سياسة عربية

هل تبتز مخابرات إيطاليا حكومة روما بشأن مؤتمر حول ليبيا؟

حفتر يضغط على رئيس المخابرات الإيطالي لإقصاء سفير بلاده في طرابلس ارضاء لفرنسا- فيسبوك

أعلنت الخارجية الإيطالية عن عقد اجتماع دولي حول ليبيا، في مدينة باليرمو في مقاطعة صقيلة، يومي الثاني والثالث عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.


وقال وزير الخارجية الإيطالي، إينزو ميلانيزي في جلسة إحاطة أمام مجلس الشيوخ الايطالي، نقلته وكالة "آكي"، إن المؤتمر لن يفرض آجالا نهائية للانتخابات في ليبيا، ولن يملي مهاما توزع على المشاركين، بل سيكون فرصة لوضع جدول أعمال مشترك وتحديد الخطوات في مسار العملية السياسية في ليبيا.


إلا أن التصريح المفاجئ لرئيس المخابرات الإيطالية البيرتوا مانينتي لصحيفة "لاريبوبليكا"، عن تخبط الدبلوماسية الإيطالية في معالجة الملف الليبي، أثار شكوكا حول جدوى المؤتمر في ظل صراع الأجنحة ما بين المخابرات والخارجية.


وشكك مانينتي في خروج المؤتمر الدولي حول ليبيا بنتائج مرجوة في ظل عدم اختيار حكومة رابطة الشمال والخمس نجوم قيادات للأجهزة المخابراتية، وهي على بعد ستة أسابيع من المؤتمر.


ضغط مخابراتي


قال مدير مركز "إسطرلاب" للدراسات عبد السلام الراجحي، إن الخلاف بين المخابرات والحكومة الإيطالية قد يؤدي إلى فشل مؤتمر باليرمو الخريف القادم، بشأن ليبيا، والذي ستحضره عدة دول كبرى من بينها روسيا والولايات المتحدة خاصة في غياب السفير جوزيبي بيروني الذي عاصر التطورات السياسية خلال العامين الماضيين.


وأضاف الراجحي لـ"عربي21" أن رئيس المخابرات الإيطالية البيرتوا مانينتي يسعى إلى تثبيت نفسه أو أحد مقربيه، على رأس الجهاز، في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة تكليف رئيس جهاز مخابرات جديد، يتماهى مع سياستها تجاه ليبيا.


وذكر مدير المركز، أن دور رئيس المخابرات في محاولة إقصاء سفير إيطاليا في طرابلس جوزيبي بيروني، بضغط من اللواء المتقاعد خليفة حفتر، سيعا لإرضاء فرنسا، توضح عمق الخلافات داخل إيطاليا، والتي ستؤثر بشكل بالغ على مؤتمر باليرمو.


وأكد الراجحي أن المخابرات الإيطالية تعودت على إدارة ملف ليبيا في ظل الحكومات اليسارية السابقة، إلا أنها الآن تواجه حزبي رابطة الشمال والخمس نجوم الحاكمين واللذين يسعيان إلى توسعة دور الحكومة الجديدة في أزمة ليبيا، وهو ما قد ينبأ بمواجهة بين الحكومة المخابرات قد تزيد مع مرور الوقت.


خلافات عدة


من جهته، رأى المحلل السياسي وليد ارتيمة أن الأزمة الليبية انطلت بعدة أبعاد وخلافات ليست محلية فقط، بل إقليمية ودولية، حيث مازالت فرنسا مصرة على إجراء انتخابات عامة برلمانية ورئاسية نهاية العام القادم، رغم تشكيك البعثة الأممية في ذلك، ومطالبة إيطاليا بتوفير بيئة سياسية وأمنية مناسبة لعقدها.


ورشح ارتيمة لـ"عربي21" تصاعد وتيرة الخلافات بشأن ليبيا، التي انتقلت إلى الداخل الإيطالي بين الأجهزة الأمنية المخابراتية والحكومة الائتلافية ما بين حزبي رابطة الشمال والخمس نجوم، وهو ما سيعرقل جهود التسوية التي من المفترض أن ينتهي إليها مؤتمر باليرمو.


إلا أن المحلل السياسي الليبي استدرك، بالقول، إن حضور الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حال موافقته، سيساعدان على دفع إيطاليا إلى مزيد من التقدم في الملف الليبي، مع إمكانية تراجع باريس خطوات للخلف، خاصة وأن مبادرة باريس حاليا لا يمكن تقديمها كجزء من حل أزمة ليبيا السياسية.


دور فرنسا


إلى ذلك، أعرب الأكاديمي الليبي أحمد يونس عن اعتقاده بأن لفرنسا دور كبير في محاولة إرباك ليس المشهد الليبي فقط، بل الاستفادة من التناقضات في السياسية الخارجية لروما ما بين حكومة جوزيبي كونتي، ورئيس المخابرات الحالي البيرتوا مانينتي.


وقال يونس لـ"عربي21" إنه لم يعد خافيا على أحد، دور باريس في محاولة إبعاد السفير الحالي في طرابلس جوزيبى بيرونى بطلب من اللواء المتقاعد خليفة حفتر وضغط فرنسي، واستبداله بآخر، على خلفية تصريحات بيروني العديدة المطالبة بعقد انتخابات في النصف الثاني من العام القادم بعد توفر الظروف الملائمة لها.


وأوضح الأكاديمي الليبي، أن دور حفتر في مستقبل العملية السياسية، وموعد إجراء الانتخابات البرلمانية والتشريعية، تحول من صراع فرنسي إيطالي، إلى خلاف داخل أروقة روما ما بين الحكومة والأجهزة الأمنية.