العملية يقوم النظام بفعل ما يحلو له من تبديل لبعض المواد ومصادرة لأخرى".

وأضاف طالبا عدم الكشف عن اسمه بسبب عدم تخويله من الجهة العامل فيها بالتصريح، أن كل ذلك يتم بتواطؤ من الموظفين في الأمم المتحدة في دمشق، مبينا أن النظام "له صلة بانتقاء الموظفين، على أساس محددات معينة".

يذكر أن تقريرا صادرا عن 62 منظمة إنسانية ومجلسا محليا ومنظمات مجتمع مدني سورية في العام 2016، اطلعت عليه "عربي21"، اعتبر أن الأمم المتحدة لم تضع، خلال السنوات الخمس الماضية، أي شروط واضحة تحكم تعاونها مع النظام السوري.

 

اقرأ أيضا: لماذا تعرقل دخول المساعدات للغوطة.. تمرد أم رغبة روسية؟

وبحسب التقرير، فإن "الأمم المتحدة لم تحاول تقييم مدى انحرافها عن مبادئ الاستقلال والنزاهة وعدم الانحياز، ونتيجة عدم تمكنها من السير على ضوء معاييرها، وإظهارها اهتماما متواضعا للغاية في العودة إلى صراط هذه المبادئ، فإن الأمم المتحدة تواجه في سوريا اتهاما بالغ الخطورة، وهو التسبب بالأذى، وإلحاق الضرر بالآخرين".

وفي الوقت الذي لم يتسن فيه لـ"عربي21" التواصل مع منظمة "OCHA" للتعليق على هذه الاتهامات، فإنها تكفل حق الرد لها في حال أرادت ذلك.