ملفات وتقارير

فورين بوليسي: هل اتخذت جائزة نوبل لهذا العام بعدا سياسيا؟

فورين بوليسي: جائزة نوبل للسلام لا تملك أي قيمة في حال لم تكن متناغمة مع روح العصر

نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية تقريرا، تحدثت فيه عن جائزة نوبل للسلام التي منحت لنادية مراد ودينيس ماكويغي، اللذين عُرف بنشاطهما في مكافحة الاغتصاب. ومن الواضح أنه ليس من قبيل الصدفة أن تمنح هذه الجائزة لمدافعين ضد التحرش والاغتصاب في اليوم ذاته الذي أسند فيه بريت كافانو، بشكل صوري، منصب قاض في المحكمة العليا الأمريكية، على الرغم من قضية التحرش الموجهة ضده. 


وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن موعد الإعلان عن أسماء الفائزين بهذه الجائزة جاء في وقت حساس تمر به الولايات المتحدة خاصة والعالم عامة. ويرتبط ذلك بالتحقيقات في قضية التحرش الجنسي ضد كافانو، وبروز حركة "أنا أيضا" التي اجتاحت العالم منذ السنة الماضية.

 

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الحركة التي اكتسحت وسائل التواصل الاجتماعي تهدف إلى إدانة واستنكار التحرش الجنسي، وذلك على خلفية فضيحة منتج أفلام هوليوود البارز هارفي وينشتاين الجنسية، والتهم التي وجهتها عشرات النساء له.

وذكرت المجلة أن رئيسة اللجنة النرويجية لجائزة نوبل، بيريت رايس أندرسون، أعربت، في مؤتمر صحفي في مدينة أوسلو، عن أنه يجب عدم الربط بين حركة "أنا أيضا" والجائزة المقدمة هذه السنة. لكنها اعترفت بوجود علاقة وثيقة بين هذه الحركة والانتهاكات والجرائم الجنسية التي تكافح كل من الناشطة العراقية نادية مراد والطبيب الكونغولي دينيس ماكويغي لوضع حد لها، مثل الاستعباد الجنسي والاغتصاب الجماعي.

وبيّنت المجلة أن فداحة العنف الذي تعرض له كلا الفائزين بجائزة نوبل للسلام هذه السنة قد يكون سببا لتوخي اللجنة الحذر من أن يتم التشبيه بين مأساتهم والسيدات ضمن حركة أنا أيضا. فقد كانت نادية مراد "أمة جنس" لمدة 3 أشهر بين أيدي مسلحي تنظيم الدولة بعد أن قتلوا والدتها والعديد من النساء اليزيديات. وبالنسبة لماكويغي، الذي تعرض إلى جانب أفراد عائلته إلى هجوم من قبل مسلحين، فقد عالج آلاف الضحايا الذين تعرضوا للاغتصاب في شرق الكونغو. وقد وصفت الأمم المتحدة هذا البلد "بعاصمة الاغتصاب في العالم".

ونوّهت المجلة إلى أن جائزة نوبل للسلام لا تملك أي قيمة في حال لم تكن متناغمة مع روح العصر. ويوجد رأي مشترك حول حقيقة أن هذه الجائزة باتت تتخذ بعدا سياسيا خلال العقود الماضية. ويتجسد ذلك عبر بعث رسائل سياسية للمجتمع الدولي، من خلال منح الجائزة لأشخاص يدافعون عن قضايا معينة تعبيرا عن دعمهم وتشجيعهم. وتمنح هذه الجائزة تحقيقا لرغبة ألفرد نوبل، لتكريم أولئك الذين يروجون "للتآخي بين الأمم".

ونقلت المجلة عن لسان الباحث في جامعة منيسوتا، رون كاربس، أن "الأمر يتعلق بتكريم الطموح مقابل الإنجازات، خاصة عندما يتعرض ممثل أو مؤسسة دولية تدافع عن السلام أو حقوق الإنسان لضغوط، أو حين يناضل شخص من أجل حياته أو يتعرض للسجن". وأردف كاربس بأن "هذا الأمر لا يختلف عن منح هذه الجائزة إلى الاتحاد الأوروبي عندما كان يعاني من ضغوط، أو منحها إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية بهدف تعزيز مساعيها".

وأردفت المجلة بأن أفضل دليل على تسييس هذه الجائزة يكمن في منحها إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما سنة 2009، على الرغم من أنه لم يمض على توليه منصبه الجديد سوى 37 أسبوعا.

 

وبالنسبة لمعظم المراقبين في ذلك الوقت، كان يُنظر إلى الجائزة على أنها تعبير عن ارتياح المجتمع الدولي إزاء خروج الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش، من الحكم، وأن رئيسا أمريكيا آنذاك تعهد بتحسين الوضع.

في المقابل، تبين فيما بعد أن أوباما ليس صانع السلام المتفاني الذي كانت اللجنة تعلق آمالا عليه. وفي وقت لاحق، كتب الأمين العام للجنة العالمية لجائزة نوبل آنذاك، جير لوندستاد، في مذكراته: "حتى أن العديد من مؤيدي أوباما صاروا يعتقدون أن الجائزة كانت خطأ. وبناء على ذلك، لم تحقق اللجنة ما كانت تأمله".

وأضافت المجلة أن الجائزة الحالية يمكن أن تكون إشارة إلى الفضيحة التي طالت منظمة جائزة نوبل للسلام، بعد أن تبيّن أن مصورا فرنسيا كان على علاقة مقربة بأعضاء لجنة جائزة نوبل للأدب في السويد، متهم بالتحرش الجنسي والاغتصاب. وقد ألغت اللجنة السويدية، وهي في الغالب مستقلة عن نظريتها النرويجية، الجائزة في الأدب هذه السنة جراء هذه الفضيحة.

وفي الختام، كشفت المجلة أن الجوائز الممنوحة عموما ليس لها تأثير كبير في تعزيز أهداف الفائزين في السنوات الأخيرة، بل وفي بعض الأحيان كان لها انعكاسات سلبية. فعلى سبيل المثال، حازت الناشطة الإيرانية في مجال حقوق الإنسان، شيرين عبادي، على جائزة نوبل سنة 2003، ما جعل السلطات الإيرانية تقرر نفيها سنة 2009.

 

للاطلاع على نص التقرير الأصلي اضغط هنا