سياسة عربية

هكذا كشفت زيارة محلب حقيقة وعود السيسي بتنمية سيناء

محلب: الوضع الأمني بشمال سيناء أعاق المخطط التنموي.. والتحدي كان كبيرا جدا والضريبة كانت أكبر- جيتي

شكك محللون ومتخصصون في الشأن السيناوي في حقيقة الأرقام التي أوردتها الحكومة المصرية بتخصيص 250 مليار جنيه (14 مليار دولار) لتنمية وتعمير سيناء، في حين تبدو شمال سيناء خالية إلا من مظاهر الهدم والتخريب والتجريف.


وفي زيارة نادرة، ومحاولة في ما يبدو لرأب الصدع بين نظام السيسي وأهالي سيناء تفقد مستشارا السيسي للشؤون الأمنية ومكافحة الإرهاب اللواء أحمد جمال الدين، والمشاريع القومية والاستراتيجية إبراهيم محلب، محافظة شمال سيناء نهاية الأسبوع الماضي، برفقة عدد كبير من المسؤولين.


وفي تناقض لتصريحات السيسي، الذي أعلن عن تدشين خطة لتنمية وتطوير سيناء بقيمة 10 مليارات جنيه في 2014، أقر محلب خلال زيارته لأهالي سيناء بأن "الوضع الأمني بشمال سيناء خلال الفترة الماضية أعاق المخطط التنموي، وأن التحدي كان كبيرا جدا، والضريبة كانت أكبر".


وفاجأ أهالي سيناء المسؤولين المصريين بمطالبتهم بقائمة مطالب كانت في الماضي ضمن حقوقهم الطبيعية كمواطنين مثل فتح الطريق الدولي "العريش-القنطرة شرق" أمام حركة السيارات، وتخفيف الإجراءات الأمنية على معديات ونقاط العبور، والإفراج عن الموقوفين، والسماح بدخول المواد الأساسية وخامات التصنيع، وتعويض الفئات التي أضيرت، وتعويض المزارعين الذين أزيلت مزارعهم، وزيادة جذب العمالية إلى 450%.


تنمية على الورق


ويؤكد المتابعون للشأن السيناوي أنها أرقام على ورق لا يتحقق منها شيء، وهو ما ذهب إليه المتخصص في شؤون سيناء أبو الفاتح الأخرسي، حيث اعتبر وعود السيسي "حبرا على ورق، سمع بها أهالي سيناء كما سمع بها جميع المصريين من وسائل الإعلام والحكومة والجيش، ولكن لا أثر لها على أرض الواقع".

 

وأكد لـ"عربي21" أن "الحديث عن التنمية في سيناء هو حديث مكذوب ومغلوط، ولا أساس له إلا في أحلام حكومة السيسي ووعودها، خاصة مع غياب العنصر البشري، وإلا أين هي التنمية في سيناء؟ وماذا عن الهدم والتدمير والتهجير في مدينتي رفح والشيخ وزيد؟ وهل هناك تنمية بدون بشر؟ فهذا أمر لا يمكن تصوره".

 

اقرأ أيضا: لهذه الأسباب تراجع السيسي عن مشروعات تنمية سيناء

واستبعد في الوقت نفسه استجابة حكومة السيسي "لمطالب أهالي سيناء المشروعة سواء بالعودة إلى أرضهم، أو وقف ملاحقتهم، وتصفيتهم، أو عودة خطوط المياه والكهرباء والهواتف، وإلغاء حظر التجول، وحالة الطوارئ المفروضة منذ الانقلاب في 2103، والسماح بدخول البضائع وخروجها".


التنمية ومخطط التهجير


المتخصص في الشأن السيناوي، د. أبو عبدالله السيناوي، أكد بدوره، أن "موضوع محلب غير حقيقي لأنه يتنافى مع خطة السيسي القائمة على تهجير أهالي شمال سيناء، وإفراغ المنطقة الحدودية مع قطاع غزة، وبدأت تتسارع وتيرته في العريش من خلال التضييق على المواطنين في كل أشكال الحياة، ولدي كم كبير من الناس انتقلوا إلى القاهرة للعمل والعيش".


وأوضح لـ"عربي21" أن السيسي يستخدم أسلوبا جديدا في تهجير المواطنين غير الذي استخدمه في رفح والشيخ زويد بالهدم والجرف والتهجير من أجل إتمام صفقة القرن"، مشيرا إلى أن "استثمار 250 مليار جنيه يعني نقل كتلة سكانية من الدلتا أو مدن القناة للاستيطان في سيناء لإحداث تنمية، وهذا يهدد الأمن القومي للكيان الصهيوني، ولن يسمح به السيسي".


وأكد أن "هذا الحديث يدحضه إلغاء نظام السيسي مادة في دستور الثورة 2012 تنص على تنمية سيناء"، مشيرا إلى أن أغلب التنمية التي يقوم بها السيسي توجد على بعد 100 كيلومتر من العريش، وتبعد عن رفح نحو 150 كيلومترا، بعيدا عن الحدود الحقيقية التي تمثل أمن مصر القومي، والوعد الحقيقي الصادق للسيسي هو التواطؤ على شن حرب إسرائيلية على قطاع غزة لفتح باب اللجوء أمام سكان غزة في شمال سيناء".


وذهب إلى القول بأن "كل ما يقوله نظام السيسي هو ترويج معلومات مغلوطة للمجتمع الدولي للتغطية على جرائمة من ناحية، ولاستدرار مساعدات ومعونات ودعم خارجي"، لافتا إلى أن "كل ما يقال عن صرف تعويضات أو تسهيلات في الحركة والسفر، محض كذب، لدي أقارب هدمت بيوتهم ولم يحصلوا على قرش واحد، وتضرروا ولم يعوضهم أحد".

 

اقرأ أيضا: هل يجمد السيسي ودائع المصريين في مشاريع تنمية سيناء؟

وعود كاذبة


وعلق عضو لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس الشعب السابق، أسامة سليمان، بالقول إن "صح ما يدعونه فأحسب أن هذا جزء من برنامج يعد في دول الطوق كلها ومنها الأردن على سبيل المثال والكفيل الخليجي عبر ملء الأفواه الجائعة"، مشيرا إلى أن "ما يحدث لا يخرج أبدا عن ما يجري خلال هذه الأيام كاجتماع دول الخليج لدعم الأردن، وكذلك شراء رجال أعمال خليجيين للمنازل المقدسية بأسعار خيالية، فلا مانع أيضا من إلقاء الفتات لسيناء".


وأضاف لـ"عربي21": "لكن ما تعودته سيناء خلال العقود الماضية هو الوعود الكاذبة التي لا تنتهي من كل الأنظمة التي حكمت مصر"، معربا عن استغرابه من تخصيص مبلغ 250 مليار جنيه "في بلد غارق في الديون، وسيف صندوق النقد مسلط على رقاب المصريين".


وأكد أن "مثل تلك الوعود رشوة، وبالون اختبار لأهالي سيناء، والشعب المصري، للقبول بصفقة القرن وتبعاتها، وإيصال مياه النيل مستقبلا لإسرائيل مقابل تحقيق هذه الوعود، والفساد سيلتهمها كما التهم الكثير من هذه الصفقات المشبوهة على مر التاريخ".