ملفات وتقارير

"لواء غامض" يهاجم العاصمة الليبية.. من يدعمه وماذا يريد؟

حكم ليبيا لا يتم إلا من خلال تحالفات بين عدة مدن وهذا ما يفتقده اللواء السابع- جيتي

لا يزال الغموض يلف "اللواء السابع" القادم من مدينة ترهونة (88 كلم جنوب شرق العاصمة الليبية طرابلس)، والذي زحف نحو وسط العاصمة، رافعا شعار "تطهير طرابلس من المليشيات"، دون أن تتمكن أي قوة رئيسية من ردع تقدمه وإعادته إلى معاقله السابقة.

وينحدر اللواء السابع مشاة، من ترهونة، ويطلق عليه اسم "الكانيات"، نسبة إلى محمد الكاني، الذي يقود اللواء، إلى جانب إخوته الذين يقودون عددا من محاور القتال في طرابلس، على غرار شقيقه محسن (33 عاما) الذي سيطر على معسكر اليرموك، جنوبي طرابلس، والذي يعد من بين أهم المعسكرات في العاصمة.

وأسس اللواء السابع، عبد العليم الساعدي، الذي كان أحد قادة "ثوار ترهونة"، الذين دخلوا باب العزيزية في طرابلس مقر إقامة معمر القذافي، وتولى بعد ثورة 17 فبراير 2011، رئاسة المجلس العسكري ترهونة، وأصبح فيما بعد عضو بالمؤتمر الوطني (المجلس التأسيسي).

 

اقرأ أيضا: لماذا تغرق طرابلس في المواجهات الضارية مرة أخرى؟

وشارك اللواء السابع، في القتال ضد قوات حفتر ضمن تحالف فجر ليبيا، وبعد وصول حكومة الوفاق الوطني إلى طرابلس، نهاية مارس/آذار 2016، قام وزير الدفاع مهدي البرغثي، بإعادة تسمية المجلس العسكري لترهونة (كتيبة الكانيات) باللواء السابع، وانضم عدد من جنود نظام السابق الذين كانوا ضمن اللواء 32 معزز وكتيبة امحمد، إلى اللواء السابع، مما زاد في تضخيم قوته، قبل أن يقرر المجلس الرئاسي حله في أبريل/نيسان الماضي.

وفي 26 أغسطس/آب المنصرم، اندلعت اشتباكات عندما تقدمت قوات تتبع لكتيبة "ثوار طرابلس" للسيطرة على مناطق اعتبرتها قوات "اللواء السابع" تقع ضمن حدودها الإدارية في طرابلس، وفجر اليوم التالي، تفجرت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين الطرفين، وانضمت كتيبة النواصي، والأمن المركزي أبو سليم، وكتيبة 301، إلى "ثوار طرابلس"، بينما لم يلق اللواء السابع سوى دعم اللواء 22. 

 

 

تتضارب الأنباء بشأن انتماء اللواء السابع وتحالفاته الجديدة


وتتضارب الأنباء بشأن انتماء اللواء السابع وتحالفاته الجديدة، إذ يرى البعض أن اللواء السابع، ينتمي إلى الجماعة الليبية المقاتلة، بحكم أن مؤسسها "عبد العليم الساعدي"، حارب في أفغانستان، كما أن قائدها الحالي محمد الكاني، يوصف بأنه ينتمي إلى "التيار السلفي المدخلي" (أنصار هذا التيار يقاتلون في صفوف قوات حفتر في شرقي ليبيا).

بينما يعتبر آخرون أنه موالي لحكومة الإنقاذ السابقة (2014-2017)، بحكم أنه قاتل إلى جانب تحالف "فجر ليبيا" بقيادة صلاح بادي، ضد قوات الزنتان المتحالفة حينها مع قوات حفتر.

في حين يرى طرف ثالث أن اللواء السابع، موالي لنظام القذافي السابق، بدليل أن أحمد قذاف الدم، ابن عم الزعيم الراحل معمر القذافي، أعلن تأييده لعملياته في طرابلس، كما أن العديد من مقاتليه في الأصل كانوا ضمن اللواء 32 معزز، وكتيبة امحمد، التابعتين لنظام القذافي السابق، فضلا عن أن مدينة ترهونة كانت من بين أكثر المدن تأييدا للنظام السابق خلال "ثورة 17 فبراير" 2011، ولازال أبناؤها يحملون رغبة في الانتقام من الثوار. 

إلا أن هناك من يرى أن اللواء السابع، ليس سوى "رأس حربة" في قوات حفتر، المسيطرة على الشرق الليبي، وأن إحكام قبضته على العاصمة ستمهد لقوات حفتر، السيطرة على كامل البلاد.

 

"جيش نظامي ينأى بنفسه عن التجاذبات السياسية"


ويؤكد النائب المستقيل من مجلس النواب عن مدينة ترهونة، محمد العباني، أن اللواء السابع، مازال يعتبر من الناحية الفعلية "جزءا من اللواء 22" التابع لقوات حفتر.

 

وبمزيد من التفصيل يوضح العباني، أن ما يدور على التخوم الجنوبية للعاصمة أعمال تقوم بها قوات حفتر، "تنفيذا لمهامه العسكرية في تطهير العاصمة من المليشيات والعصابات المسلحة"، معتبرا دخول هذه القوات إلى طرابلس "أمر حتمي".

لكن لحد الآن لم يصدر أي موقف من حفتر، أو الناطق باسم قواته أحمد المسماري، من اللواء السابع، كل ما هنالك حالة ترقب وانتظار.

 

اقرأ أيضا: عين "حفتر" تتجه إلى طرابلس.. هل سيستغل الاشتباكات؟

غير أن اللواء السابع، الذي تشكل في عهد وزير الدفاع السابق في حكومة الوفاق مهدي البرغثي، أكد جازما أنه لا ينتمي لا لعملية الكرامة (بقيادة حفتر) ولا إلى فجر ليبيا (بقيادة صلاح بادي)، ولا لنظام القذافي السابق، وأوضح أنه "جيش نظامي ينأى بنفسه عن التجاذبات السياسية"، وأنه يتبع "الحكومة التي يتفق عليها الليبيون".

ورغم أن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، حلّ اللواء السابع، في أبريل/نيسان 2018، إلا قادة اللواء أكدوا في بيانتهم الأخيرة "التزامهم التام" بالاتفاق السياسي الليبي، واعتبروا أن "المجلس الرئاسي واقع تحت سيطرة المليشيات"، وأن هدفهم "تطهير البلاد من العصابات المسلحة".

وأوضح أنه "مكون من ضباط وضباط صف وجنود نظاميين يخوضون حربًا لتطهير طرابلس من دواعش المال العام، وممن رهن مصير البلاد للخارج".

 

"قوامه 5 آلاف عنصر منهم ألف ينتسبون للواء 22"


ومع أن اللواء السابع، يعلن تبعيته لحكومة الوفاق، إلا أنه لا يرضخ لأوامرها، ولا حتى لاتفاقات وقف إطلاق النار، التي جرت تحت إشرافها، ناهيك أن الحرس الرئاسي وقيادة أركان القوات التابعة للوفاق، تبرأت من اللواء السابع، الذي هاجمت صفحته الرسمية حكومة الوفاق بعد تعرض مدينة ترهونة لقصف جوي.

حسب النائب المستقيل العباني، فإن اللواء السابع، قوامه 5 آلاف عنصر منهم ألف ينتسبون للواء 22، وأرجع قرار رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، حله في 2 أبريل الماضي، إلى "نمو اللواء واشتداد عوده والتحاق العسكريين القدامى من اللواء 32 المعزز وكتيبة امحمد".

وليس واضحا من يدفع أجور عناصر اللواء ويوفر المؤن والذخائر له بعد حله، دون إعادة توزيع عناصره على بقية الوحدات العسكرية.

فبعد نحو ثلاثة أشهر من حله، قام اللواء السابع بالهجوم على مدينة القرابوللي، في يوليو/تموز الماضي، التي تعتبر البوابة الشرقية لطرابلس، وسيطر عليها، وبعدها بنحو أسبوعين هاجم الضواحي الجنوبية للعاصمة، وسيطر على معسكر اليرموك، وعلى المطار القديم، الذي خرج منه في نهاية مايو/أيار 2017، بضغط من كتيبة ثوار طرابلس، بعد ساعات من دخوله إليه عقب انسحاب قوات حكومة الإنقاذ السابقة منه.

ويُتهم اللواء السابع، بارتكاب عدة مجازر وتصفيات في ترهونة والقرابوللي، راح ضحيتها العشرات، حسب وسائل محلية.

 

الأسباب الرئيسية وراء هجوم اللواء السابع على طرابلس



ولا يُستبعد أن الصراع على النفوذ والتمويل، ومحاولة إيجاد شرعية جديدة تحت لواء حكومة الوفاق الوطني، وتصفية حسابات قديمة مع كتائب طرابلس، الأسباب الرئيسية وراء هجوم اللواء السابع على طرابلس، خصوصا في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، على غرار ارتفاع التضخم ونقص السيولة في البنوك، وارتفاع الجريمة.

فمن غير المعقول أن يكون قادة اللواء السابع، الذي يحملون فكرا سلفيا، موالين للنظام السابق، وهم من شارك في الإطاحة به في 2011، كما أنه من المستبعد أن يكون اللواء السابع مواليا لحفتر، في حين أن قادته سبق وأن قاتلوا قواته منذ 2014، كما قاموا بتصفية أشخاص بترهونة لاتهامهم بالولاء لحفتر.

 

اقرأ أيضا: ماذا بعد إطلاق عملية عسكرية جديدة في العاصمة الليبية؟

أما فرضية ولائهم لصلاح بادي، قائد "فجر ليبيا" السابق، مستبعدة أيضا، نظرا لأن لواء الصمود الذي يقوده بادي، اصطدم عسكريا مؤخرا باللواء السابع، وتنازعا السيطرة على المطار القديم.

لكن ليس من المستبعد أن يعقد اللواء السابع، تحالفات مع هذا الطرف أو ذاك، حسب التطورات الميدانية لمعركة طرابلس، خصوصا وأن المليشيات في ليبيا معروفة بتغيير مواقفها وتحالفاتها، بشكل يصعب أحيانا من تصنيفها.

وعلى الأغلب سيحاول اللواء السابع- ترهونة، الهيمنة على العاصمة، كما فعلت كتائب الزنتان في الفترة ما بين 2011 و2014، وبعدها كتائب مصراتة (2014-2017)، ثم كتائب طرابلس (2017- إلى يومنا هذا).

فالمعركة في طرابلس، قائمة في أحد أوجهها بين مدن الغرب الليبي للسيطرة على مركز المال والقرار في أغنى بلد إفريقي بالنفط، لكن حكم ليبيا لا يتم إلا من خلال تحالفات بين عدة مدن، وهذا ما يفتقده اللواء السابع- ترهونة، إلا إذا كان يخفي تحالفات سرية، أو أعاد ترتيب أوراقه.