حول العالم

كيف ستحل الشرطة الجرائم بالمريخ إذا استعمره البشر؟

مجلة "الأتلانتيك" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن سيناريو غزو الإنسان لكوكب المريخ- أرشيفية

نشرت مجلة "الأتلانتيك" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن سيناريو غزو الإنسان لكوكب المريخ، والرهانات الأمنية التي يطرحها هذا الأمر، حيث من المتوقع أن لا يكون الكوكب الأحمر بمنأى عن عمليات القتل والعنف والخطف والابتزاز والسطو. وبناء على هذا السيناريو، ما هي الحلول الممكنة للسيطرة على سلوك الإنسان العدائي؟


وقالت في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الإنسان على مر الأجيال وضع عدة تصورات للحياة على سطح المريخ بتفاصيل لا تصدق؛ انطلاقا من كيفية تحلية المياه وصولا إلى الزراعة. ولكن بقي هناك سؤال واحد دون إجابة، ألا وهو كيف يمكن الحفاظ على النظام على سطح المريخ؟


وتطرقت المجلة إلى الفرضية التي تفيد بأن كوكب المريخ سيكون في المستقبل مكتظا بالسكان. وحسب هذا السيناريو فإن عدد سكان الكوكب من البشر سيكون كبيرا بما يكفي حتى أن الشخص الواحد قد يلتقي في اليوم الواحد بثلاثة أفراد غرباء عنه، تماما.


وذكرت أنه سيكون هناك ما يكفي من المستوطنات على كوكب المريخ، من قرى ومزارع ومنشآت زراعية ومختبرات علمية ومدن بأكملها، وقد يكون 90 في المائة من سكانها لم يزوروا إحدى تلك المجتمعات بشكل شخصي. ويزيد هذا السيناريو من فرضية وقوع أعمال عنف وهذا يقتضي ملاحقة المذنبين للحفاظ على الأمن والنظام.


ورأت المجلة أن بلوغ البشرية لهذا العدد الديمغرافي على الكوكب الأحمر، ستظهر معه طرق لوضع نظام يتناسب معه. وفي هذه الحالة سيقوم الإنسان بتنصيب أضواء الشوارع الممولة من القطاع العام، وفتح دوائر للشرطة في المناطق السكنية الجديدة النائية، وتدريب جيش حقيقي من المحققين المحترفين من ضمنهم أولئك الذين يعملون في الخفاء. وتجدر الإشارة إلى أن الشرطة في الوقت الحالي قد منحت حق الوصول لأغلب التقنيات المتطورة من السيارات العسكرية إلى الطائرات من دون طيار من أجل حفظ النظام.


ونوهت إلى أن عمل الشرطة نفسها يخضع للمراقبة وذلك من خلال تركيب كاميرات مراقبة وابتكار جهاز للشؤون الداخلية. ولكن إمكانية انتقال الجريمة إلى كوكب المريخ تعني أن الإنسان قادر على توقع كل هذا في وقت مبكر وتفاديه. ويمكن للإنسان أن يضع تصميما لوزارة الشرطة المريخية قبل أن نصل إلى تلك النقطة، التي بلغها الإنسان على كوكب الأرض؛ خاصة وأن الإنسان يعلم أن كل ما نحتاجه هو سلطة الشرطة التحقيقية والعقابية من أجل الحفاظ على سلامة سكان الكوكب الأحمر.


وأوردت المجلة أن كريستيان داروينت، وهي عالمة آثار من جامعة كاليفورنيا دافيس، تعمل ميدانيا في المنطقة القطبية العليا الكندية، وهو مكان شديد البرودة ومعزول تم استخدامه كمنطقة تدريب لإعداد رواد الفضاء للقيام بمهام مستقبلية نحو المريخ، تتمتع بدراية واسعة عن كيفية تحلل المواد العضوية في الظروف البيئية القاسية ما يجعلها خبيرة في كيفية تحلل الجثث على الكوكب الأحمر.


وفي إجابتها عن سؤال إحدى المجلات حول مستقبل تطبيق القانون في المريخ، أكدت داروينت أن خبراتها حول دراسة البقايا رهينة الكرة الأرضية. وقد أخذت داروينت هذا الموضوع من زاوية جنائية مشيرة إلى أن كل شيء تقريبا حول التحقيق الجنائي سيكون مختلفا عن الكوكب الأحمر.


وذكرت المجلة أن بيئة المريخ نفسها ستكون قاتلة إلى درجة قد تبدو فيها عملية قتل شنيعة حدثا طبيعيا. ورأت داروينت أن عمليات القتل التي ستقع على كوكب المريخ قد تستخدم البيئة السامة لصالحها. وقد يبدو التسمم أو عملية قتل بالسم موتا طبيعيا بسبب التعرض للمواد الكيميائية الكاشطة والمعروفة باسم "بيركلورات" الموجودة في صخور المريخ. كما أن وجود تسرب ضئيل في بدلة رائد الفضاء أو تعطل قنينة الأوكسجين، جراء التلاعب بمعداته، قد يكون جريمة قتل ذكية متخفية تحدث على مرأى من الجميع دون كشف الجاني.


وتحدثت "الأتلانتيك" عن سيناريو آخر تقوم فيه الشرطة بمحاصرة مجرم مسلح بسكين في قاعدة أبحاث مريخية بالقرب من غرفة الضغط. وفي مثل هذا السيناريو، إذا قامت الشركة بإطلاق النار على المجرم أو توجيه صاعق كهربائي له فإنها بذلك تهدد بإلحاق الضرر بمكونات أساسية في القاعدة نفسها، ما يضع حياة آلاف الأبرياء على المحك. أما التشابك بالأيدي فقد تكون له تداعيات عكسية، فمجرد توجيه لكمة إلى المجرم قد يتسبب ذلك في إلحاق الضرر بكلا المتداخلين، أي الشرطي والمجرم.


وفي إطار الإجابة عن سؤال المجلة عن سبل حفظ النظام على كوكب المريخ، أجاب تشارلز كوكيل، وهو منظر سياسي وعالم أحياء فلكية من جامعة إيدنبيرغ، بأن الرد على حدوث جريمة في المريخ ناهيك عن منعها يتطلب تدخلا أكثر حدة. وفي الواقع، إن كوكيل لا يتلاعب بالعبارات عندما يتحدث عن المخاطر السياسية غير المتوقعة للمستوطنات خارج كوكب الأرض.


وفي كتابه بعنوان "معنى الحرية ما وراء الأرض"، أشار كوكيل إلى أن "المجتمع الذي سيعيش خارج كوكب الأرض سيركز فقط على المهام والأهداف العملية، من دون أن يكون له رؤية سامية. وهذا سيقود السكان إلى الشعور باليأس وفقدان الأمل وحتما إلى التساؤل عن أهدافهم وإنسانيتهم وعن معنى حياتهم".


ونقلت المجلة عن كوكيل: "أعتقد أن حقيقة التحول إلى نظام طاغية أمر مفروغ منه في الفضاء، خاصة أنه لا يوجد مكان يمكن الهروب إليه من خطر الموت المحقق الآني جراء البرد القارص أو الاختناق. بعبارة أخرى، إن الوجود المستمر لبيئة دائمة التسمم سيشجع أنظمة السيطرة المجتمعية على استعمال القوة لعدم السماح بارتكاب الأخطاء. وستكون الأنظمة والإجراءات واجبة التنفيذ بحذافيرها لأن عواقب خطوة خاطئة واحدة ستكون كارثية".