ملفات وتقارير

هل يخسر الإسلاميون أقدم معاقلهم الانتخابية بموريتانيا؟

مختصون: القضاء الموريتاني مسير من السلطة التنفيذية - جيتي

توجه الناخبون الموريتانيون قي بلدية "عرفات" بالعاصمة الموريتانية نواكشوط اليوم السبت إلى صناديق الاقتراع لاختيار عمدة لبلديتهم في ثالث جولة إعادة في أقل من شهرين.


فقد أصدرت المحكمة العليا في الـ15 من أكتوبر الجاري قرارا، بإعادة الانتخابات في بلدية "عرفات" بنواكشوط للمرة الثالثة، بعد أن فاز حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (إسلامي معارض) بهذه الدائرة في جولة الإعادة الثانية التي جرت يوم 15 سبتمبر الماضي.


وأصدرت المحكمة قرارا بإعادة الانتخابات للمرة الثالثة في هذه الدائرة الانتخابية بعد طعن تقدم به حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم.


وبدأ الناخبون في هذه الدائرة الانتخابية اليوم السبت بالإدلاء بأصواتهم لاختيار عمدة للبلدية وسط تنافس قوي وغير مسبوق، مع الحزب الحاكم الطامح لانتزاع هذه الدائرة الانتخابية التي ظلت لأكثر من 15 سنة معقلا انتخابيا لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية الإسلامي.


وفاز حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية بهذه الدائرة الانتخابية في الانتخابات المحلية التي جرت عام 2001 ثم فاز أيضا بها في انتخابات 2006 وفاز بها بشكل كبير في الانتخابات التي جرت عام 2013.

من يكسب الرهان؟


وانتقد عدد من المتابعين قرار المحكمة العليا إعادة الانتخابات في بلدية عرفات بنواكشوط، رغم فوز حزب (تواصل) الإسلامي، معتبرين أن القرار اتخذ بضغط من الحكومة من أجل فرض سيطرتها على هذه الدائرة الانتخابية التي ظلت عصية عليها لسنوات.


ويرى الباحث المختص في الشؤون السياسية محمد الحافظ ولد الغابد، أن تنظم شوط ثالث في بلدية عرفات "أظهر تحكم الحكومة في القضاء بالبلد" معتبرا أن القضاء حاليا مسير بالأوامر الشخصية للسلطات التنفيذية.


وأشار ولد الغابد في تصريح لـ"عربي21" إلى أن حزب (تواصل) قادر على كسب الرهان ولديه القدرة على زيادة قاعدته الشعبية في هذه الدائرة الانتخابية، فسكان هذه الدائرة الانتخابية أغلبهم من الطبقة الوسطى ويرفضون سياسات الحزب الحاكم".


وأضاف: "مع ذلك نحن ندرك أن الحزب الحاكم يمتلك كل أدوات اللعبة وقادر على تزييف نتائج الانتخابات فهو يريد أن يلتهم كل شيء".


ونبه إلى أن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم لديه قدرات كبيرة "لكنها مخذولة لأنها في الغالب باعتماد أدوات غير شرعية وغير أخلاقية بينما يصر الطرف الآخر على المنازلة ويحشد لها بوصفها قضية رمزية كسبها وخوضها يعتبر ذو دلالات رمزية" وفق قوله.

صراع بين الخير والشر 

 

ومنذ يومين اشتد السجال السياسي بين قادة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، وقادة حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" المعروف اختصارا بـ(تواصل).


وانتقد رئيس الحزب الحاكم سيدي محمد ولد محم، أسلوب الحملة الدعائية لحزب (تواصل) مؤكدا أن دائرة عرفات ستكون من نصيب الحزب الحاكم هذه المرة.


وأضاف في تغريدة على حسابه الشخصي في توتير: "العملية الانتخابية الجارية في بلديتي الميناء وعرفات يحاول الخصم تحويلها من مجرد تنافس سياسي على إدارة مجلس بلدي إلى معركة بين الحق والباطل وصراع بين الخير والشر، أما وقد صوروها كذلك... فثقوا أيها الاتحاديون (الاتحاد من أجل الجمهورية) أن الحق إلى جانبكم والخيرَ في كَفتكم".


من جهته وصف الرئيس السابق لحزب (تواصل) محمد جميل ولد منصور، المنافسة الحالية بدائرة عرفات بأنها، "نزال انتخابي وسياسي بين الساعين إلى الإصلاح والمصرين على فرض الفساد".


وأضاف في تغريدة عبر حسابه على توتير: "المنافسة في عرفات والميناء ليست صراعا بين الحق والباطل" مشيرا إلى أنها منافسة "بين من كسبوا الانتخابات في الشوط الأول والثاني وفي شوط إعادة الفرز وبين من ضغطوا وجيروا وهددوا ليخاض شوط آخر بلا مبرر ولا مسوغ".

 فك الحصار 


وفي خضم السجال السياسي الحاصل، قالت القيادة بحزب الاتحاد من أجل الجمهورية، فاطمة بنت عبد المالك، في مهرجان سياسي إن بلدية عرفات حرمت خلال السنوات الماضية من الكثير من الدعم لتصويتها الدائم على المعارضة، وإنها لن تستفيد من العديد من أنواع دعم الحكومة أيضا هذه المرة إذا صوتت لحزب تواصل المعارض.


وقد أثارت تصريحات بنت عبد المالك، انتقادات واسعة بين المدونين والسياسيين، واصفين مثل هذه التصريحات بأنها غير مسؤولة، ومطالبين بفك ما سموه "حصار بلدية عرفات حتى ولو انتخبت عمدة معارضا".


وفي هذا السياق رفض مرشح حزب (تواصل) لمنصب عمدة بلدية عرفات الحسن ولد محمد، تصريحات القيادية بالحزب الحاكم معتبرا أن ما تحدثت عنه: "يعتبر اعترافا بخيانة حكومات الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم لأمانتها تجاه البلديات، ومعاقبة المواطنين على اختيارهم".


وأضاف في تدوينة عبر حسابه على فيسبوك: "لقد احتقر حزب النظام سكان بلدية عرفات حين رشح لهم من لا يعرفون، ومن تلاحقهم الاتهامات، وحين توسل إليهم بمن لا يزورهم إلا مرة كل خمس سنوات ، واحتقرهم مرة أخرى حين رفض قرارهم الذي أكدوه في شوطين مشهودين، رغم ما أجلبت به دعايته من الترغيب والترهيب، ويحاول احتقارهم ثالثة بتسويق مثل هذه الدعاية الغبية التي تمزج بين الاعتراف بالجريمة، والاستخفاف بالعقول".