ملفات وتقارير

جدل حول احتفال الإخوان بذكرى 90 سنة على التأسيس

متحدث الإخوان: نقوم بمراجعات عبر آليات خاصة لي مكانها الإعلام نظرا لطبيعة الظروف التي تعيشها الجماعة- أرشيفية

أثار احتفال جماعة الإخوان المسلمين بمناسبة مرور 90 عاما على ذكرى تأسيسها في 1928، جدلا واسعا داخل صفوف الجماعة، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.

 

وانتقد المعارضون للاحتفال إقامته في ظل ما تتعرض له الجماعة من ارتدادات شعبية وأزمات داخلية وخارجية خاصة في مصر ودول الربيع العربي، واعتقال مرشدها وأعضاء مكتب الإرشاد وعشرات الآلاف من أعضائها، فيما برر المؤيدون أن الجماعة ليست شأنا مصريا فقط، وأن الاحتفال يأتي تأكيدا لوجود الجماعة واستمرارها رغم الأزمات التي تتعرض لها.


وأقام الإخوان المسلمون، أمس الأحد، احتفالا بمدينة إسطنبول التركية، تحت شعار "تسعون عاما من العطاء"، حضره عدد من رموز الجماعة في الأقطار العربية والإسلامية، تصدرهم رئيس المكتب السياسي السابق لحركة المقاومة الإسلامية حماس خالد مشعل، والمراقب العام السابق لجماعة الإخوان بالأردن همام سعيد، ورئيس حركة الإصلاح الصومالية، علي باشا، ونائب المرشد العام للجماعة إبراهيم منير، والأمين العام للجماعة محمود حسين.

 

وشارك في الاحتفال من تركيا كل من مستشار الرئيس التركي والقيادي بحزب العدالة والتنمية التركي ياسين أقطاي، والمراقب العام لسوريا، محمد وليد، وعضو البرلمان التركي، نوره الدين نباتي، وجنار أك دِيمير، نائب مفتي إسطنبول، وممثل مؤسسات المجتمع المدني التركية، محمد جوناي، ورئيس المؤسسين في حركة البناء الوطني، طاهر زيشي. 

 

صمام أمان 


وأكد إبراهيم منير خلال كلمته، أن الجماعة قامت بقيادة "صحوة إسلامية راشدة وإيقاظ وعي الشعوب في المطالبة بحقوقها، وأرست مفهوما جديدا للإصلاح والتغيير في المجتمعات على هدي من منهجِها السلْمي، وقدمت صورا غير مألوفة في التكافل الاجتماعي، وقدمت نَموذجا فريدا في تطبيق مبادئِ الاقتصاد والاستثمار الإسلامي".


وأضاف : "دعوتنا دعوة حوار وتفاهم مع المخالفين في الرأيّ والمُعتقد داخل الأوطانِ وخارجِها، سعيا لاستقرار المجتمعات، وعقولنا مفتوحةٌ للتعاون والتفاهم مع كل الحضارات فيما يُفيدُ البشريةَ بما تُجمع عليه الرسالات السماوية وتجارِب العمل الإنسانيّ الشريف".


وتابع:" لم تأت دعوة جماعة الإخوان عام 1928 لتكون مسجدا ضرارا أو منافسا لأي جماعة أو هيئة كانت الأمة وقتها في حاجة إليها، ولكنّها جاءت كصوت إصلاحي؛ يعمل على عودة الوعي لكل طوائف الأمة".


 ونوه منير إلى أن الجماعةُ تسعى اليوم بالصبرِ والمصابرة، والاستعانة بالله أولا وأخيرا لتكون في القرنِ الجديد تحت شعار واحد ثابت لا يتغير بتغيرِ الزمان والمكانِ وهو: (اللهُ غايتُنا والرسولُ قُدوتُنا والقرآنُ دستورُنا والجهادُ سبيلُنا والموتُ في سبيلِ الله أسمىَ أمانِينَا)".


واستطرد قائلا:" واصلت الجماعة مسيرتها وحملت أمانتها في ربوع الدنيا – تجتهد ما وسعها – ويتوالى على حمل هذه الأمانة أجيال من العاملين والدعاة، دون إفراط أو تفريط، بالرغم من كل ما يواجِهُونه من ظلم واضطهاد".


ورأى أنه خلال تسعين عاما مضت استطاعت الجماعة رغم كل المظالم التي وقعت عليها أن تُقدم لأمتها وأوطانها ما نعتبره إنجازا، حسبةً لوجه الله، وأهمُها ترسيخ الفكرة الإسلامية الوسطية والشاملة، والإسهام في دعوة الشعوبِ إلى صحيح دينهم"، مشيرا إلى أن الجماعة كانت دائما صمام أمان لمجتمعاتها من الانزلاق إلى هاوية التكفيرِ، أو العنف والتطرف، أو الوقوع في كوارث الحروب الأهلية والفوضى".

 

رؤية الجماعة


وأوضح أن رؤيتهم تتمثل في أنهم جماعة إسلامية ربانية، عدتُها الأولي تنطلق من الإيمانِ الكامل بالله وقدرته المطلقة والثقة في نصرِه وتأييدِه والتسليمِ بحِكمته في إدارة شئون الكون، لسنا حزبا سياسيا عدتُه الصفقات وتبادل المصالح".


وقال:" تَحرص الجماعة على مراجعة وتقييم أدائها باستمرار، والتجديد في كوادرِها وهياكلِها، والتطويرِ في خُططها، وهو ما أكده الإمام البنا في مقدمة رسالة المؤتمرِ الخامسِ عامَ ألف وتسعمئة وثمانية وثلاثينّ، بقولِه: (ولا بأسَ بأنْ يتقدمَ إلينَا من وصلتْهُ هذه الدعوةُ ومن سَمِعَ أو قرأَ هذا البيانَ، برأيهِ في غايتِنا ووسيلتِنا وخُطواتِنا، فنأخذَ الصالحَ من رأيهِ، ونَنزِلَ على الحقِ من مشورتِه، فإنَّ الدينَ النصيحةُ للهِ ولرسوله ولكتابِه ولأئمة المسلمينَ وعامتِهم)".

 

وعن معنى الاحتفالية في وقت كالذي تمر به جماعة الإخوان المسلمين من أزمات متلاحقة، والانتقادات التي وجهت للحفل من قبل عدد من قيادات وشباب الجماعة، المتحدث الإعلامي باسم الإخوان المسلمون طلعت فهمي، إن "الغرض من الاحتفالية هو تأكيد فكرة أن جماعة الإخوان المسلمين وجدت لتبقى".


وأكد فهمي أن الجماعة "تقوم بعمل مراجعات وذلك عبر آليات خاصة نظرا لطبيعة الظروف التي يعيشها الإخوان"، مؤكدا أن "الجماعة تمتلك رؤية وهي إزالة الانقلاب وعودة مصر لأهلها، لكن تفصيلات ذلك ليس مكانها الإعلام".

 

رسالة وفاء


من جانبه قال القيادي بالجماعة أيمن عبد الغني، إن الإخوان ليست شأنا مصريا فقط، والحفل عبارة عن فاعلية رمزية لإحياء الذكرى الـ 90  فهي ترمز إلى أمور من أهمها؛ وحدة الأمة والأخوة الإسلامية بين أبناء الأمة والحركة الإسلامية بشكل خاص، وهي رسالة وفاء من الجماعة إلى أبنائها الذين استشهدوا أو غيبوا في السجون، من أجل أن تحقق الجماعة رسالتها وأهدافها بأن الجماعة ماضية في طريقها وتحقيق رسالتها، رغم الأزمات والصعاب التي تمر بها الأمة والجماعة خصوصا في أغلب أقطار العالم الإسلامي".


وفي المقابل، أبدى القيادي في جماعة الإخوان الأستاذ بجامعة الأزهر جمال عبدالستار في حديثه لـ"عربي21" تمنياته لو أن الجماعة "احتفلت في تسعينياتها، بالإعلان عن نتيجة المراجعات الفكرية التي كان من المفترض أن تُعد خلال الخمسة أعوام السابقة، وتُقدم للصف والأمة القرارات الاستراتيجية الناتجة عن تلك المراجعات".


وأضاف: "تمنيت أن يكون الاحتفال بدراسة الأهداف التي من أجلها أنشئت الجماعة وواقع زمن الإنشاء، وهل تغير الواقع بعد تلك التسعين أم تغيرت الأهداف، وهل من الممكن وضع أهداف جديدة تتناسب وواقع الأمة الآن، أم إن الأمور كما هي ولم يتغير شيء؟".


وتابع: "تمنيت أن يكون الاحتفال بالاستجابة لكل نداءات العقلاء والعلماء، وذلك بإعلان إعادة هيكلة التنظيم، وتسليم الراية لجيل جديد من الشباب النابهين والصادقين وما أكثرهم، تسليمها لجيل قادر على تحدي الصعاب وتوحيد الصفوف وقيادة الحركة لبعث جديد، على أسس علمية ومناهج تجديدية وحركة واقعية ومنطلقات شرعية".


وأردف: "تمنيت أن يكون الاحتفال انطلاقة حقيقة واقعية فتية، وليس تكريسا لكل قديم وإن مضى زمنه، تمنيت أن يكون الاحتفال إعلانا عن قرارات عامة تزلزل أركان الباطل أو توحد صفوف الحق".

 

لا زال في الوقت متسعا


وقال المتحدث باسم شباب الإخوان، صهيب عبد المقصود، إن "الصراع مستمر بين الحق والباطل، تتعدد أشكاله وتتغير أساليبه، لكنه ماض، لا ينقضي، حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا، ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة، مضيفا:" هذا اختبار يحتاج منا إلى حسن إعداد وتدبير، وكثرة عمل يسبقه التفكير".


وأضاف:" لا تيأسوا فليس اليأس من أخلاق المسلمين، وحقائق اليوم أحلام الأمس، وأحلام اليوم حقائق الغد، ولا زال في الوقت متسعا، ولا زالت عناصر السلامة قوية عظيمة في نفوس شعوبكم رغم طغيان مظاهر الفساد، والضعيف لا يظل ضعيفا طول حياته، والقوي لا تدوم قوته أبد الأبدين".


وأكدت المتحدث باسم الأخوات في الجماعة، أسماء الدليمي، أن المرأة في جماعة الإخوان المسلمين خاضت في ظل التحولات السياسية التجربة البرلمانية وأصبحت نائبة في البرلمانات وفي مجالس المحافظات والمجالس البلدية، وشاركت في كل الفعاليات المناهضة للظلم والاستبداد وساهمت في المؤتمرات الدولية والمحلية.


وأشارت إلى أن المرأة في الإخوان تصدت مع كل منظمات ومؤسسات مختلفة للاتفاقيات الدولية التي تسعي لهدم الأسرة وتهدف لحرف المجتمع عن قيمه، وساهمت في انشاء منظمات المجتمع المدني المختلفة وحققت الكثير من المنجزات التي عالجت قضايا مختلفة، ومنها قضايا الزواج والعنوسة والطلاق وأطفال الشوارع ومشاكل الأيتام والأرامل والمشاكل الناجمة عن الفقر والجهل والبطالة، وما إلى ذلك من مشاكل مجتمعية واسعة".


وشدّدت على أن جماعة الإخوان تبنت قضية المرأة، وقدمت لها الكثير حتى باتت عضوا فاعلا في بناء المجتمع، وأثبتت جدارتها في الإسهام في تغيير وجهة العالم نحو الأفضل.


بدوره، أشار رئيس مجلس القضاء الأعلى في دولة جنوب أفريقيا، عرفان إبراهيم، إلى "انتماء العديد من أبناء جنوب أفريقيا إلى جماعة الإخوان على اختلاف ألوانهم وقبائلهم، فانصهر الجميع في أخوة صادقة لا تعرف التفرقة العنصرية التي كان يفرضها علينا الوافد من الغرب".

وقال:" لقد فرّق الاحتلال بيننا على أساس ألوان. فرأينا في دعوة الإخوان المحبة والأخوة متجسدة بين الجميع كما كانت على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم"، مؤكدا أن دعوة الإخوان حصّنت "شبابنا وأبناءنا من الانحراف الفكري والتطرف والعنف، وانتهجت دعوة تنسجم مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فلم نسمع في جنوب أفريقيا عن حوادث عنف أو ترويع للناس، بل الفهم الصحيح لدين الله".


ونوه إلى "انتشار المراكز الإسلامية التي يديرها أفراد من الإخوان المسلمين في أماكن عديدة من البلاد، فعرضت دعوة الإسلام على الناس عرضا سلسا مقنعا، فدخل الناس في دين الله أفواجا، وبفضل الله تعالى، ثم بجهود هذه المراكز دخل آلاف الناس إلى الإسلام، وانخرطوا في هذه المراكز في دورات يتعلمون فيها أصول الإسلام وفرائضه".