صحافة دولية

موقع إسباني: هل باتت "الجامعة العربية" مشروعا فاشلا؟

خلال ثورات الربيع العربي، واجهت الجامعة العربية واقع قوانينها الخاصة التي تحول دون إمكانية إجراء تدخل وقائي أو دعم ممكن- جيتي

نشر موقع "الأوردن مونديال" الإسباني، المتخصص في الدراسات الدولية، تقريرا حول جامعة الدول العربية، التي تواجه مستقبلا غامضا؛ بين إمكانية التحديث وفرضية الاندثار.

 

ويزداد وضع المنظمة تعقيدا في ظل تحوّل العالم العربي إلى المنطقة التي يتركز فيها أكبر عدد من الحروب والصراعات.

 

وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن الصراعات والتوترات الإقليمية، والاختلافات في طريقة الحكم، ومعضلات على غرار "الإرهاب" من بين المهام المعقدة التي تواجهها جامعة الدول العربية.

 

كما تواجه المنظمة اختلافات كثيرة في صلبها، فضلا عن مستقبلها الضبابي، في منطقة تلعب فيها السياسة الخارجية دورا كبيرا لضمان الاستقرار الداخلي.  

وأضاف الموقع أن جامعة الدول العربية تأسست خلال سنة 1945، وكانت من أولى المنظمات الإقليمية التي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية.

 

وعلى الرغم من ضمها في بداية الأمر لبلدان شبه الجزيرة العربية، إلا أنها توسعت في وقت لاحق لتحتضن بلدان من شمال ووسط أفريقيا.

 

ومن بين الأسباب التي حفزت المنظمة إلى قبول عضوية بلدان مختلفين للغاية، يبرز العامل الجيوستراتيجي، والعامل الديني، فضلا عن رواج أيديولوجية الوحدة العربية. 

وأورد الموقع أن عامل اللغة يلعب دورا بالغ الأهمية لخلق وتعزيز مشاعر الانتماء في مجموعة غير متجانسة؛ حيث لا يوجد أي نوع من التشابه الثقافي بين موريتانيا وقطر على سبيل المثال. كما يكتسي الإسلام نفس الأهمية داخل هذه المنظمة. 

أما العامل الثالث الذي يلعب دورا محوريا في نشأة وتطور جامعة الدول العربية، فهو جيوستراتيجي وجيوسياسي بحت؛ والذي يفسر ضم بلد يسيطر على مدخل البحر الأحمر، ألا وهو الصومال، على الرغم من أنه يعتبر سياسيا دولة فاشلة. 


اقرأ أيضا :  "لاكروا": سوريا تكسر عزلتها الدبلوماسية تدريجيا


وذكر الموقع أن جامعة الدول العربية منظمة وليدة الأيديولوجية القومية العربية التي ظهرت خلال القرن التاسع عشر، وأيضا النضال المناهض للاستعمار.

 

وخلال مراحل ما بين الحربين والحرب العالمية الثانية تعددت محاولات توحيد المجال العربي. وتعددت الاقتراحات في هذا الصدد، على غرار مبادرة نوري السعيد. لكن لم تلاق هذه الاقتراحات استحسان القوى الاستعمارية آن ذاك.    

وبين الموقع أن جميع توجهات وطموحات تعزيز الوحدة الإقليمية للمنطقة العربية، عبر توحيد المجال، قد شهدت تغييرات تخدم جهات خارجية أكثر مما تخدم المنطقة.

 

وانتهت هذه المبادرات بتأسيس منظمة تُبقي دول العالم العربي منفصلة عن بعضها البعض، بحيث لا تشكل خطرا على الاستقرار الاستعماري في المنطقة أو توازن النفوذ بين القوى الكبرى في الوقت الراهن. 

وبهذا الشكل، أُنشئت جامعة الدول العربية التي لا زالت قائمة إلى اليوم، والتي تختص بضعف قوتها ونفوذها.

 

وفي ظل هذه الظروف، ظلت الدول الغربية قادرة على التفاوض مع كل دولة على حدة، دون الحاجة إلى القلق بشأن السياسات المشتركة.

وأبرز الموقع أنه على خلاف المنظمات الإقليمية الأخرى، على غرار الاتحاد الأوروبي، لا تملك جامعة الدول العربية آليات تفرض الامتثال للقرارات الصادرة عنها في جميع دول المنظمة.

 

كما لا تملك المنظمة برلمان له وزن ونفوذ حقيقي، ولا يمتلك كبار مسؤولي المنظمة نفوذا وتأثيرا على المسائل السياسية. ويقتصر دورهم على الحضور في الاجتماعات أو الاضطلاع بدور الوساطة أو التوجيه. 


وأضاف الموقع أن قيام إسرائيل والشعور العربي بالغزو اليهودي لفلسطين، عامل آخر عزز تماسك الدول العربية.

 

اقرأ أيضا : معارضة سورية: إعادة العلاقات العربية مع الأسد مصلحة إيرانية

 

وحتى قبل تأسيس الجامعة العربية، كانت القضية الفلسطينية حاضرة دائما في الكثير من المؤتمرات. وبعد ثلاث سنوات فقط من تأسيسها، تحديدا خلال سنة 1984، هاجمت الجامعة إسرائيل القائمة حديثا، بموجب المادة 2، التي تنص على أهمية التعاون للحفاظ على استقلال وسيادة الدول العربية.

ونوه الموقع بأن حرب 1948 انتهت بالهزيمة الأولى لجامعة الدول العربية؛ التي سلطت الضوء بدورها على الانقسامات الداخلية التي عانت منها المنظمة.

 

وعلى وجه الخصوص، ظهر خلال الحرب العربية الإسرائيلية عدم وجود آليات للسيطرة على قرارات مجلس المنظمة، وهي مشكلة لا زالت مستمرة إلى يومنا هذا. 

وبين الموقع أن جامعة الدول العربية اضطرت للتعامل مع الصراعات الداخلية بشكل شبه دائم منذ إنشائها.

 

كما شهدت المنطقة العربية العديد من التغييرات والثورات والحروب منذ سنة 1945، مما حول الجامعة العربية إلى مجرد مراقب.

 

علاوة ذلك، تعددت المسائل التي قوضت وحدة الجامعة العربية، على غرار الاختلافات في طريقة الحكم.

وكشف الموقع أن جامعة الدول العربية تخلفت عن التدخل في التغييرات والصراعات التي عاشتها البلدان الأعضاء فيها.

 

ويعود ذلك في جزء منه إلى غياب الحدس السياسي للمنظمة أو التحليل الفعال للوضع السياسي في المنطقة، وأيضا إلى عجزها عن التدخل في الدول المكونة لها.   

على سبيل المثال، خلال ثورات الربيع العربي، واجهت الجامعة العربية واقع قوانينها الخاصة التي تحول دون إمكانية إجراء تدخل وقائي أو دعم ممكن.

وأورد الموقع أنه فيما يتعلق بمسائل الإرهاب، حاولت المنظمة الاستجابة لهذه التهديدات بشكل أكثر تنسيقا.

 

في المقابل، ظلت محاولاتها مجرد حبر على ورق، على غرار اقتراح إنشاء جيش عربي قوامه 40 ألف جندي لمحاربة "الإرهاب"، التي ظهرت سنة 2015. 

وفي الختام، أشار الموقع إلى أن جامعة الدول العربية تحاول تنظيم منطقة غير مستقرة ومتغيرة للغاية تحكمها مؤسسات تغيب عنها الدقة.

 

في الآن ذاته، تعاني المنظمة من نقص آليات لإنفاذ قراراتها داخل الدول الأعضاء. وبهذا الشكل، سيكون مستقبل الجامعة العربية إما الإصلاح الكامل أو الاندثار القسري.