سياسة دولية

هل تشكل الضغوط على السلطة عاملا إيجابيا بإنجاز المصالحة؟

وصل وفد حركة فتح برئاسة عزام الأحمد الأربعاء للعاصمة القاهرة- جيتي

تلقت حركتا حماس وفتح دعوة من المخابرات المصرية لزيارة القاهرة؛ للتباحث من جديد بشأن ملف المصالحة الفلسطينية، الذي لم يشهد تحقيق أي إنجاز يذكر منذ بداية العام الحالي.


ووصل وفد حركة فتح برئاسة عزام الأحمد، الأربعاء، للعاصمة القاهرة، كما أجرى الوفد لقاءات مع المسؤولين المصريين، في حين لم تعلن حماس حتى هذه اللحظة عن أسماء الوفد المشارك الذي سيمثل الحركة في هذه الجولة من المصالحة.


يأتي الإعلان عن هذه الدعوة من القاهرة في ضوء دخول الطرفين (حماس وفتح) مرحلة يائسة من ترميم العلاقات بينهما، والتي دخلت منعطفا خطيرا في أعقاب فرض رئيس السلطة محمود عباس عقوبات اقتصادية ومالية على قطاع غزة؛ للرد على حادثة استهداف موكب رئيس الوزراء رامي الحمد لله في 13 من آذار/ مارس الماضي.


ضغوط على السلطة


اللافت في هذه الجولة الجديدة من المصالحة أنها تأتي تزامنا مع ما يمكن وصفها بعزلة سياسية من الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض دول العالم على السلطة الفلسطينية، في ضوء مصادقة الكنيست الإسرائيلي بالموافقة النهائية على قانون خصم أموال الضرائب التي تدفعها للسلطة؛ بحجة تمويلها لرواتب أسر الشهداء والجرحى، كما جمدت الولايات المتحدة في وقت سابق وأستراليا مخصصاتها السنوية لدعم الموازنة الفلسطينية.


في المقابل، يزداد الحديث في أوساط حركة حماس عن تلقي الحركة لمقترحات لتحسين الوضع الاقتصادي في غزة، وهو ما تعارضه حركة فتح كونها أطروحات سياسية تتجاوز السلطة، وهو ما قد يدفع الأخيرة لتقديم تنازلات في ملف المصالحة، وفق ما أشار إليه مراقبون.


نقطة تحول هامة


قال مدير قسم الأبحاث في مركز مسارات للدراسات السياسية، خليل شاهين، إن "جولة المصالحة الحالية قد تكون نقطة تحول هامة في إعادة ترميم العلاقات بين حماس وفتح، في ضوء الضغوط السياسية والاقتصادية التي تمارس على الجانبين".


"فالسلطة الفلسطينية من جانبها لن تقبل بأي حل سياسي أو اقتصادي يجري تحضيره من قبل الإدارة الأمريكية لتحسين الأوضاع المعيشية في غزة؛ لأن ذلك يعني انفصال غزة عن الضفة الغربية وإبعاد السلطة عن أي دور سياسي محتمل في السنوات القادمة، وهو ما يعني استمرار حماس في إدارتها للقطاع برخاء اقتصادي بعيدا عن أي ضغوط من السلطة".


ولكن أوضح الكاتب والمحلل السياسي في حديث لـ"عربي21" أن "هنالك عوامل أخرى قد تكون عائقا أمام جولة المصالحة الحالية، وهي إصرار حركة فتح على رفضها القبول بأي مرجعيات لاتفاقيات وقعت في السابق، مثل اتفاق الوحدة الوطنية 2011، واتفاق بيروت 2015، الذي ينص على ضرورة إشراك حماس والفصائل الفلسطينية في منظمة التحرير؛ لذلك فإن المحصلة النهائية لهذه الجولة من المصالحة ستحدد ملامح المرحلة القادمة".


من جانبه، قال القيادي في حركة فتح، فيصل أبو شهلا، لـ"عربي21"، إن "حركة فتح حددت منذ البداية شرطا واحدا للمصالحة مع حماس، وهو تمكين السلطة الفلسطينية وحكومة الوفاق من بسط سيطرتها الإدارية والأمنية على قطاع غزة، وهو ما لم تلتزم به حماس حتى هذه اللحظة، كما أن جولة المصالحة الحالية ستكون استكمالا لما تم الاتفاق عليه في القاهرة في أكتوبر الماضي، دون الحاجة للرجوع للاتفاقات التي وقعت في وقت سابق".


تواجه المصالحة الفلسطينية العديد من التحديات والمعيقات، أبرزها قضية موظفي حكومة حماس في غزة الذين عينتهم بعد العام 2007، الذين يقدر عددهم بنحو 45 ألف موظف، حيث ترفض حركة فتح الاعتراف بهم ودمجهم ضمن موظفي السلطة، بالرغم من تسلم السلطة لمعابر القطاع وتحويل الجباية الداخلية لوزارة المالية في رام الله، بالإضافة لملف سلاح المقاومة، ورفض فتح إشراك الفصائل الفلسطينية في مؤسسات منظمة التحرير.

 

خفض سقف التوقعات

 

وقال الكاتب والمحلل السياسي، ساري عرابي، إن "إعادة إحياء ملف المصالحة في هذا التوقيت مرتبط بالتطورات السياسية التي تشهدها المنطقة، فالأسباب التي دفعت مصر لتوجيه هذه الدعوة لحركة حماس وفتح مرتبطة بشكل أو بآخر بما يطرح من قبل الإدارة الأمريكية عن ترتيبات صفقة القرن، لذلك لا يمكن فصل ملف المصالحة عن التسهيلات والعروض الاقتصادية التي قدمت لحركة حماس مؤخرا، والتي قوبلت برفض واسع من حركة فتح".


وأضاف المحلل السياسي، في حديث لـ"عربي21"، أنه "لا يمكن التنبؤ بنتائج هذه الجولة من المباحثات، ولكن ما هو مؤكد أنه يجب ألّا نرفع سقف التوقعات بتحقيق نتائج إيجابية؛ نظرا لعلاقة النظام المصري مع حركة حماس، التي ترتقي لمستوى العلاقة مع حركة فتح، في إشارة لانحيازها للطرف الآخر".


أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، نشأت الأقطش، فأوضح لـ"عربي21" أن "جولة المصالحة الحالية ستكون مشابهة لما جرى في السنوات السابقة، لأن طرفي الانقسام لم يقدموا أي تنازل حقيقي لإنجاز ملف المصالحة.