صحافة دولية

الإندبندنت: هذه قصة بريطاني اعتقلته الإمارات بتهمة التجسس

الصحيفة قالت الإمارات وضعت هيدجز في الحبس الإنفرادي بأحد سجون أبو ظبي- الإندبندنت

نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية مقال رأي للكاتب جو أودل سلط من خلاله الضوء على قصة ماثيو هيدجز الذي اعتقلته السلطات الإماراتية بتهمة التجسس، إذ أن الإمارات مزودة بأحدث تكنولوجيات التجسس، حيث ساهمت بريطانيا في تزويد أبو ظبي بهذه التكنولوجيات من خلال شركة "بي إيه إي سيستمز".


وقال الكاتب في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن التفاصيل المتعلقة باحتجاز أحد الأكاديميين البريطانيين في الإمارات بتهمة التجسس، مثلت صدمة بالنسبة لأولئك الذين ما زالوا يعتبرون هذه الدولة الخليجية بمثابة منارة إقليمية للتسامح والانفتاح. في المقابل، لن تفاجئ هذه الحادثة أولئك الذين تابعوا مراحل تطور البلاد خلال السنوات القليلة الماضية.


وذكر الكاتب أنه في شهر أيار/مايو، ألقي القبض على ماثيو هيدجز، البالغ من العمر 31 سنة، في مطار دبي حينما كان ينوي مغادرة البلاد بعد رحلة استمرت لمدة أسبوعين أجرى خلالها هيدجز العديد من البحوث استعدادا لحصوله على درجة الدكتوراه.


وعموما، سافر طالب جامعة درم إلى الإمارات للقيام بعمل ميداني ضمن أطروحة الدكتوراه الخاصة به حول تأثير الأمن الإماراتي والسياسات الخارجية في أعقاب الربيع العربي الذي اندلعت شرارته سنة 2011، وهو ما يعد موضوعا سيثير بما لا يدع مجالا للشك حفيظة السلطات الإماراتية.


وأضاف الكاتب أنه تم اعتقال هيدجز قبل أن يتم نقله إلى أحد سجون أبو ظبي، حيث تم احتجازه في الحبس الانفرادي دون أن يكون له تقريبا أي اتصال مع العالم الخارجي. والجدير بالذكر أنه في ظل عدم إدلاء الأطراف المعنية بأي تعليق رسمي بالإضافة إلى تأجيل محاكمة هيدجز، لا يزال الغموض يحوم حول الاتهامات التي طالت الطالب البريطاني.


وأفاد بأن زملاء هيدجز يعتقدون أنه محتجز بتهمة التجسس لصالح قطر، وهي الدولة التي قطعت الإمارات جميع العلاقات معها. وخلال الشهر الماضي، وفي إشارة واضحة حول القضية، ذكرت وسائل الإعلام الحكومية الإماراتية أن مواطنا أجنبيا، لم يتم الكشف عن اسمه، قد اعترف بتهمة التجسس بعد اتهامه "بالسعي للحصول على معلومات سرية حول الإمارات" بغية نقلها إلى أطراف خارجية.


وأورد الكاتب أنه خلال السنوات القليلة الماضية، أصبح النظام الحاكم أكثر قمعا في الداخل، على الرغم من الترويج لاعتماده على سياسة أكثر تشددا في الخارج. ففي الشهر نفسه الذي تم فيه اعتقال هيدجز، حكمت إحدى محاكم أبو ظبي على أحمد منصور المدافع عن حقوق الإنسان والحائز على جائزة في هذا المجال، بالسجن لمدة 10 سنوات بتهمة "التشهير" بالإمارات العربية المتحدة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وعلى الرغم من أنه يُشار إليه على أنه آخر شخص يتحدث علانية عن القمع الذي تمارسه دولة الإمارات، كان سجن منصور بمثابة ذروة الحملة التي شنتها أبوظبي على حرية التعبير التي استمرت عقدا من الزمان في دولة تم فيها سجن العشرات من المنشقين السياسيين بمجرد التعبير عن آرائهم على موقع "فيسبوك".


وأشار الكاتب إلى أن الشواطئ الرملية الذهبية في دبي وناطحات السحاب والفنادق من فئة خمس نجوم، ليست إلا مجرد غطاء يخفي بين طياته الممارسات التي يعتمدها النظام. لكن كما توضحه العديد من القضايا، على غرار ما حدث مع هيدجز، لا يمكن إنكار أن الإمارات العربية المتحدة أصبحت من أكثر الأماكن التي تُفرض فيها الرقابة بشكل صارم على وجه الأرض.


وأوضح الكاتب أنه باعتبارها دولة بوليسية في القرن الحادي والعشرين، تعد الإمارات مجهزة بأحدث تكنولوجيات التجسس التي توفرها الشركات العالمية، الأمر الذي جعلها "سعيدة" للغاية بسد الفجوة المتنامية في السوق. ومن بين هذه التكنولوجيات، نذكر تلك التي توفرها شركة "بي إيه إي سيتمز" البريطانية.


فخلال السنة الماضية، كشف تحقيق أجرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أن شركة "بي إيه إي" كانت تصدر تكنولوجيات المراقبة إلى الإمارات وغيرها من الأنظمة القمعية في المنطقة، التي استخدمتها السلطات الإماراتية بهدف التجسس على مواطنيها.


وذكر الكاتب أنه خلال السنوات الأخيرة، توطدت العلاقة بين المملكة المتحدة والإمارات حيث تعمقت أكثر عندما لاح مشروع انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في الأفق. وخلال عملية البحث عن صفقات تجارية مربحة في جميع أنحاء العالم، لم تعد قضية حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية من أولويات أبوظبي. 


فبعد مرور أيام معدودة على نشر تقرير الأمم المتحدة الذي اتهم التحالف الذي تقوده السعودية بالقيام بالعديد من الانتهاكات في اليمن، اعتبر وزير الداخلية، ساجد جاويد، البلاد بمثابة قوة للسلام والأمن الدوليين خلال اجتماع له مع وزير الخارجية الإماراتي.


وأضاف الكاتب أنه بما أن الحرب في اليمن قد تؤدي إلى تشويه سمعة الإمارات على الساحة العالمية، تم الكشف هذا الأسبوع عن توقيع وزارة الخارجية على مذكرة مع حكومة دبي لمدة سنتين من أجل تحسين صورة أبو ظبي داخل المملكة المتحدة. 


وبعد إدانتها من قبل منظمة العفو الدولية نظرا لتلميع صورتها فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، وصف عضو حزب العمال، جون تريكيت، أن السياسة التي تعتمدها أبو ظبي ليست سوى "حيلة معتمدة في العلاقات العامة" تسعى من خلالها إلى خدمة النظام القمعي.


وقال الكاتب إنه على الرغم من إثارة، وزير الخارجية، جيريمي هنت، للموقف المحرج الذي وضعت الإمارات نفسها فيه من خلال حادثة هيدجز مع نظيره الإماراتي، إلا أن طبيعة هذا التدخل لازالت تشوبها الغموض. ومما لا شك فيه، يأمل هنت في التوصل إلى حل سريع للمسألة ليس فقط من أجل هيدجز، وإنما أيضا من أجل حماية "العلاقة الخاصة" التي تجمع كلا من الإمارات والمملكة المتحدة.


وفي الختام، طرح الكاتب تساؤلا حول ما إذا كان التوجه المعتمد من قبل بريطانيا بعد انسحابها من الاتحاد الأوروبي سيكون قائما على تواطؤ الحكومة مع الأنظمة القمعية، في حين يقبع الأكاديميون والمدافعون عن حقوق الإنسان بين أروقة سجونها.

 

وعموما، لا بد من إطلاق سراح ماثيو هيدجز. في المقابل، تحتاج الحكومة إلى استجواب الشركة التي تملكها أو على الأقل دفعها إلى الاعتراف بالأثر المدمر للانتهاكات الأساسية لحقوق الإنسان التي تمارسها دولة الإمارات العربية المتحدة.