صحافة دولية

الغارديان: هل أصبحت تيريزا ماي رهينة لتغريدات ترامب؟

الغارديان: تيريزا ماي أصبحت مثل سلفها توني بلير رهينة للأمريكيين- جيتي

نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للمعلق البريطاني سايمون جينكنز، يؤكد فيه أنه لا مصلحة لبريطانيا في التدخل في سوريا

وينتقد جينكنز في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، رئيسة الوزراء تيريزا ماي، التي قال إنها أصبحت مثل سلفها توني بلير رهينة للأمريكيين، مشيرا إلى أن سوريا تحتوي على العناصر كلها التي قد تقود إلى حروب عالمية. 


ويتساءل الكاتب في بداية مقاله عن الدور البريطاني، قائلا: "لم أسمع أي خبير يوضح كيف سيخدم إطلاق الصواريخ على بلد في تعزيز فرص السلام، أو يقود ديكتاتورها بشار الأسد للتراجع؟ فكل ما ستقوم به هو تدمير البنايات وقتل الناس".

وينتقد جينكنز اللهجة الشعبوية في الخطابات النارية لترامب وتغريداته الغريبة، محذرا في هذا السياق من تصديق صناع السياسة البريطانية لهذا الكلام، ويقول: "قد نقبل بأن الهجمات الكيماوية على إحدى ضواحي دمشق كانت على أكثر احتمال من تنفيذ طياري النظام، مع أن المتمردين عادة ما يقتلون أبناء شعبهم للحصول على التعاطف، رغم أن بريطانيا قتلت مدنيين في هذا المسرح. لا، نحن لا نقوم بتسميم أبنائنا، لكننا نزعم أننا نملك الحق بتفجير مدنيي الدول الأخرى إربا إربا". 

ويعلق الكاتب على ما قالته ماي، بأن الهجوم "لا يمكن أن يمر دون رد"، قائلا إنها سياسية تحب الأفعال غير المتعدية، ويتساءل: "فمن سيكون الوكيل وبأي سلطة؟ فوقت معاقبة القيادة السورية يحل عندما تنتهي الحرب، والتدخل الخارجي لن يحدث فرقا باستثناء أنه سيؤجل نهايتها، وهذا أمر قاس جدا". 

ويشير جينكنز إلى أن "الأزمة تكشف عن نزاع متهور، فاللغة الهستيرية ترقص مع آلية العسكر، وتبحث عن أسباب لارتكاب العنف وليس تجنبه، وعليه لم يكن هناك سبب أو أسباب لمشاركة غزو العراق عام 2003، بقدر ما كانت منافسة في قرع السيوف بين توني بلير وجورج دبليو بوش، كما لم يكن هناك سبب للمواجهة بين فرنسا وألمانيا عام 1870، ولم يكن هناك سبب لحرب عام 1914 أبعد من اغتيال الدوق الصربي، وكما كتب إي جي بي تيلور عام 1914: (لم يكن هناك أي تصميم واع يدعو لاندلاع حرب)، حيث أساء الساسة التقدير، وأصبحوا سجناء لسلاحهم الخاص، وقامت الجيوش التي أنشئت لتوفير الأمن وحماية السلام بشن حروب الأمة، وأتساءل ماذا كان سيقول تيلور عن تغريدة ترامب (تجهزي روسيا)". 

ويرى الكاتب أن "معظم الحروب اليوم تتبع شرارة تحالفات عرضية والتزامات، وفي ظل غياب المنبر القوي، أو حتى (الخط الساخن) بين القادة، الذي يتم من خلاله حل الخلافات الهامشية، حيث تم الحفاظ على السلام في أوروبا ولمدة 50 عاما، من خلال مجالس كونغرس فيينا 1815، لكنها انهارت من الإجهاد على ما يبدو، والخوف الآن هو انهيار ترتيبات الحرب الباردة ما بعد عام 1945، التي أشرفت عليها الأمم المتحدة، ولم تعد لها فائدة". 

ويقول جينكنز إن "على العالم أن يخشى من حروب الوكالة، فبريطانيا لا ناقة لها أو جمل في الحرب السورية، التي هي بمثابة عودة بائسة لواحد من النزاعات المرة من التناحرات القبلية في الشرق الأوسط، فالحرب في سوريا قامت على الأسد، الذي كان قادرا على الاستعانة بروسيا وإيران، اللتين قدمتا له العون بفعالية مثيرة للكآبة، وعلى المعارضة السورية، التي شجعت على الصمود، من خلال الدعم المعنوي الغربي والمادي من السعوديين المعادين لإيران، ودفعت سوريا الثمن القاسي وتدخلا جديدا يبدو الآن جنونا". 

 

ويتهم الكاتب ماي بأنها "محاصرة من واشنطن تماما، كما حصل لبلير عام 2003، ومن الواضح أن مستشاريها لا يعتقدون بأن ضربة عسكرية لسوريا هي الطريقة المثلى للرد على الهجمات الكيماوية، ولكنها -أي ماي- مترددة في الاعتراف بهذا، وتزعم أنها ليست بحاجة لمصادقة البرلمان على عمل عسكري وتوجيه ضربات صاروخية، وهذا الاعتقاد يعود إلى زمن الملوك وجنرالاتهم، الذين كانوا يحتاجون إلى تقدير يدفعون فيه المخاطر عن الأمن القومي". 

ويجد جينكنز أن "لا يوجد تهديد الآن، وهذا ليس قرارا عسكريا أو له علاقة بالسياسة، خاصة لحكومة أقلية، كحكومة ماي". 

ويلفت الكاتب إلى أن "بلير حاول عام 2003 الحصول على دعم البرلمان لغزو العراق، وإن كان مبرره غير صحيح، وحصل عليه بشكل مخجل، وفي عام 2013 حاول ديفيد كاميرون الحصول على دعم للقتال في سوريا وحرم منه، ويمكن لماي تجنب تصويت على قرار المشاركة في العمل العسكري، لكنها تواجه معارضة الرأي العام للمشاركة ( 43% ضد) مقابل (22% مع)، والمشكلة هي ماذا سيحدث بعد؟ فانتقام على طريقة العين بالعين، سيكون فرصة جيدة وتكرارا لعملية العام الماضي، لكن ماذا سيحدث لو قتلت الضربات الروس أو الإيرانيين، حيث يقال إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يعيش حالة من الرهاب، وهو يواجه مرجلة ترامب، ويحدث هذا عندما يسيطر القادة على العسكريين، ويأخذون منهم رخصة تحديد السياسة". 

ويبين جينكنز أن "هذا كله يظهر ضعف الأسس التي تحمي السلام العالمي، ويتم حرف ميزان القوة، فلا يوجد في الوضع الحالي ما يدعو إلى مواجهة بين القوى العظمى، فقط الشخصيات النرجسية والمحاصرة هي التي تبحث عنها، فعلى المنتصرين في الحرب إظهار ضبط النفس والصبر أمام المهزومين، فهزمت روسيا عام 1989، لكن الغرب يتفاخر بهذا منذئذ".

ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "روسيا مذنبة في سوريا، لكن ليست هذه هي النقطة، ففي هذه الأزمة الأولى بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة، فعلينا، كما يبدو، الاعتماد على روسيا لتظهر الصبر والانضباط، وليس أمريكا، وهذا احتمال مشؤوم".