مقالات مختارة

مصير التريليونات العربية في بنوك أمريكا

1300x600

ما هو مصير 4 تريليونات دولار أمريكي من أموال الخليج وهي نؤوم الضُحى في بنوك الولايات المتحدة وبريطانيا؟ وعلى الرغم من أنه سؤال ليس بالجديد ظل يلاحق الساسة العرب الذين يتجاهلونها عمدا وخوفا، بيد أنه قفز في الأسبوع الماضي شاخصا ولن يجدي الهروب منه فتيلا. الرئيس الأمريكي المستأسد دونالد ترامب طالب دول أوبك ومنها دول الخليج بخفض أسعار النفط، وقال بصيغة الآمر "يجب على منظمة أوبك أن تخفض الأسعار الآن" بل توعد دول الخليج خاصة بأنها لن تبقى آمنة بدون حماية الولايات المتحدة. 

صحيح أن الرجل تدفعه مخاوف شخصية تتعلق بتداعيات في الداخل الأمريكي، لكن إصراره على تحطيم أهم أسس بناء الليبرالية الغربية وهي حرية التجارة والاقتصاد الحر، يعني أن الرجل أعيته الحيلة وهو يرى حبل العزل يلتف حول رقبته رويدا رويدا.

ترامب يخشى من تداعيات سلبية لارتفاع سعر النفط قبل انتخابات الكونغرس (مجلس الشيوخ). وذلك قد يبطل مزاعم الحزب الجمهوري بأن سياسات إدارة ترامب أدت لتعزيز الاقتصاد الأمريكي. وخسارة حزب ترامب لأغلبيته في الكونغرس يزيد من فرص عزله وهو قاب قوسين أو أدنى من المساءلة في مجلس النواب.

وإن هبت رياح إجراءات المساءلة على غير ما تشتهي سفن ترامب فإنه من المحتمل أن تتوفر أغلبية الثلثين لاحقا في الكونجرس الذي يتولى محاكمة الرئيس في إجراء قد ينتهي بالتصويت على إدانته ومن ثمّ عزله، وذلك على خلفية اعتراف محاميه الشخصي السابق مايكل كوهين في المحكمة قبل أسابيع مضت بأنه وبطلب من ترامب شخصيا دفع مبلغي 130 ألف دولار و150 ألف دولار لممثلة أفلام إباحية ونجمة لمجلة إباحية تقولان إنهما أقامتا علاقة قديمة مع ترامب لقاء التزامهما الصمت عن هذه العلاقة، وكان الهدف تفادي انتشار معلومات "كانت ستسيء إلى ترامب المرشح للرئاسة وقتها".

المدهش حقا أن زيادة أسعار النفط كانت بيد ترامب لا بيد عمرو إذ فرضت إدارة ترامب عقوبات على إيران وفنزويلا العضوين في أوبك، الأمر الذي أدى إلى نقص كبير في إنتاج النفط وارتفاع سعره لحدود 80 دولارا. بل إن ترامب يتوعد إيران بفرض عقوبات جديدة عليها تدخل حيّز التنفيذ في نوفمبر القادم. وتقول إيران إن أوامر ترامب لأعضاء أوبك بزيادة الإنتاج "إهانة" كبيرة لهذه الحكومات والدول، وتقويض لاستقرار السوق. فما ذنب دول الخليج في تحمل تداعيات الصراع الأمريكي الإيراني؟

نعود للسؤال الأساسي، ما مصير أموال الخليج في الولايات المتحدة وترامب ما زال باقيا في سدة السلطة؟ يقول ترامب إن أمريكا دفعت أكثر من 7 تريليونات دولار لحماية دول الخليج، ولم تحصل على أي مقابل. لكن ترامب لن يعترف بعوائد هذه التريليونات الخليجية وهي تقبع في البنوك الأمريكية على مر عشرات السنين. 

العقلية الترامبية لا محالة تمضي في طريق مصادرة الأموال الخليجية وليس ذلك إلا مسألة وقت.

مع تولي ترامب ذي العقلية التجارية الانتهازية وعديم الخبرة في السياسة الدولية أصبحت سياسة واشنطن فيما يتعلق بالخليج هو جمع أكبر قدر من الأموال كنوع من التعويض الذي يراه ترامب واجباً لتصحيح ما يعتبره أخطاء لرؤساء أمريكا السابقين، الذي يرى أنهم أهدروا الكثير من الأموال لاستقرار حكومات الخليج.

ولم يكن مقطع الفيديو القديم الذي تم تداوله مؤخرا بكثافة، إلا دليلا على تلك العقلية، ويظهر فيه ترامب، وهو يتحدث عن وعد حقّقه قبل أيام بعدما عاد من جولته الشرق أوسطية، وبالتحديد من المملكة العربية السعودية بأكثر من 400 مليار دولار. ويقول ترامب في حواره التلفزيوني الذي يعود لعام 1988، مع المذيعة أوبرا وينفري، إن بلاده ستحصل على الكثير جدا من الأموال من دول الخليج، التي استغلت بلاده لمدة 25 عاما.

عن صحيفة الشرق القطرية