صحافة دولية

نيويوركر: مديرة في "رايتس ووتش" تعتبر ابن سلمان مثل القذافي

نيويوركر: وصف خاشقجي ابن سلمان بأنه لا يتسامح وليس مستعدا لاستيعاب النقاد- جيتي

نشرت مجلة "نيويوركر" مقالا للصحافية روبن رايت، تحت عنوان "هل قتل السعوديون جمال خاشقجي؟"، تقول فيه إن الصحافي، الذي اختفى منذ خمسة أيام في قنصلية بلاده، عبر لها في آخر مرة تحدثت إليه، وكانت في آب/ أغسطس، عن أنه كان خائفا على حياته. 

 

وتقول رايت إن الصحافي والمحرر السابق ومستشار الحكومة سابقا كان مقتنعا بأن القيادة الجديدة في المملكة تريد قتله، فقال: "بالطبع، يحبون أن يروني خارج الصورة"، وتعلق قائلة إنه قال هذا الكلام سابقا، "لكنه كان يعيش في المنفى في واشنطن منذ أكثر من عام، ولهذا اعتقدت أنه كان يبالغ في الكلام، ربما لا". 

 

وتشير الكاتبة في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الصحافي لم يخرج من القنصلية السعودية في إسطنبول منذ يوم الثلاثاء الماضي، التي ذهب إليها بغرض الحصول على أوراق تؤكد أنه مطلق ليستطيع الزواج من جديد، فيما قالت خطيبته التي انتظرت في الخارج إنه لم يخرج أبدا.

 

وتلفت رايت إلى تصريحات مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ياسين أقطاي، التي قال فيها إن تركيا تعتقد أن خاشقجي قتل في داخل القنصلية، مشيرا إلى أن 15 سعوديا شاركوا في اغتياله. 

 

وتنقل المجلة عن توران كيسلاتشي، الذي يترأس الجمعية التركية العربية للإعلام، وهو زميل خاشقجي، قوله إن الحكومة التركية نصحته "بتحضير مراسم الجنازة.. قتل خاشقجي بطريقة بربرية"، ثم قطع إلى أجزاء. 

 

وتقول الكاتبة إن "خاشقجي كان صوتا مهما في المملكة، وأعرفه منذ عقود، وكان مواليا للعائلة المالكة، وبالنسبة للصحافيين والخبراء فإنه كان دائما الشخص المناسب لفهم طريقة تفكير العائلة المالكة". 

 

وتنوه رايت إلى عمل خاشقجي في صحيفة "الوطن"، التي ترأس تحريرها، وكان مديرا لمحطة تلفازية، مستدركة بأنه أصبح وبشكل متزايد ناقدا للحكومة، وغادر في حزيران/ يونيو 2017 السعودية، مشيرة إلى أن خاشقجي أثر في النقاش المتعلق بمستقبل السعودية حتى وهو في المنفى الاختياري، مع حوالي 1.7 مليون متابع على "تويتر"، ومقالات في قسم الآراء الدولية في صحيفة "واشنطن بوست"، وظهور منتظم على القنوات التلفازية الدولية. 

 

وتقول الكاتبة إن "اللغز الغريب الذي يحيط باختفاء خاشقجي هو جزء من التوجه العام منذ تعيين الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد في حزيران/ يونيو 2017، الذي يعرف بـ(أم بي أس)، والذي وعد بإصلاحات واسعة، لكن حكمه تميز بالشراسة وحملات الاعتقالات الجماعية لرجال الأعمال، وحتى الأمراء من عائلته، وصدور أحكام إعدام العام الحالي على ناشطات في مجال حقوق الإنسان ودعاة إسلاميين معتدلين وقفوا ضد التطرف". 

 

وتنقل رايت عن مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "هيومان رايتس ووتش" سارة لي ويتسون، قولها: "بالإضافة إلى اعتقال الناشطين والكتاب والشيوخ ورجال الأعمال داخل السعودية، حيث يمكن أن يزعم السعوديون أن ذلك يندرج تحت نوع من بعض (الإجراءات)، فإن ما يبدو أنه اختطاف خاشقجي هو جزء من أشكال لا يمكن للسعوديين الزعم بأن لها مظهرا قانونيا".

 

وتشير ويتسون إلى أن حملة الاستفزاز والقمع المتزايدة تشمل اعتقال الناشطة في مجال حقوق المرأة لجين الهذلول، في أيار/ مايو، التي جاءت ذات مرة في المرتبة الثالثة من بين أقوى الشخصيات النسوية العربية الأكثر تأثيرا، حتى في وقت كانت المملكة تقول فيه إنها تفتح الفرص للمرأة، من خلال السماح لهن بقيادة السيارة، وهو أمر دعت له الهذلول. 

 

وتلفت ويتسون إلى حادث آخر، وهو الهجوم "الأحمق" على الناشط غانم الدوسري، المعروف بفيديوهاته الساخرة على "يوتيوب"، التي ينتقد فيها العائلة الملكية الحاكمة، حيث هاجمه عميلان سعوديان في لندن، فيما تم في السابق اختطاف ثلاثة أمراء سعوديين منذ وصول الملك سلمان وابنه محمد  إلى السلطة عام 2015، بحسب ما جاء في برنامج عرضته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي". 

 

وتورد المجلة نقلا عن ويتسون، قولها إن "هذه الأفعال مجتمعة تعكس الطبيعة الوقحة والفظة لولي العهد، التي تشبه طبيعة القذافي، وعلاوة على هذا كله، فهي رسالة للسعوديين في الداخل والخارج مفادها: من الأفضل أن تصمتوا فأنتم لستم في مأمن ولا قانون يحميكم". 

 

وتقول الكاتبة إنها أرسلت يوم الأحد رسالة إلكترونية إلى وزير الخارجية، وجارها السابق عندما عاش في واشنطن حين كان دبلوماسيا شابا، عادل الجبير، ولم يرد على سؤالها عن خاشقجي. 

 

وتستدرك رايت بأن خبراء السعودية يعتقدون أن هناك أمرا أسوأ حدث، مشيرة إلى قول المحلل في معهد بروكينغز بروس ريدل وهو موظف سابق في وكالة الاستخبارات الأمريكية "CIA" ووزارة الدفاع ومجلس الأمن القومي: "دموع التماسيح لولي العهد والمسؤولين السعوديين ربما كانت خداعا ومراوغة"، وقد أخبر ريدل الكاتبة قائلا إن "اختفاء خاشقجي يتناسب مع أنماط الاستفزاز الفجة وإسكات المعارضة". 

 

وتفيد الكاتبة بأن خاشقجي أخبرها في آب/ أغسطس، بأن ولي العهد "لا يتسامح، وليس مستعدا لاستيعاب النقاد"، ومع أنه وريث العرش، وفي المرتبة الثانية، إلا أنه يتصرف وكأنه الحاكم الفعلي، كما قال خاشقجي، مشيرة إلى أنه أصبح أكثر استبدادا من الستة ملوك الذين حكموا السعودية منذ وفاة مؤسس السعودية الحديثة في عام 1953، الملك عبد العزيز بن سعود.

 

وتقول رايت: "عندما تحدثت معه في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، فإن خاشقجي قارن الملكية السعودية بالدولة الدينية الإيرانية، (أصبح أم بي أس القائد الأعلى)، في إشارة إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، الذي يعد السلطة العليا في إيران، ويملك حق الاعتراض على مفاصل الحكومة كلها".

 

ووصفه خاشقجي في لقائه مع الصحافية هذا الصيف، بقوله: "هو مستبد جدا وغير ليبرالي"، وأضاف: "عملت مع الحكومة لمدة أربع أو خمس سنوات ولم أفكر بأنني سأعتقل، وبعدها بدأت في الاعتقاد (بأن هذا ممكن) ولهذا غادرت"، حيث أصبح وضع خاشقجي أكثر خطورة بعدما زادت حدة انتقاداته للحكومة في الأشهر الماضية. 

 

وتذكر المجلة أن صحيفة خاشقجي "واشنطن بوست" أصدرت يوم الأحد بيانا على لسان المحرر في الصحيفة فريد هيات، وصف فيه خاشقجي بـ"الصحافي الشجاع الملتزم.. الذي يكتب بحس من يحب بلده، والذي يؤمن إيمانا عميقا بالكرامة الإنسانية والحرية، ونحن فخورون بنشر كتاباته"، ووصف هيات التقارير التي تحدثت عن اغتياله قائلا إنه "فعل شنيع وغير مفهوم". 

 

وتختم الكاتبة مقالها بالإشارة إلى قول خاشقجي في أحد مقالاته الأولى في أيلول/ سبتمبر، إنه تريث طويلا في مواجهة حكومته "كان مؤلما جدا لي قبل سنوات عدة أنني لم أقل شيئا عندما اعتقل عدد من أصدقائي، فلم أرد خسارة وظيفتي وحريتي وخفت على عائلتي.. لكنني قررت اتخاذ خيار مختلف الآن، تركت بلدي وعائلتي ووظيفتي ورفعت صوتي، وغير ذلك سيكون خيانة لمن يذبلون في السجن، وأستطيع الكلام حيث لا يستطيع الكثيرون ذلك، وأريدك أن تعلم أن السعودية لم تكن دائما كما هي الآن، والسعوديون يستحقون أفضل". 

 

لقراءة النص الأصلي اضغط هنا