صحافة دولية

مقال لخطيبة خاشقجي: ضحى بحياته دفاعا عن حرية السعوديين

خديجة جنكيز كتبت مقالا في نيويورك تايمز تحدثت فيه عن علاقتها بخاشقجي- واشنطن بوست

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية مقال رأي لخديجة جنكيز خطيبة الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي اختفى في قنصلية بلاده بإسطنبول بعد مراجعتها للحصول على أوراق رسمية.


وفي المقال الذي ترجمته "عربي21"، تقول جنكيز إن خاشقجي "كان مناضلا ويتمتع بحس وطني تجاه وطنه، ويبدو أن مشاعره الإيجابية تجاه وطنه قد أدت إلى نتائج عكسية"، وفق تعبيرها.


وتشير جنكيز إلى أنها التقت خاشقجي للمرة الأولى في أيار/مايو الماضي، أثناء حضورهما أحد المؤتمرات المتعلقة بالشؤون السياسية في الشرق الأوسط. وخلال محادثتهما التي استمرت لمدة نصف ساعة، أعرب جمال عن قلقه إزاء التغيرات التي تحدث في السعودية.


وأضافت طالبة الدكتوراه في جامعة إسطنبول، أنها "أصبحت معجبة بشخصية خاشقجي وشجاعته، حيث لم يكن يتوانى عن طرح المسائل السياسية الهامة في الشرق الأوسط. ونظرا لشغفهما المشترك بالديمقراطية وحرية التعبير، تطور حوارهما العادي بسرعة ليتخذ شكل علاقة عاطفية".


وأشارت إلى أن أصول عائلة خاشقجي تعود إلى مدينة قيصري في تركيا. "وعلى الرغم من جذوره وسفره المستمر حول العالم، أحب جمال السعودية أكثر من أي مكان آخر، لكن آراءه وكتاباته جعلت من مكوثه على الأراضي السعودية أمرا غير محبب بالنسبة للسلطات. وإقرارا للحق، تبدو مغادرة الصحفي المخضرم للسعودية مبررة، خاصة في ظل حملة الاعتقالات التي شنها ولي العهد محمد بن سلمان على النشطاء الحقوقيين والمفكرين".


وتلفت إلى أن خاشقجي "طالما وصف نفسه بأنه مناضل وطني، ورفض تسمية الآخرين له بالمعارض وكان يقول أنا صحفي مستقل يستخدم قلمه من أجل مصلحة بلاده، ونظرا لسعيه لاستكمال مسيرته دون المساس بكرامته، ارتأى هذا الصحفي مغادرة البلاد والتطرق بحرية إلى المسائل والقضايا التي كانت تشغل باله".


وتضيف خديجة جنكيز أن خاشقجي "طالما كان يمتلك حنينا جياشا تجاه وطنه، ودائما ما كان يهاتفها ليخبرها بأنه غير راض عن نمط حياته الحالي، وأنه يريد العودة إلى مسقط رأسه ويزيح عن كاهله هذا العبء الثقيل. وعلى أمل عيش حياة أفضل، انتقل خاشقجي من واشنطن إلى إسطنبول، وقصد مقر القنصلية السعودية في تركيا في ذلك اليوم المشؤوم من شهر تشرين الأول/ أكتوبر الجاري".


وقالت إنها "تشاركت أحلامها مع جمال، كما دأب على إخبارها بأنه سيكون سعيدا لتعريفها على أصدقائه في الولايات المتحدة الأمريكية بعد زواجهما. وعلى الرغم من معاناته من هذه المشاعر الجياشة، لم يزعج جمال الأشخاص المحيطين به من خلال الحديث عنها، بل كان يحاول دائما أن يبدو بمظهر الرجل القوي والصامد".


وبشأن يوم اختفائه، قالت خديجة إنها "رافقته إلى مبنى القنصلية السعودية في إسطنبول من أجل الحصول على أوراق توثق طلاقه من زوجته السعودية، ولم يتوقعا حدوث أي طارئ، ولم يكونا ملمين بالمخططات التي كانت في انتظارهما".


وعن تفاصيل يوم الحادثة، تقول جنكيز إنها كانت تخطط لقضاء بقية اليوم في اقتناء بعض الأجهزة لمنزلهما الجديد، ثم التوجه لمقابلة الأصدقاء والعائلة على العشاء. وفور وصولهما إلى موقع قريب من القنصلية، أخبرها خاشقجي بأن تتصل بالشرطة في حال تأخر في الخروج، وهو ما حصل فعلا.


وأفادت بأنها "بدأت تشعر كما لو أن جمال فارقها وأنهما لم يعودا يعيشان في العالم ذاته بعد الآن، وهي تتساءل عن مكانه وحاله وعما إذا كان على قيد الحياة. وفي حال لم يتم احتجاز خاشقجي، لكان زوجها في الوقت الحالي، وتسنى له الاحتفال بعيد مولده برفقة أصدقائه المقربين والأشخاص المحببين إلى قلبه، ليشعر بالدفء والحنان اللذين افتقدهما طوال الفترة الماضية".


وبعد مرور 13 يوما على الحادثة، تقول جنكيز في مقالها إنها "تعيش كل يوم على أمل سماع خبر يفيد بأنه على قيد الحياة. ويبدو أن التقارير الإعلامية تفتقر للدقة في الوقت الحالي، لكن صمت السلطات السعودية يزيل هذه الشكوك"، وهو ما يدفعها للتساؤل بشكل مستمر حول ما إذا كان خبر اغتيال جمال صحيحا.


واعتبرت أنه "في حال ثبتت الادعاءات المتعلقة باغتيال جمال، فإنه يعد شهيدا بالفعل. ولا يقتصر الشعور بفقدانه عليها فقط، بل سيمثل موته خسارة لكل شخص يتحلى بضمير أخلاقي. وإذا ما ثبتت هذه الادعاءات، فإنه يجب عدم الاكتفاء بإدانة مقترفها فحسب، بل يجب محاسبته بغض النظر عن منصبه، فضلا عن معاقبته إلى أقصى حد يسمح به القانون".


وتختم مقالها بالقول: "لقد تحدث جمال عن القمع في بلاده، لكنه دفع حياته ثمنا لمطالبة الشعب السعودي بالتمتع بحريته. لا يمكن للقمع أن يدوم إلى الأبد، ففي نهاية المطاف سيدفع المستبدون ثمن خطاياهم. وعندما يترك حبيبك هذا العالم، لا يصبح العالم الآخر مخيفا أو بعيدا كما كان، بل إن حقيقة أننا وحيدون في هذا العالم أشد إيلاما من ذلك".