صحافة دولية

نيويورك تايمز: لماذا نسي ترامب اليمن بخطابه بالأمم المتحدة؟

نيويورك تايمز: ترامب لم يذكر اليمن في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة- جيتي

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للمعلق نيكولاس كريستوف، يهاجم فيه بلاده، الولايات المتحدة؛ لأنها توفر القنابل ودعما آخر للحرب التي قتلت مدنيين وأدت إلى مجاعة. 

ويقول كريستوف إن "هناك حاجة للتوقف والتفكير في مأساة اليمن في ظل الإدمان على أخبار تعيين قاض في المحكمة العليا بريت كافانو، وعلاقة الرئيس دونالد ترامب المتوترة مع نائب وزير العدل رود روزنستاين".

ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "الرئيس الأمريكي لم يذكر اليمن في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء، مع أن أمريكا تساعد على قتل وتشويه وتجويع أطفاله، وهناك ما يقرب من ثمانية ملايين يمني يعيشون على حافة المجاعة بسبب فشل المحاصيل الزراعية، وما يرتكبه حلفاء الولايات المتحدة، ووصفت الأمم المتحدة ما يجري في اليمن بأنه أسوأ كارثة إنسانية في العالم، ونحن مسؤولون عنها". 

 

ويقول كريستوف إن "قنبلة صنعتها شركة (لوكهيد مارتن) ضربت حافلة مدرسية الشهر الماضي، وقتل 51 شخصا، وقبل ذلك قتلت قنابل أمريكية 155 كانوا في بيت عزاء، و97 شخصا كانوا في السوق، فيما أجبر الأطفال اليمنيون الجوعى على أكل حساء مر مصنوع من الحشائش، وحتى الذين ينجون من المجاعة فإنهم سيظلون يعانون طوال حياتهم من الناحية العقلية والجسدية، وفي الوقت الذي تظل فيه قضايا أمنية دولية يمكن التحاور فيها، إلا أن الأمر مختلف في هذه الأزمة في اليمن: تصرفنا لا يمكن فهمه". 

وتنقل الصحيفة عن وزير الخارجية البريطاني السابق ومدير لجنة الإنقاذ الدولية الحالي ديفيد ميليباند، قوله إن الأزمة في اليمن هي من "صناعة البشر"، لافتة إلى أن ميليباند عاد من اليمن، حيث قال: "ليست هذه الحالة التي تكون فيها المعاناة الإنسانية هي ثمن الفوز في الحرب، ولا أحد يتنصر فيها باستثناء المتطرفين الذين يستفيدون من الفوضى".

ويلفت الكاتب إلى أن الولايات المتحدة لا تشارك مباشرة في ضرب المدنيين، لكنها توفر الدعم الأمني والسلاح والوقود في الجو لمساعدة السعودية والإمارات العربية المتحدة في الغارات الجوية، وتدمير الاقتصاد، وتجويع الشعب. 

 

وينوه كريستوف إلى أن السعوديين يهدفون إلى سحق المتمردين الحوثيين، الذين سيطروا على العاصمة صنعاء وتحالفوا مع إيران، قائلا إن "هذا درس متقن في الواقعية السياسية؛ لأننا نكره آيات الله في إيران، لكننا مستعدون لتجويع أطفال المدارس اليمنيين". 

ويورد الكاتب نقلا عن مدير "هيومان رايتس ووتش" كينث روث، قوله: "جعلت إدارة ترامب نفسها متواطئة في جرائم اليمن". 

ويعلق كريستوف قائلا: "لنكن واضحين، فإن هذه كارثة أخلاقية للحزبين؛ لأن السياسة بدأت في عهد الرئيس باراك أوباما لكن بضمانات، إلا أن ترامب ضاعفها، وقام بإلغاء الضمانات".  

وتنقل الصحيفة عن المسؤول السابق في عهد أوباما ورئيس مجموعة الأزمات الدولية حاليا روبرت مالي، قوله إن "الحرب في اليمن اليوم هي أسوأ كارثة إنسانية على مستوى العالم"، واعترف مالي بالخطوات غير الموفقة التي قامت بها إدارة أوباما، "لكن تحركنا وعدم تحركنا جعلنا وبشكل حتمي متواطئين".

ويرى الكاتب أن "التركيز على عرض تلفزيون الواقع، الذي يديره ترامب في البيت الأبيض، يجب ألا يسمح له بشفط أوكسجين الحياة والموت من القضايا المهمة، ويجب ألا يسمح لدراما ترامب بإلغاء مأساة دولية".

 

ويعلق كريستوف قائلا إن "المذبحة في اليمن لم تثر غضبنا لأن السعوديين استخدموا الحصار المفروض على اليمن لإقصاء الصحافيين، فأنا أحاول منذ عامين، لكن السعوديين منعوا جماعات الإغاثة من السماح لي بالسفر معها".

ويعتقد الكاتب أن "كلا الطرفين في اليمن تصرفا بطريقة وحشية، والطريق الوحيد للخروج من الحرب هو الدبلوماسية، ويبدو أن ولي العهد السعودي يفضل المجاعة ودولة فاشلة في اليمن على التنازل، وكلما زودناه بالأسلحة طال أمد المعاناة، ويجب علينا استخدام تأثيرنا، والحد من تصرفات السعوديين، لا التصفيق لهم". 

ويشيد كريستوف بجهود أعضاء الكونغرس الهادفة لوقف الحرب، حيث قاد كل من كريس ميرفي عن ولاية كونيكتيكت، ومايك لي عن ولاية أوتا، حملة للحد من بيع السلاح إلى السعودية؛ بسبب حرب اليمن، وحققت جهودهما تقدما جيدا و44 صوتا، فيما هناك جهود أخرى جارية. 

ويتهم الكاتب قادة العالم الذي تجمعوا في الجمعية العامة لإلقاء خطابات حول الأهداف العالمية من أجل عالم أفضل، لكن "الجمعية مليئة بالنفاق، فروسيا غارقة في جرائم الحرب في سوريا، والصين تعتقل مليون مسلم من الإيغور، وتدافع عن ميانمار وجرائم الإبادة التي مارستها ضد مسلمي الروهينغا، وتساعد الولايات المتحدة وبريطانيا السعودية على ارتكاب جرائم الحرب في اليمن، وهذا أمر مثير للاشمئزاز، فأربع دول دائمة العضوية في مجلس الأمن متواطئة في جرائم ضد الإنسانية". 

ويختم كريستوف مقاله بالقول إن "الكثير من اليمنيين يعبرون عن غضبهم عندما يكذب ترامب، أو يكتب تغريدات لا يمكن التسامح معها، لكن علينا أن نحفظ غضبنا لشيء أكثر وحشية، وهو مساهمتنا في تجويع الأطفال ومفاقمة أسوأ كارثة إنسانية في العالم".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط هنا