ملفات وتقارير

الحريري عاجز عن تأليف حكومته مجددا.. ما الأسباب؟

الحريري عبر عن مخاوفه غير مرّة من محاولة مقصودة لعرقلة تأليف الحكومة- جيتي

يخيّم الجمود على المشهد السياسي في لبنان بانتظار عودة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى أجواء المشاورات، بعد رحلته إلى العاصمة الفرنسية باريس، في زيارة تحمل في حقائبها هواجس مؤتمر "سيدر" الداعم للبنان بنحو 11 مليار دولار.

الحريري كان قد عبر عن مخاوفه غير مرّة من محاولة مقصودة لعرقلة التأليف، لكن اللافت هو موافقة رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي حذّر من وضع العراقيل أمام رئيس حكومته المكلف؛ من خلال استحداث ما يسمى العقدة السنية، عبر مطالبة حزب الله بتوزير شخصية من النواب السنة ممن هم خارج عباءة تيار المستقبل.

العقدة الجديدة

وبينما تتباين المواقف حول أحقية هذا الطلب من عدمه، أكدت النائبة عن تيار المستقبل، رولا الطبش، أن "لا مبرّر لهذه العقدة؛ لأنه لا يوجد كتلة سنية من خارج تيار المستقبل"، على حد تعبيرها، موضحة في تصريحات لـ"عربي21" أنه "لا يمكن تصنيف النواب السنة من خارج التيار بأنهم كتلة واحدة، على اعتبار أن معظمهم منتمون لتكتلات نيابية أخرى تابعة لحزب الله أو حركة أمل والمردة وغيرها".

وأشارت إلى أن النواب الذين يطالبون بحصّة في الحكومة من رصيد الطائفة السنية يتذرّعون بأنّ الانتخابات النيابية أفرزت نتائج تصبّ في هذا الاتجاه، وقالت: "هذا المنطق يجرّ إلى مطالبة نواب مسيحيين من خارج الكتل الكبرى بحصّة لهم، على غرار ما يطالب به هؤلاء النواب".

ورأت أن هذه المطالب هي بمثابة "عرقلة سياسية تهدف إلى إبقاء الوضع على ما هو عليه، وعدم الخروج من المأزق، ومواجهة التحديات الاقتصادية والمعيشية للمواطن".

ورفضت الطبش تصريحات الوزير السابق والنائب السني الحالي، عبد الرحيم مراد، الذي اعتبر أن هناك محاولة لاحتكار التمثيل السني، وقالت: "ليس كل من نجح في الانتخابات يجب أن يكون ممثلا في مجلس الوزراء، وإذا أردنا السير بمعيارهم فالحكومة سيتجاوز عدد أعضائها خمسين وزيرا".

ولفتت إلى أن  "كلام رئيس الجهورية كان واضحا لجهة محاولة عرقلة التأليف"، مشيرة إلى أن "العلاقة بين الرئاستين الأولى والثالثة قوية ومتينة".

"حقّ وليس منحة"

وفي الجهة المقابلة، يعتبر لقاء النواب السنة أن تمثيلهم حقّ وليس منحة توهب لهم، وأوضح النائب جهاد الصمد: "لقاء النواب السنة خاضوا الانتخابات بلوائح مواجهة لتيار المستقبل؛ لاختلافهم معهم من الناحية السياسية"، مؤكدا في تصريحات لـ"عربي21" أن "المشاورات بخصوص توزير شخصية سنية من خارج المستقبل تراوح مكانها".

وتطرّق الصمد إلى موقف رئيس الجمهورية الداعم لوجهة نظر رئيس حكومته المكلف، فقال: "نحترم رأي الرئيس عون، غير أنه ليس ضروريا أنّ كل ما يقوله هو الصواب"، متابعا: "الأمر متعلّق بالتوازنات، ولا يحلّ بالسهولة التي يتمّ الحديث عنها".

وطالب الصمد بإيجاد حلّ على قاعدة تلبية مطلبهم، وشدد أنّ الإصرار على المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية مشروع؛ لأنه ينطلق من نتائج الانتخابات النيابية التي لم يمض عليها خمسة أشهر بما تعكسه من مشروعية طلبنا وتلبية لأصوات الناخبين الذين منحونا ثقتهم".

ودعا الصمد الرئيس المكلّف -في حال تجاوز طلبهم- إلى تشكيل حكومة ائتلاف، قائلا: "حينها سنتخذ الموقف المناسب".

وعن دعم الحلفاء لهم في سعيهم للحصول على مقعد وزاري، ومنهم حزب الله، قال: "لا تبنى تحالفاتنا على أساس المصالح المشتركة، ويعدّ التلاقي والتكاتف أصلا في التحالف عند المواضيع المفصلية تحديدا، مذكّرا بما أكد عليه الرئيس الحريري، عندما قال أن لا حكومة تتشكل من دون حليفه القوات اللبنانية، "على الرغم من الأخيرة تخلت عنه سابقا خلال أزمته مع السعودية".


ونوّه الصمد إلى أن ما يطالبون به هو "السعي إلى كسر الاحتكار السياسي للتمثيل السني المستمر منذ عام 2005 من قبل تيار المستقبل"، مردفا: "هناك رأي آخر لدى الطائفة السنية عكسته الانتخابات؛ ولذلك لا بد من تكريس الاختلاف السياسي وليس الشخصي من خلال المشاركة في الحكومة".

النظام الطائفي

بدوره، حمّل النائب عن كتلة اللقاء الديمقراطي الموالية للحزب التقدمي الاشتراكي، بلال عبد الله، النظام الطائفي في لبنان، مسؤولية تعثرات تشكيل الحكومات، قائلا: "تسعى الأقطاب السياسية لتحصيل حصصها سعيا لتعزيز أحجامها"، لافتا إلى أن "المشاورات السابقة حول عملية التأليف حملت تعاونا ضمنيا لتسهيل عملية ولادة الحكومة".

وأثنى عبد الله، في تصريحات لـ"عربي21"، على "مبادرة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في حلّ ما يسمى العقدة الدرزية، والتي تبعها موقف القوات اللبنانية الموافق على المشاركة في الحكومة، رغم عدم تحقيق مطالبهم".

وأضاف عبد الله: "برزت في اللحظات الأخيرة قبل المضي في إعلان الحكومة عقدة إضافية، والتي سميت العقدة السنية"، متحدثا عن مصدرين لهذه العقدة؛ "داخلي متمثل في مطالبة نواب سنة بما يعتبرون أنه حقهم في المشاركة، وخارجي متعلق بالتعقيدات الإقليمية وسط علامات الاستفهام ترسم على الوضع في فلسطين"، مضيفا: "لا يوجد غطاء يحمي لبنان من أي ضربة إسرائيلية محتملة بالتوازي مع وجود توازن الرعب بين المقاومة وإسرائيل، إضافة إلى الوضع الاقتصادي والفساد وتدهور الأوضاع الحياتية التي يكابدها لبنان حاليا".

وحول الفرص المتاحة أمام الحكومة للتوحد حول مشروع سياسي اقتصادي، أكد عبد الله عدم وجود رؤية مشتركة بين مكوّنات الحكومة، لكنّه رأى أن "جدوى وجودها تكمن في معالجة أزمات المواطنين التي ينادي بها الجميع، ومن بينها ملفات النفايات وأزمة كهرباء"، داعيا إلى "ضرورة تنظيم الخلاف السياسي عبر إيجاد مساحة للتلاقي حول الهموم المشتركة للبنانيين كافة".

اقرأ أيضا: "التمثيل السني" يؤخر تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة