اقتصاد عربي

إجراءات إصلاحية تهدد رحلة خفض أسعار الفائدة في مصر

المركزي المصري اتخذ قرار خفض الفائدة للمرة الثانية، بمقدار واحد بالمئة خلال 6 أسابيع- أ ف ب

رحبت أوساط المال والأعمال في مصر بقرار البنك المركزي المصري، بتاريخ 29 آذار / مارس 2018، خفض أسعار الفائدة الرئيسية واحدا بالمائة على الإيداع والإقراض، إلى 16.75 و17.75 بالمئة للمرة الثانية على التوالي.

وعادة ما يتأثر رجال الأعمال، جراء رفع الفائدة إلى مستويات قياسية، مثلما حدث في مصر، بعد تحرير سعر صرف الجنيه المصري في 3 تشرين الثاني / نوفمبر 2016، لاحتواء معدلات التضخم.

لجنة السياسة النقدية بالمركزي المصري، دافعت عن القرار باعتباره يتسق مع تحقيق معدلات التضخم المستهدفة عند 13 بالمئة في الربع الأخير من 2018، وتحقيق معدلات دون 10 بالمئة لاحقاً.

استهداف التضخم

المحلل والخبير الاقتصادي محمد توفيق قال إن المركزي المصري اتخذ قرار خفض الفائدة للمرة الثانية، بمقدار واحد بالمئة خلال 6 أسابيع، مرتكزا على انخفاض معدل التضخم وعدم التخوف من الدولرة.

وتراجع معدل التضخم السنوي في مصر إلى 13.1 بالمائة في آذار / مارس الماضي، مقابل 14.3 بالمئة في الشهر السابق له.

ويضيف أن خفض الفائدة في الاجتماعات المقبلة للجنة السياسة النقدية بالمركزي بالمصري، "يتوقف على مدى استيعاب الأموال الخارجة من شهادات ذات العائد الـ 20 بالمئة، وعدم إحداثها تضخما في الأسواق".

وفي منتصف شباط / فبراير 2018، بدأ المركزي المصري خفض أسعار الفائدة بنسبة واحد بالمائة على الإيداع والإقراض، إلى 17.75 بالمئة، و18.75 بالمئة على التوالي.

وحينذاك، سارع بنكا "الأهلي" و"مصر" إلى وقف إصدار شهادات الادخار ذات العائد 20 بالمئة، التي تم إصدارها بعد قرار تعويم الجنيه، على أن يستمر حاملوها في الاستفادة من العائد حتى نهاية أجلها.

توقيت مناسب

وبدأ التضخم في مصر، موجة صعود منذ تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية في 3 تشرين الثاني / نوفمبر 2016.

غير أنه بدأ في التراجع تدريجيا اعتبارا من آب / أغسطس الماضي، بعدما سجل مستوى قياسيا في يوليو/ تموز الماضي عند 34.2 بالمائة.


اقرأ أيضا :  لماذا سربت الحكومة المصرية رغبتها برفع الأسعار؟


وتقول إسراء أحمد، وهي محللة اقتصادية في بنك استثمار "مباشر العالمية" في مصر، إن توقيت قرار خفض الفائدة ممتاز لعدة أسباب.

وتوضح أحمد في مذكرة بحثية، أن القرار "يحتفظ بمعدل فائدة حقيقي موجب"، لكون الفائدة أعلى من معدل التضخم الحالي.

وتضيف أن "أسعار الفائدة المرتفعة أدت دورها في جذب التدفقات الساخنة لسوق أدوات الخزانة المصرية".

وكان البنك المركزي المصري قد رفع أسعار الفائدة الأساسية بنسبة 7 بالمئة على ثلاث مرات منذ تعويم الجنيه لتصل إلى 18.75 بالمئة للإيداع و19.75 بالمئة للإقراض؛ بهدف كبح التضخم ودعم القدرة الشرائية للجنيه، قبل أن يبدأ مرحلة خفض الفائدة.

وفي 10 شباط / فبراير الماضي، قال وزير المالية المصري عمرو الجارحي إن استثمارات الأجانب في أذون الخزانة، قفزت إلى ما بين 20.2- 20.3 مليار دولار منذ تعويم الجنيه في 3 تشرين الثاني / نوفمبر 2016.

وتوضح "إسراء" أن الفترة القادمة من العام "لن تكون مناسبة للخفض مجددا مع تزامن منتصف العام مع شهر رمضان، وإجراءات الإصلاح المالي المتوقع تطبيقها"، في إشارة إلى خفض الدعم المرتقب عن الكهرباء والوقود ومترو الأنفاق والقطارات.

وتؤكد أن خفض أسعار الفائدة "يصب في صالح الموازنة العامة بشكل كبير، والتي تحتاج لتخفيف الضغط عن بند مدفوعات الفوائد".

ويقدر مشروع الموازنة العامة المصرية أن ترتفع فوائد الديون بنحو 23.2 بالمئة إلى 540 مليار جنيه (30.7 مليار دولار) في العام المالي المقبل، مقابل نحو 438 مليار جنيه ( 24.9 مليار دولار) في العام المالي الجاري.

مخاطر محتملة

وأكد المركزي المصري في بيانه الصادر 29 آذار / مارس الماضي: "تتمثل المخاطر المحلية بالنظرة المستقبلية للتضخم، في توقيت وحجم الإجراءات المحتملة لإصلاح منظومة الدعم، وكذلك الضغوط الناجمة عن الطلب".

وأضاف: "أما المخاطر الناجمة عن الاقتصاد العالمي، فتتمثل في ارتفاع أسعار البترول الخام وكذلك وتيرة تقييد الأوضاع النقدية العالمية (رفع أسعار عالميا)".

ويتوقع بنك استثمار "بلتون المالية - مصر" في مذكرة بحثية حصلت عليها الأناضول، أن يبلغ إجمالي خفض أسعار الفائدة 4 بالمائة خلال العام المالي 2017/2018.