ملفات وتقارير

هل تخسر مصر معركة المياه مع أثيوبيا.. وما حظوظ تدويلها؟

مختصون قالوا إن خيارات مصر محدودة فيما يتعلق بالتعامل مع سد النهضة- جيتي

أقرت مصر بصعوبة المفاوضات مع إثيوبيا بشأن الدراسات المتعلقة بآثار تشغيل سد النهضة التي قد تحرم البلاد من جزء كبير من حصتها البالغة 55 مليار متر مكعب، وتجاوزت الخلافات بين البلدين مسألة بناء السد من عدمه بعد إقرار السلطات المصرية بحق إثيوبيا في بناء السد.

وأكد خبراء دوليون ومختصون في المعاهدات الدولية، وشؤون موارد المياه في تصريحات لـ"عربي21" أن خيارات مصر "تبدو محدودة" بما فيها تدويل أزمة سد النهضة، أو محاولة انتزاع اتفاقات تجبر إثيوبيا على إرجاء طموحاتها من تشييد السد وبدء تشغيله.

وخلال مؤتمر صحفي لوزير الخارجية المصري سامح شكري مع نظيره الفرنسي جان لودريان بالقاهرة، الأحد، اشتكى الأول من تعنت الموقف الأثيوبي، وتجاهل مقترحات بلاده قائلا: "حرصت مصر على أن يكون هناك اجتماع 20 نيسان/ أبريل الفائت، ولم يكن هناك رد، واقترحنا بعد ذلك يوم 28 من نفس الشهر ولم يكون هناك اتفاق، وطرحت يومي 3 و4 آيار/ مايو المقبل".

وأعرب شكري عن خيبة أمله في عدم التوصل لاتفاق بالقول: "بعدما انقضت ثلاث سنوات منذ توقيع اتفاق المبادئ في الخرطوم، مازال الوضع مجمدا"، مشيرا إلى أن هناك اجتماعا للجنة الفنية في 4 آيار/ مايو ويعقبه اجتماع آخر على المستوى التساعي يوم 15 من نفس الشهر".

فات الوقت


وفي هذا الصدد؛ اعتبر مدير إدارة القانون الدولي والمعاهدات الدولية الأسبق، السفير إبراهيم يسري، في تصريحات لـ"عربي21" أن الوقت فات لتدويل قضية "سد النهضة" أو حلها بشكل تفاوضي أيضا، قائلا: "لن ينفع تدويل القضية، ولن تنفع الحلول التفاوضية".

وأرجع ذلك إلى "أن الوقت تأخر كثيرا، وأن مثل تلك الحلول لن تجدي نفعا، فإثيوبيا إذا نجحت في استكمال سد النهضة ستصبح أقوى دولة أفريقية، وسيكون معها كنزان (المياه، والكهرباء) وهما عماد أي نهضة في أي بلد"، لافتا إلى أنه "حذر من تداعيات بناء السد قبل سنوات من شروع إثيوبيا في بنائه دون جدوى، من خلال خطة لمواجهة هذا المشروع".

 

اقرأ أيضا: مصر تواجه أزمة سد النهضة بمنع زراعة الأرز والقصب وحبس الفلاح

وأشار إلى أن "توقيع مصر على الاتفاقية الثلاثية في الخرطوم في عام 2015 قد يعوق أي جهود إذا ما قررت مصر تدويل مسألة سد النهضة؛ لأنها أقرت بحق إثيوبيا في البناء والتشييد"، مؤكدا أن "الموقف المصري الآن ضعيف، ولن يستطيع النظام القيام بأي تحرك جاد".

آن الآوان للتحرك


وقال خبير المياه ومستشار وزير الري والموارد المائية الأسبق، صفوت عبدالدايم، لـ"عربي21": "يصعب أن تكون هناك رؤى فردية في الوقت الحالي بعد مرور ثلاث سنوات من المفاوضات مع الجانب الإثيوبي، فالقيادة السياسية في البلاد هي التي تقرر الخيار المناسب"، مشيرا إلى أن "جميع الخيارات مدروسة ومعروفة، وتم التطرق لها".

ووصف وضع المفاوضات بـ"الدائرة المغلقة"، وتابع قائلا: "إن تحريك المياه الراكدة في المفاوضات يقع على كاهل المسؤولين، لكن بالتأكيد سيكون على رأس أولوياتهم الخروج من هذه الدائرة المغلقة، وعلى المسؤولين الذين هم في اتصال مباشر مع الطرف الآخر، وبطبيعة المفاوضات، أن يحدووا ملامح الخطوة المقبلة بصفتهم القائمين على الأمر".

وعن أسباب مراوغة الجانب الإثيوبي أجاب "التعنت الإثيوبي يفهم في سياق ضيق الأفق؛ لأن الأمر ليس بناء المشروع من عدمه، إنما كيفية ملء هذا السد وتشغيله، وهو ما يؤكد عليه المفاوض المصري، وسيصل مع الجانب الآخر آجلا أو عاجلا إلى اتفاق".

وأرجح أن يكون تعثر المفاوضات من طرف الجانب الإثيوبي سببه "الظروف الداخلية لديهم، من بينها عدم وجود وضوح رؤية لما هو آت، ولا خيار واضح أمامهم، وبالتالي يظل يراوغ حتى يكون رؤية يظن أنها تحقق مصالحة".

بدائل ضخمة


أما خبير المياه والسدود السابق بالأمم المتحدة، أحمد الشناوي، فرأى أن "مصر يمكنها تدويل القضية، ومن الناحية القانونية يحق لها وقف بناء هذا السد، ولكن هذا الأمر يستغرق وقتا طويلا، وربما ينتهي البناء وعملية الملء قبل أن تظفر بأي حكم يؤيد دعواها".

وكشف لـ"عربي21" أن "السيناريو المقبل هو استمرار إثيوبيا في بناء السد حتى الانتهاء منه في 2020 وعندئذ ستكون مصر بحاجة إلى المياه ولن يكون أمامها سوى خياران، إما أن تعطي إسرائيل من مياه النيل، أو تدفع ثمن المياه، محذرا في الوقت نفسه من احتمال "انهيار السد لأن الشركة الإيطالية القائمة على تنفيذه أقامت سدا مشابها في كينيا وانهار".

 

اقرأ أيضا: هل يكون سد النهضة طريق إسرائيل للتطبيع مع القاهرة؟

وأوضح أن "مصر أمامها طريقان للسير فيهما، وهو تحويل مسار نهر الكونغو لجنوب البلاد لوتفير 300 مليار متر مكعب ما يعادل 6 أضعاف موارد مصر من نهر النيل ومن ثم إقامة عشرات السدود عليه لتوليد طاقة تقدر بأكثر من 30 جيجا وات، والآخر تجفيف بحيرات جنوب السودان، وزراعة ملايين الأفدنة، فهناك 3 مستنقعات كبرى للاستفادة منها بملء قناة جونقلي وضخها في نهر النيل ما يوفر لمصر 27.5 مليار متر مكعب من المياه".