صحافة دولية

WSJ: مهندسا علاقة ابن سلمان بتل أبيب أبعدا بعد قتل خاشقجي

الصحيفة قالت إن أحمد عسيري قام بزيارة سرية إلى إسرائيل- أرشيفية

نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية تقريرا، قالت فيه إن "حالة التقارب والتعاون بين إسرائيل السعودية، تمر بفترة برود" بعد الاتهامات لولي العهد محمد بن سلمان بالوقوف وراء قتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي.


وترى الصحيفة في تقريرها -الذي ترجمته "عربي21"- أن تداعيات "هذه الجريمة دفعت الرياض للتخلي عن جرأتها والتراجع عن مد يدها لإسرائيل، خوفا من هزة جديدة يتعرض لها النظام الحاكم".


وقالت الصحيفة، إن "المبادرة السرية التي كانت تحظى بدعم أمريكي، والهادفة لتوطيد العلاقات بين السعودية وإسرائيل، واجهت انتكاسة منذ أن تم الكشف عن تورط ولي العهد الذي كان يقود جهود التقارب بين البلدين، واثنين من مساعديه المقربين، في جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي".


دور محوري


وأوضحت أن "هذين المستشارين لابن سلمان، اللذين كانا يضطلعان بدور محوري في الاتصالات التي كانت تتم في الخفاء بين المملكة وإسرائيل، فقدا منصبيهما بعد الاشتباه في تورطهما في عملية تصفية جمال خاشقجي في قنصلية السعودية في إسطنبول".


وأكدت الصحيفة أن "ردة الفعل القوية من المجتمع الدولي بعد هذه الجريمة، وتداعياتها داخل القصر الملكي، ضيقت هامش المناورة أمام ولي العهد، وأثنته عن المواصلة في سياساته الخارجية المغامرة، على غرار الانفتاح تجاه إسرائيل، التي كانت لوقت طويل تعتبر عدوا".


ونقلت الصحيفة عن مسؤول رفيع المستوى في الحكومة السعودية لم تسمه قوله: "تمر العلاقات بين السعودية وإسرائيل بحالة من البرود منذ قتل خاشقجي، إذ أن آخر شيء ترغب فيه المملكة حاليا هو انكشاف هذا التقارب والتعرض لهزة جديدة".


وأشارت إلى أن "المستشار في الديوان الملكي سعود القحطاني، وأحمد العسيري نائب مدير المخابرات، لعبا أدوارا أساسية في الاتصالات بين البلدين، وذلك بحسب أشخاص مطلعين على هذه المسألة".


وبحسب هذه المصادر، تقول الصحيفة، فإن القحطاني "أصدر تعليمات لوسائل الإعلام السعودية لتحسين صورة إسرائيل في المملكة، رغم أن بلاده لا تزال بشكل رسمي ترفض الاعتراف بإسرائيل".

 

زيارة عسيري

 
وتضيف: "كما شارك القحطاني في عملية شراء تقنيات تجسس متطورة من شركات إسرائيلية، بما أنه كان أيضا مضطلعا بمهمة التجسس على الناشطين وخنق كل الأصوات المعارضة في المملكة، من خلال أساليب من بينها اختراق الأجهزة الاتصال الإلكترونية."


وأوردت الصحيفة أن اللواء العسيري من جانبه، "سافر بشكل سري وفي عدة مناسبات إلى إسرائيل، ليكون المسؤول السعودي الأرفع مستوى الذي تطأ قدماه هذا البلد وكزت زياراته على كيفية استفادة المملكة من تقنيات التجسس والمراقبة التي تعتبر إسرائيل رائدة فيها". 


واعتبرت أن إقالة هذين الرجلين "تسلط الضوء على مشكلة أكبر تواجهها المبادرة الدبلوماسية بين الرياض وتل أبيب، وهي تراجع دور ولي العهد، منذ انكشاف جريمة قتل خاشقجي". 


الملك سلمان

 

 وتوضح بالقول إن "الملك سلمان أصبح يضطلع بدور أكبر في إدارة البلاد منذ اندلاع تلك الأزمة، وهو يتخذ موقفا أكثر رفضا لدفء العلاقة مع إسرائيل، من ابنه البالغ من العمر 33 عاما، والذي وصف مؤخرا حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بأنه الأولوية القصوى للمملكة في المنطقة". 


وأشارت الصحيفة إلى أن "هذه الانتكاسة التي منيت بها العلاقات المنتعشة بين المملكة وإسرائيل، تلقي بشكوك على خريطة التحالفات والمواقف في المنطقة، وهو أمر تراه إدارة ترامب مصيريا في إستراتيجيتها تجاه الشرق الأوسط، التي تتضمن في أولوياتها احتواء إيران وتهدئة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".

السوق السعودية 


ورجحت الصحيفة أن "العلاقات بين تل أبيب والرياض، سوف تستمر على أي حال، على الرغم من هذه الهزة التي شهدتها مؤخرا، والسبب وراء ذلك هو أن هنالك مصالح أمنية واقتصادية مشتركة بين البلدين".


وتلفت إلى أن "الشركات الإسرائيلية تعتبر السوق السعودية فرصة مربحة بالنسبة لها، لتسويق منتجات الأمن السيبراني، وقد قامت بتزويد ولي العهد بالعديد من التقنيات المتطورة في إطار مشروع نيوم". 


وفي المقابل، تضيف الصحيفة: "تدرس الحكومة السعودي إمكانية استثمار مبلغ لا يقل عن 100 مليون دولار في شركات تقنية إسرائيلية متنوعة، بحسب أشخاص مضطلعين على هذا الاتفاق. ولكن منذ مقتل جمال خاشقجي، شهدت المفاوضات بين الطرفين حالة من البرود، إلا أن الاتصالات بينهما لا تزال مستمرة".


وتقول "وول ستريت جورنال": "السعودية وإسرائيل عملتا على تحقيق تقارب بينهما، على الرغم من المخاطر السياسية التي قد تواجهها المملكة جراء هذا الخيار، عندما ينكشف توددها لهذا البلد الذي يعتبر عدوا في العالم العربي بسبب احتلاله للأراضي الفلسطينية، وحرمان الفلسطينيين من أن تكون لهم دولة. ولذلك فإن القادة السعوديين حرصوا على إحاطة هذه العلاقات بغلاف من السرية، خوفا من الثمن السياسي الذي قد يدفعونه". 

مدير الموساد والسعودية

 

 وكشفت أن "مدير الموساد يوسي كوهين، التقى بمسؤولين سعوديين في عديد المناسبات خلال العام المنقضي، منها اجتماع تم عقده في حزيران/يونيو الماضي، بترتيب من الولايات المتحدة، وقد حضره أيضا مسؤولون من المخابرات المصرية والأردنية والفلسطينية".


وأكدت أن الأجهزة الاستخباراتية في السعودية وإسرائيل والإمارات، "تقوم بشكل منتظم بتبادل معلوماتها الاستخباراتية والأمنية، أساسا فيما يخص حركة الملاحة في البحر الأحمر، ومسائل أخرى من بينها إيران". 


كما ذكّرت الصحيفة بأن التقارب الإسرائيلي السعودي "بدأت تتشكل ملامحه منذ فترة رئاسة باراك أوباما، وذلك بناء على موقفهما المشترك الرافض للاتفاق النووي مع إيران. ومنذ وصول دونالد ترامب للرئاسة في 2016، حاول البلدان الاستفادة من الإدارة الأمريكية الجديدة المقربة منهما، من أجل تحقيق أهدافهما في الشرق الأوسط ثم في العام الموالي، بعد أن أصبح الأمير محمد بن سلمان هو وريث الحكم في السعودية، تسارعت وتيرة التقارب بين البلدين". 


وبحسب الصحيفة، فإن "كلا الطرفين استفاد من هذه العلاقة. إذ أن بنيامين نتنياهو كان واحدا من قادة قلائل في العالم تجرؤوا على الدفاع عن محمد بن سلمان، على الرغم من تقرير وكالة الاستخبارات الأمريكية، الذي يشير إلى أنه هو على الأرجح من أمر بتصفية خاشقجي". 


أما السعودية من جهتها، "فقد بدأت بإصدار تصاريح خاصة لرجال أعمار إسرائيليين، تسمح لهم بالسفر إلى المملكة بالاعتماد على وثائق محددة. وتهدف هذه الخطوة لتسهيل المعاملات التجارية بين البلدين، وذلك من خلال تمكين الإسرائيليين من دخول السعودية دون إظهار جوازات سفرهم".