صحافة دولية

صحيفة بريطانية: إصلاحات ابن سلمان المتعلقة بالمرأة "سراب"

ابن سلمان روج إلى أنه يقود إصلاحات في المملكة السعودية- جيتي

نشرت صحيفة "ميترو" البريطانية تقريرا تحدثت فيه عن الإصلاحات التي يروج لها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان فيما يتعلق بحقوق المرأة، ومنحها المزيد من الصلاحيات، بينما تواصل حكومته إحباط مساعي الناشطات الحقوقيات واعتقالهن على نحو تعسفي، وفق تعبيرها.

 

وقالت: "يبدو أن التناقض بين أقوال وأفعال السعودية يثير العديد من التساؤلات".

وأضافت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن وسائل الإعلام السعودية دأبت على تقديم ابن سلمان، في صورة "مصلح النظام السعودي القديم"، ووصفه بالشاب الذي يسعى لإحداث التغيير داخل دولة محافظة للغاية. ودفعت الرواية العديد من الأشخاص إلى توقع تحقق إنجازات عظيمة تحت هذه القيادة الحديثة.

وذكرت الصحيفة أن إصلاحات ابن سلمان كانت موجهة بالأساس نحو النظام الاقتصادي للمملكة العربية السعودية، لكنه عمد إلى الترويج لنفسه على أنه سيحدث مجموعة من الإصلاحات التي ستمكن المرأة السعودية من لعب دور أكبر داخل المجتمع.

 

ومثّل رفع الحظر المفروض على قيادة المرأة السعودية للسيارة أولى خطوات الإصلاح، ليضع بذلك اللبنة الأولى لصرح التغيير المدروس بشكل كبير.

وأوردت الصحيفة أن العديد من السياسيين أشادوا ببعد رؤية الأمير السعودي وسياسته طويلة الأمد، وقد سبق لوزير الخارجية البريطاني السابق، بوريس جونسون، الإشادة بهذه التحركات وطلب تفهمها وتأييدها.

 

وعموما، بدأت الإصلاحات السعودية بالسماح للمرأة بالجلوس خلف مقود السيارة، لكن يبدو أنها توقفت عند ذلك المستوى داخل المملكة التي يسيطر عليها مجتمع ذكوري بشكل أساسي، وفق الصحيفة.

وقالت: "في المقابل، لا تزال المرأة السعودية إلى حد الآن مجبرة على الحصول على إذن من الوصي الذكر سواء كان الأب أو الزوج أو الأخ أو الابن، في حال رغبت في الالتحاق بالتعليم العالي أو البحث عن عمل أو السفر أو الزواج. ولا يبدو أن محمد بن سلمان يحاول تغيير حقيقة المملكة العربية السعودية التي لطالما كانت مملكة الرجال بامتياز".

 

اعتقالات

وأشارت الصحيفة إلى مفارقة شديدة القسوة شهدها المجتمع السعودي في الفترة الأخيرة، تتمثل في اعتقال الحكومة المحلية للعديد من الناشطات السعوديات اللواتي يتسمن بالشجاعة نظير مناداتهن بالحصول على حقهن الكامل في قيادة السيارة.

 

وعوضا عن التعامل مع هذه الاحتجاجات على نحو إيجابي، كانت الحكومة السعودية بالمرصاد ووجهت لهن تهما من قبيل "الاتصال المشبوه مع أطراف أجنبية" و"دعم العناصر المعادية للنظام السعودي خارج البلاد".

وأوردت الصحيفة: "عندما منحت أولى رخص القيادة النسائية داخل المملكة، لم تتمكن الناشطات الحقوقيات من الاحتفال بذلك، لأنهن كن محتجزات داخل السجون السعودية".

 

ومنذ منتصف شهر أيار/ مايو الماضي، اعتقلت حكومة محمد بن سلمان العديد من الناشطين والناشطات، على غرار سمر بدوي، شقيقة المدون المسجون رائف بدوي، فضلا عن الناشطة الحقوقية لجين الهذلول.

 

التشهير


ونوهت الصحيفة إلى أن بعض الناشطات الحقوقيات يمكثن داخل السجون السعودية منذ أكثر من مئة يوم. وعلى الرغم من تعرضهن للتشهير بشكل مخز، إلا أنه لم يتم توجيه أي تهم إليهن حتى الآن.

 

وتخشى منظمة العفو الدولية أن تتم محاكمتهن على أساس قيامهن بجرائم إرهابية، وهو ما يعني الحكم عليهن بعقوبات تصل إلى 20 سنة.

 

ومؤخرا، ظهرت بعض التقارير التي تفيد بأن الناشطة إسراء الغمغام تواجه عقوبة الإعدام نظير توثيقها للاحتجاجات السلمية على مواقع التواصل الاجتماعي.

ولا يقتصر الأمر على توثيق نشر مقاطع فيديو وصور للاحتجاجات فحسب، بل اتهمت السلطات السعودية صاحبة 29 سنة بتقديمها الدعم المعنوي للمتظاهرين الذين وصفتهم بمثيري الشغب، من خلال المشاركة في تشييع جنازات أولئك الذين قُتلوا أثناء صدامهم مع قوات الأمن.

 

ووفقا للصحيفة، فإنه منذ وقت ليس ببعيد، دعا المدعي العام السعودي إلى إعدام الغمغام رفقة أربعة نشطاء حقوقيين آخرين. 

وأوضحت الصحيفة أن هذه الدعوة تمثل تهديدا حقيقيا لحياة النشطاء الحقوقيين في المملكة؛ فقد سبق للسلطات السعودية إعدام 47 شخصا من المنطقة الشرقية خلال يوم واحد فقط في مطلع سنة 2016، بعد اتهامهم بالإرهاب. كما تعرض بعض المتظاهرين والنشطاء الآخرين إلى محاكمات جائرة للغاية.

 

وخلال السنة الماضية فقط، أعدمت المملكة العربية السعودية 146 شخصا، بمعدل ثلاث أشخاص كل أسبوع.

وفي حين نال الرجال السعوديون نصيبهم من أحكام الإعدام، تعتبر إسراء الغمغام أول امرأة سعودية تواجه خطر الإعدام بسبب تحديها للسلطات. ويمكن القول إن ما يسمى بالإصلاحات داخل المملكة العربية السعودية لا يتعدى كونه مجرد سراب، حيث تشهد المملكة حملات قمع وحشية ضد كل احتجاج أو معارضة سلمية لأي من القرارات التي تتخذها.

وفي الختام، أكدت الصحيفة أنه إذا كان الأمير محمد بن سلمان ملتزما فعلا بنصف الإصلاحات التي يروج لها في المنابر الإعلامية، فإنه سيعمل على إيقاف عمليات تصفية النشطاء الحقوقيين على الفور.

 

وتشمل لائحة نشطاء حقوق الإنسان المعنيين بالأمر كلا من إسراء الغمغام والناشطات النسائيات اللواتي سُجنّ بسبب تجرؤهن على القيادة قبل صدور التصريح الرسمي.