سياسة دولية

باتت بحكم "تصريف الأعمال"..هل تعيش حكومة تونس آخر أيامها؟

الثلاثاء القادم سيكون حاسما حول مصير حكومة الشاهد- أرشيفية

تعيش حكومة رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد أسوأ أيامها، في ظل إجماع جميع الأطراف السياسية الموقعة على "وثيقة قرطاج" -خارطة طريق سياسية انبثقت عنها حكومة الشاهد- بفشلها في إدارة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الخانقة التي تعيشها البلاد وإصرار اتحاد الشغل -أكبر منظمة نقابية في البلاد وأحد الأطراف الموقعة على الوثيقة- على رحيله قبل موعد الانتخابات البلدية المزمع عقدها في 6 مايو/ أيار القادم، بحسب ما أكدته مصادر متطابقة لـ"عربي21".


وجاءت تصريحات أمين عام الاتحاد التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، لتزيد من تعميق الأزمة السياسية بعد إعلانه، الثلاثاء، خلال تصريحات إعلامية، أن حكومة الشاهد باتت الآن في حكم "تصريف الأعمال"، مشددا على أن كل السيناريوهات باتت الآن مطروحة، بما فيها تغيير الحكومة قبل الانتخابات البلدية.


وفي السياق ذاته، حمل الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل بوعلي المباركي، في تصريح لـ"عربي21"، حكومة الشاهد تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، وأكد أن إقالة رئيس الحكومة يوسف الشاهد طرحت خلال جلسة الحوار الأولى للموقعين على وثيقة قرطاج، التي أفضت إلى تكوين لجنة خبراء لتحديد أولويات الفترة القادمة وأهم الإصلاحات والإجراءات التي يجب اتخاذها للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد.


وأضاف أن "الثلاثاء القادم سيكون حاسما حول مصير حكومة الشاهد بعد إعطاء لجنة الخبراء المكونة من أعضاء من اتحاد الشغل وباقي الأحزاب الموقعة على وثيقة قرطاج تقريرها بخصوص أولويات الفترة المقبلة والإصلاحات التي يجب القيام بها".

من جانبه، لم ينتظر يوسف الشاهد طويلا ليرد على وصف أمين عام اتحاد الشغل لحكومته بـ"تصريف الأعمال"، رافضا بشدة هذا التوصيف خلال افتتاحه لأحد المشاريع التنموية بمحافظة سوسة شرق تونس، حيث قال في تصريحات إعلامية إنّ "الاتحاد العام التونسي للشغل أول من يعلم أن هذه الحكومة ليست حكومة تصريف أعمال، ويعلم أنها طرحت الإصلاحات الجوهرية في الوظيفة العمومية وفي كتلة الأجور الاقتصادية، وقامت بإصلاحات في المؤسسات العمومية"، مؤكدا على مضي حكومته في خدمة البلاد والتونسيين رغم كل الانتقادات. 


وفي تعليقها على المشهد السياسي برمته، اعتبرت الإعلامية والمحللة السياسية دليلة مبارك، في حديثها لـ "عربي21"، أن رحيل الشاهد وحكومته خلال الأيام القادمة بات أمرا محسوما".


وأكدت أن الشاهد فقد آخر حزام سياسي داعم له ولحكومته، والمتمثل في اتحاد الشغل، بعد أن خسر سابقا أكثر من جهة سياسية وحزبية وجهت له ولوزرائه انتقادات لاذعة، بما فيها قياديان بارزان في نداء تونس، الذين رأوا في صعود شعبية الشاهد إبان إعلانه الحرب على الفساد وطموحه غير المعلن للرئاسة خطرا على مستقبلهم السياسي وعلى الرئيس ونجله.


وتابعت: "الشاهد أراد مؤخرا الارتماء في حضن النهضة لكسب ودها، لكن بعد فوات الأوان، ولا يمكن في اعتقادي أن تضحي النهضة بعلاقاتها مع رئيس الجمهورية لأجل عيون الشاهد، الذي يعدّ الرهان عليه الآن خسارة لهم".


واعتبرت أن الشاهد قد يكون اليوم يدفع ثمن تمرده على السبسي الذي رشحه على رأس الحكومة وثمن طموحه السياسي غير المعلن في الترشح للانتخابات الرئاسية، رغم تراجعه عن ذلك وإعلانه عن دعم السبسي في حال قرر الترشح خلال انتخابات 2019.


من جانبها، نفت الناطقة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية، سعيدة قراش، أمس الأربعاء، أن تكون حكومة الشاهد بحكم تصريف الأعمال، وأكدت في تصريحات إعلامية أن "الحكومة الحالية تتمتع بكامل الصلاحيات، وستواصل عملها في انتظار صياغة أرضية تمثل الحزام السياسي لها تحت راية وثيقة قرطاج، ومن ثم يتم النظر في صيغ أخرى".


بدوره، استبعد المحلل السياسي منذر ثابت، في حديثه ل "عربي21"، أن يضحي السبسي برئيس الحكومة إرضاء لاتحاد الشغل"، وتابع بالقول: "في تقاليد الحكم الجمهوري ليس من صلاحيات المنظمات النقابية أو غيرها أن تحدد مصير الحكومات، بل إن رئيس الجمهورية هو المؤتمن على احترام الدستور".


ويرى ثابت أن الرئاسة ستقرر المضي في إجراء تحوير وزاري شامل، سيما على مستوى المسؤوليات الاقتصادية، ومن الأرجح الذهاب نحو تكوين قطب اقتصادي تقوده شخصية اقتصادية بارزة؛ للنظر في أولويات المرحلة والظرف الاقتصادي المتأزم الذي تعيشه البلاد.