صحافة دولية

بلومبيرغ: هل باتت المواجهة وشيكة بين إسرائيل وإيران؟

بلزمبيرغ: إسرائيل وإيران في طريقهما إلى الحرب- جيتي

نشر موقع "بلومبيرغ" تقريرا، يقول فيه إن منطقة الشرق الأوسط شهدت انقلابات وغزوات خارجية وحروبا بالوكالة، إلا أنها لم تشهد منذ ثمانينيات القرن الماضي مواجهة مباشرة بين طرفين إقليمين مهمين. 

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن هناك مخاوف من أن حربا وشيكة قد تندلع على أرض سوريا بين إيران وإسرائيل، فقوات الجمهورية الإسلامية تحصن نفسها، بعد انضمامها للقتال من أجل دعم نظام بشار الأسد، ولهذا تقوم الدولة اليهودية بسلسلة من الغارات الجوية التصعيدية ضد هذه القوات؛ لأنها تنظر لوجودها على حدودها على أنه تهديد مباشر، ولا أحد يتوقع أن تمر هذه الغارات دون رد.

 

ويقول الموقع إن الطريق للتصعيد يبدو واضحا، والخطاب المستخدم فيه قيامي، حيث قال وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان: "سندمر كل موقع يحاول الإيرانيون التحصن فيه"، وذلك في حديثه للموقع السعودي "إيلاف"، قائلا إن "النظام الإيراني يعيش آخر أيامه"، مشيرا إلى أن نائب قائد الحرس الثوري حسين سلامي في طهران، قال: "هناك 100 ألف صاروخ تنتظر الطيران" مباشرة إلى إسرائيل، محذرا من أنها ستجلب معها "الإبادة والانهيار".

 

ويجد التقرير أنه "مع أن التهديدات المتبادلة بين الطرفين عمرها عقود، إلا أن ما جد اليوم هو الحرب الأهلية السورية، التي جرت الطرفين إليها، وقدمت ساحة للحرب أقرب إلى إسرائيل منها لإيران".

 

ويورد الموقع نقلا عن مسؤولين إسرائيليين، قولهم إن هناك 80 ألف مقاتل في سوريا يأتمرون بأوامر إيران، ويساعدون الأسد على استعادة المناطق، مستدركا بأن حزب الله نشر مقاتليه على بعد كيلومترات قليلة من مرتفعات الجولان، فيما تعهدت إيران بالانتقام للمواطنين الإيرانيين الذين قتلوا في الغارات الجوية، و"تملك العديد من الخيارات لتنفيذ هذا التهديد". 

 

ويذهب التقرير إلى أنه في ظل برميل البارود الذي ينتظر الانفجار، فإن هناك مخاطر من اشتعال مواجهة في الجولان، حيث يقول عضو لجنة الأمن والشؤون الخارجية في الكنيست عوفير شيلاخ: "أخشى من إمكانية اشتعال عود كبريت في الجولان وينتشر إلى البحر". 

 

ويلفت الموقع إلى أن ما يثير قلق إسرائيل، بحسب شيلاخ، هو غياب الدور الأمريكي، وفشل واشنطن في فرض تسوية في سوريا، تضمن أمن حليفتها، حيث يقول: "لا نستطيع تأكيد مصالحنا إلا من خلال القوة".

 

ويفيد التقرير بأنه "بدلا من تخفيف التوترات، فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب -وبدفع من إسرائيل- يقوم بتصيعدها، فبتهديده بالخروج من الاتفاقية النووية مع إيران الأسبوع المقبل فإنه أضاف بعدا ملتهبا للمزيج الناري". 

 

ويبين الموقع أن القوة الوحيدة ذات النفوذ والمنفتحة على الطرفين، التي يمكنها أداء دور الوسيط هي روسيا، حيث غير تدخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عام 2015 ميزان الحرب لصالح الأسد، وجعل من بلاده لاعبا مهما هناك، لافتا إلى أن بوتين يهتم بتسوية سلمية يحمي من خلالها مكاسبه السياسية، ولهذا فإن من مصلحته تجنب انتشار الحرب. 

 

ويستدرك التقرير بأن "هذا لا يعني أن بوتين يستطيع الحد من تصرفات إيران، ففي الوقت الذي تملك فيه روسيا علاقات ودية مع إسرائيل، إلا أن علاقاتها وتداخل مصالحها مع الجمهورية الإسلامية تتفوق على تلك التي مع إسرائيل، حيث تؤدي القوات البرية الإيرانية على الأرض في سوريا دورا حيويا في العملية الروسية هناك، وترى إيران في كل من بيروت ودمشق طرفا متعاطفا معها، خاصة أنها تتعرض لهجمات وتهديدات دائمة بتغيير النظام".

 

وينقل الموقع عن نائب مدير معهد الشرق الأوسط في واشنطن بول سالم، قوله: "الآن، تخرج الإيرانيون من مهمتهم لمساعدة الأسد إلى (بناء حضورهم الاستراتيجي ضد إسرائيل)"، ويضيف: "على ما يبدو فإنه لا الروس ولا نظام الأسد يستطيعون السيطرة أو التحكم في هذه الأمور.. الوضع غير مستقر ولا يمكن إدارته".

 

وينوه التقرير إلى أن إحدى الطرق لفحص قدرة الروس على إدارتها ربما حصلت في جنوب سوريا، حيث لا يزال تنظيم الدولة والجماعات المتشددة الأخرى تسيطر على مناطق، قريبا من الحدود مع إسرائيل، التي قد تكون الهدف المقبل للأسد. 

 

ويورد الموقع نقلا عن الخبير في شؤون الشرق الأوسط في المجلس الروسي للشؤون الدولية يوري بارمين، قوله: "قبل أن يفعلوا هذا فإن الروس يحتاجون لترتيبات مع الإسرائيليين"، مشيرا إلى استعداد الروس لـ"التفاوض حول موضوع إيران ووجودها" في المنطقة.

 

وبحسب التقرير، فإن هذه ربما لم تكن كافية لإرضاء الإسرائيليين الذين توسعوا أبعد من الحدود، ففي المراحل الأولى من النزاع استهدفت الغارات الإسرائيلية تدمير قوافل السلاح وهي في طريقها إلى حزب الله، لافتا إلى أنه حدث تغير جوهري في الغارات، ففي الشهر الماضي استهدفت غارتان نسبتا إلى إسرائيل مواقع إيرانية دائمة داخل العمق السوري.

 

وينقل الموقع عن عاموس غيلاد، الذي ترك قبل فترة دائرة الشؤون السياسية العسكرية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، قوله: "النظر إلى الأمور من منظور كم كيلومترا تبعد إيران هو ضيق أفق.. لا يمكن السماح لإيران بأن تقيم قواعد عسكرية في سوريا، وإسرائيل مصممة على منعها"، فيما يرى سالم أن إسرائيل وإيران قد تتجنبان حربا مباشرة قد تكون أكثر كلفة من حرب عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله. 

 

ويورد التقرير نقلا عن محللين، قولهم إن الأعمال العدوانية بدأت بغارات جوية، إلا أنه يمكن قصرها على سوريا، حيث يمكن تصفية الحسابات بينهما دون جر حلفائهما إلى الحرب، مشيرا إلى أن ليبرمان أكد أنه "لن تكون هناك مواجهة ابدا معهم". 

 

وينقل الموقع عن سامي نادر من معهد المشرق للدراسات الاستراتيجية في بيروت، قوله إن روسيا قد لا تعارض الغارات الإسرائيلية على مواقع في سوريا، طالما لم تؤد إلى الإطاحة بنظام الأسد، و"هي الورقة الرئيسية التي يجلبها معهم الروس إلى طاولة المفاوضات"، فيما يتحدث بارمين عن "تباين في المصالح" بين روسيا وإيران.

 

ويذكر التقرير أن رد روسيا كان حتى هذا الوقت على الغارات الجوية صامتا، مع أن المسؤولين الروس ردوا الشهر الماضي على الغارات الجوية الأمريكية لمعاقبة الأسد على استخدام السلاح الكيماوي، بإمكانية تزويده بنظام صواريخ أرض- جو (أس- 300)، وهو ما يهدد بتشكيل نقطة ساخنة لإسرائيل وفرصة للمواجهة. 

 

ويشير الموقع إلى أن إسرائيل شنت قبل نصف قرن غارة جوية ضد أعدائها العرب، وبعد سنوات عدة في عام 1973 فاجأها العرب بغارة جوية أخرى، منوها إلى أنه في كلا الحالتين اتخذ طرف واحد قرار الحرب. 

 

ويختم "بلومبيرغ" تقريره بالإشارة إلى قول شيلاخ إن الأمر اليوم مختلف، "إنه يحدث دائما بسبب تصعيد الوضع وتدهوره دون أن يتخذ أي طرف قرارا".