صحافة دولية

WP: كيف أعاد مقتل خاشقجي التركيز على دور السعودية باليمن؟

واشنطن بوست: مقتل خاشقجي يعيد التركيز على انتهاكات السعودية في اليمن- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا أعده سودرسان راغفان، يقول فيه إن الدور السعودي في الحرب المدمرة في اليمن أصبح محلا للتدقيق بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول بداية شهر تشرين الأول/ أكتوبر. 

 

ويجد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، أن الرواية السعودية عن الحرب في اليمن، وأنها تقوم باختيار أهدافها بعناية للغارات الجوية، وأن أعداد القتلى المدنيين الذين تتحدث عنهم الأمم المتحدة مبالغ فيها، مشيرا إلى أن التحالف لا يتدخل بأي حال من الأحوال في المساعدات الإنسانية أو في مساعدة الاقتصاد اليمني المحاصر. 

ويشير راغفان إلى أن مقتل الصحافي خاشقجي، والإنكار السعودي بمعرفة أي شيء عن مصيره أثارا مظاهر قلق جديدة حول الرواية التي تقدمها السعودية للحرب المدمرة التي تشنها في اليمن.

 

وتنقل الصحيفة عن الباحثة في الشؤون اليمنية في جامعة أوكسفورد إليزابيث كيندال، قولها إن مقتل خاشقجي "شرع الأبواب للشك بالنسخة السعودية عن الحرب في اليمن كلها.. لم تعد قادرة على القول للعالم ما تريده أن يفكر دون أن يشك العالم ويتشكك بما تقوله".

 

ويذهب التقرير إلى أنه مع تضاعف هذه الشكوك فإنها تطرح أسئلة جديدة حول الإدارة الأمريكية، وإن كانت تثق بما تقوله السعودية للمسؤولين الأمريكيين حول ما تقوم به في اليمن، خاصة دورها في سقوط الضحايا المدنيين وانتهاكات حقوق الإنسان. 

 

ويلفت الكاتب إلى أن الإدارة الأمريكية تعتمد على المعلومات السعودية في حث المشرعين الأمريكيين على السماح ببيع أسلحة جديدة إلى السعودية، وتقديم مساعدات عسكرية للمملكة، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تقدم الدعم للسعوديين من خلال توفير الوقود في الجو للمقاتلات التي تقوم بغارات ضد الحوثيين، بالإضافة إلى توفير المعلومات الاستخباراتية والدعم اللوجيستي وصفقات الأسلحة بمليارات الدولارات. 

 

وتذكر الصحيفة أن التحالف بقيادة السعودية يحاول منذ بداية الحرب الإطاحة بالحوثيين الذين سيطروا على العاصمة ومناطق واسعة من شمال اليمن وإعادة الحكومة المنتخبة، لافتة إلى أن السعودية والإمارات وبقية الدول المشاركة في التحالف تدعمان قوات الحكومة، أما إيران فتدعم المقاتلين الحوثيين. 

 

وينوه التقرير إلى أن كلا من وزير الخارجية مايك بومبيو، ووزير الدفاع جيمس ماتيس، شهدا أمام الكونغرس بأن الحكومة السعودية وحلفاءها تقوم باتخاذ الإجراءات الكافية لتجنب القتلى بين المدنيين، وقال مسؤول بارز في البيت الأبيض إن الوزيرين استشارا عددا من المصادر، وهما متأكدان من النتيجة التي قدماها للكونغرس.

 

ويقول راغفان إن "المصادر" تضم السعوديين أنفسهم، الذين يقومون بالتحقيق في الضحايا المدنيين بسبب الغارات، ويقولون إنهم قتلوا في عدد قليل من الحالات مدنيين، بشكل يناقض المعلومات التي جمعتها الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى، مشيرا إلى أن مشروع بيانات اليمن يقول إن عدد القتلى المدنيين يصل إلى حوالي 50 ألف ضحية منذ بداية الحرب.

 

وتشير الصحيفة إلى أنه لم يتم القيام بتحقيق عاجل في الحالات التي كان يسقط فيها قتلى مدنيون، ويقول المسؤولون السعوديون إن القتلى المدنيين سقطوا عرضا في الغارات التي تم اختيارها بعناية، فيما تقول كيندال: "لم تعد تظهر وكأنها عرضية بالطريقة ذاتها التي كان فيها قتل خاشقجي صدفة". 

 

ويفيد التقرير بأن الصحافي المساهم في "واشنطن بوست" اختفى في 2 تشرين الأول/ أكتوبر، حيث أكد السعوديون أنه خرج من القنصلية بعد دخولها بوقت قصير، ثم اعترفوا بعد أسبوعين بمقتله، وقالوا إن ذلك نتج عن مشاجرة، ليعودوا ويغيروا الرواية بأن القتل كان عمدا، لافتا إلى أن السعوديين يقولون الآن إنهم يقبلون بالنتيجة التركية، وهي أن مقتله خطط له مسبقا، فيما وصف الرئيس ترامب السعوديين بأنهم متورطون في أسوأ عملية تستر في التاريخ. 

 

ويورد الكاتب نقلا عن النائبة العمالة إيملي ثورنبري، قولها لمجلس العموم  البريطاني: "لقد شاهدنا أشكالا متكررة لعبها" السعوديون بشان الطريقة التي تعاملوا فيها مع خاشقجي وحرب اليمن، وأضافت ثورنبري: "عندما يسقط المدنيون ينكرون صحة التقارير، وبعد ذلك ينكرون المسؤولية.. وعندما يصبح الدليل قاطعا يقولون إنه خطأ فادح، ويحملون عناصر مارقة مسؤوليته، ويعدون بمعاقبتهم، ويقولون إن هذا لن يحدث أبدا حتى المرة الثانية عندما يرتكبون عملا آخر".

 

وينقل راغفان عن مسؤول بارز في البيت الأبيض التقاه في العاصمة المصرية القاهرة، قوله إن العلاقات الأمريكية السعودية القوية تقليديا يمكن أن تتحسن، "أعتقد أننا بحاجة بشكل عام لمزيد من الشفافية"، وبالنسبة لليمن فإنه قال إن الإدارة كانت متماسكة فيما يتعلق بالمعلومات التي يقدمها السعوديون "فيما يتعلق باليمن، لدينا رؤية واضحة نوعا ما"، حيث كان المسؤول يتحدث لمجموعة من الصحافيين، شرط عدم الكشف عن اسمه. 

وتجد الصحيفة أن النزاع يزيد من الكارثة الإنسانية التي زادت سوءا هذا العام، ففي اجتماع مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي، حذر مسؤول الشؤون الإنسانية مارك لوكوك، من أن هناك 14 مليون يمني -أي نصف سكان البلاد- يعيشون على حافة المجاعة، فيما هرب أكثر من 3 ملايين نسمة من بلادهم، في الوقت الذي زاد فيه وباء الكوليرا، حيث مات الآلاف من مرض كان يمكن منع حدوثه.

 

وبحسب التقرير، فإن المنظمات الإنسانية تتهم التحالف الذي تقوده السعودية بالمساهمة في الأزمة، من خلال شن حرب اقتصادية على اليمن، مشيرا إلى أن هناك ما يزيد على 18 ألف غارة جوية شنها التحالف على اليمن، ثلثها استهدف المدنيين، بما في ذلك المزارع، والأسواق، ومحطات تحلية المياه وتوليد الطاقة، والمستشفيات، والعيادات، ومخازن الغذاء، ومواقع التخزين، وذلك بحسب مشروع بيانات اليمن.

 

ويلفت الكاتب إلى أن التحالف فرض حصارا على الواردات، خاصة ميناء الحديدة الذي تسيطر عليه قوات المتمردين، الذي يعد البوابة الحيوية للطعام والدواء والوقود، مشيرا إلى أنه بسبب الحصار فإن أسعار الوقود زادت، وأصبح الطعام غير متوفر لمعظم اليمنيين، مستدركا بأن الحوثيين يتحملون المسؤولية أيضا؛ بسبب الضرائب التي فرضوها على الواردات وعلى نقاط التفتيش. 

وتنقل الصحيفة عن السكرتير العام لمجلس اللاجئين النرويجي جان إنغلاند، قوله إن اليمن تعرض لغارات جوية وأساليب خانقة، وأضاف أن التجويع الجماعي هو نتاج لأفعال الأطراف في الحرب، "فالحرب التي تم شنها بطريقة منظمة خنقت المدنيين، وجعلت الطعام أقل توفرا، وبأسعار معقولة لملايين الناس".

 

ويذكر التقرير أنه لا يوجد إشراف أمريكي حول كيفية مراقبة عمليات توفير الوقود للطائرات في الجو، ولا كيفية شن الغارات، فيقول الأمريكيون إنهم يعتمدون على السعوديين في هذا النوع من المعلومات، واعترف مسؤول في إدارة ترامب في آب/ أغسطس بإمكانية ضرب طائرات زودها الأمريكيون بالوقود جوا، وقال: "لكننا لا نعلم.. يجب على السعوديين تقديم المعلومات لنا، لكنهم لا يقدمونها لنا في الأوقات العادية". 

 

ويقول راغفان إن هذه التعليقات جاءت بعد غارة سعودية على حافلة مدرسية، قتل فيها أكثر من 40 طفلا كانوا في رحلة في شمال اليمن، وقال السعوديون في البداية إن الهدف مشروع نظرا لوجود مقاتلين حوثيين فيه، وأن الأطفال هم ضرر جانبي، مشيرا إلى أن السعوديين لم يقبلوا الحقيقة إلا بعد أن قدمت المنظمات الدولية صورا فضائية تثبت عكس كلامهم. 

 

وتنوه الصحيفة إلى أن تقريرا للأمم المتحدة دعا في آب/ أغسطس الدول للتوقف عن تقديم السلاح الذي يمكن استخدامه في الحرب، ما دفع منظمة "أمنستي إنترناشونال" لتحذير الولايات المتحدة بأنها قد تجعل من نفسها متورطة في جرائم الحرب إن واصلت دعم حرب اليمن، لافتة إلى أن نقاد السعودية يرون تشابها في شراستها في اليمن وقتل خاشقجي، حيث يشيرون إلى وجود يد في الحالتين لولي العهد السعودي والحاكم الفعلي محمد بن سلمان

 

وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى قول النائبة العمالية ثورنبري: "شاهدنا النمط ذاته"، مشيرة إلى مقتل خاشقجي، وهي تتحدث عن ولي العهد، "الذي يضحك على حلفائه، ويعتمد على أن ما يقوله سيصدقونه، وستتم تبرئته، وسيعود الجميع إلى ما كانوا عليه بعدما تخف الحملة الإعلامية" ضده.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)