صحافة دولية

WP: هل يطبق مستشارو ترامب سياساته أم لهم أجندات خاصة؟

واشنطن بوست: ترامب يتحدى كبار مستشاريه بتصريحاته بشأن إيران- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا لكل من الصحافيين ميسي ريان وجون هدسون، يقولان فيه إن ترامب غرس خنجرا في مبادرة رئيسية سوقها فريق السياسة الخارجية، في أول اجتماع لحكومته هذا العام، عندما قال إنه يمكن للقيادات الإيرانية "فعل ما تريده" في سوريا.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن ترامب أخمد بهذا التعليق "الطائش" خطة مستشاره للأمن القومي جون بولتون، الذي تعهد بألا تغادر أمريكا سوريا "ما دامت القوات الإيرانية خارج الحدود الإيرانية".  

ويرى الكاتبان أن "هذا التصريح يعكس صورة التقلبات الدراماتيكية التي امتازت بها سياسته الخارجية، وأدى إلى التساؤل عما إذا كان كبار مستشاريه يطبقون سياساته، أم أنهم يتبعون أجنداتهم".

 

وتذكر الصحيفة أن الرئيس أمر الشهر الماضي بسحب القوات الأمريكية من سوريا، ما أدى إلى استقالة وزير الدفاع جيم ماتيس، مشيرة إلى أت هذا القرار كشف عن هوة كبيرة بين خطة بولتون لاستخدام سوريا مسرحا للضغط على إيران، وتلهف الرئيس على غسل يديه من الحرب.

 

ويورد التقرير نقلا عن المنتقدين، قولهم إن التحول في الخطة أقلق حلفاء أمريكا الرئيسيين لأنه سيشجع روسيا وإيران، المؤيدين الخارجيين الرئيسيين للحكومة السورية، بالإضافة إلى أنه بهيئ المسرح لمواجهة بين حليف الناتو تركيا والمليشيات الكردية، التي كانت الشريك الرئيسي لأمريكا في الحرب ضد تنظيم الدولة.

 

ويلفت الكاتبان إلى أن ترامب كرر يوم الأربعاء نيته الخروج من سوريا، في الوقت الذي سارع فيه المسؤولون العسكريون لترتيب الانسحاب لأكثر من 2000 جندي هناك، مشيرين إلى أن بولتون ناقش، يوم الخميس، خططا لتسليم مهمة مكافحة تنظيم الدولة للقوات التركية مع وزير الخارجية مايك بومبيو، ووزير الدفاع بالوكالة باتريك شاناهان ورئيس هيئة الأركان المشتركة في اجتماع في البنتاغون.

 

وتفيد الصحيفة بأن المسؤولين العسكريين أعربوا عن تحفظاتهم العميقة حول المغادرة السريعة، في وقت لا يزال فيه المتطرفون فاعلين، بالرغم من إضعافهم، وفي وقت تستمر فيه تركيا في تقديم محاربة قوات سوريا الديمقراطية، التي تدعمها أمريكا؛ لأنها تعد تلك القوات جزءا من المجموعة الكردية الإرهابية، على محاربة تنظيم الدولة.

 

ويرجح التقرير أن يجتمع كبار المسؤولين في البيت الأبيض قريبا لتقرير شكل الدعم الذي يمكن أن تقدمه أمريكا للقوات التركية ولقوات سوريا الديمقراطية، فيما سيقوم بولتون ودانفورد بزيارة تركيا بداية الأسبوع القادم؛ لمناقشة الخطط الانتقالية مع القيادة هناك.

 

وينقل الكاتبان عن المسؤولين الأمريكيين المطلعين على السياسة في سوريا، قولهم إن أن ما غاب عن النقاش في واشنطن، هو الخطة التي تدور حول سوريا، التي كشف عنها بولتون وبومبيو في الخريف، وعزا المسؤولون ذلك إلى أن الرئيس لم يصادق على مهمة أمريكية موسعة في سوريا لمواجهة إيران أصلا.

 

وتورد الصحيفة نقلا عن مسؤول أمريكي اشترط، كغيره من المسؤولين، عدم ذكر اسمه لمناقشة تفاصيل سياسية حساسة، قوله: "إن الاستراتيجية تجاه إيران لم يصادق عليها من الرئيس أبدا".

 

وينوه التقرير إلى أنه في الوقت الذي يشارك فيه ترامب الآراء مع مستشاريه تجاه إيران، إلا أنه ركز بشكل رئيسي على الصفقة النووية لعام 2015، التي انسحب منها في وقت سابق من العام، مشيرا إلى أن بومبيو وبولتون كانت نظرتهما أشمل، ودعيا إلى اتخاذ إجراءات جديدة لإيقاف دعم إيران لمجموعات وكيلة.

 

ويقول الكاتبان إن بعض مستشاري الرئيس الصقور صاغوا مذكرة تلزم أمريكا بوجود على المدى الطويل في سوريا، وتضمنت أهدافا مثل هزيمة تنظيم الدولة على المدى الطويل، وتحول سياسي في سوريا، وطرد لإيران، بحسب المسؤولين، لافتين إلى أن الرئيس لم يوقع المذكرة التي قدمت له قبل أسابيع. 

 

وتؤكد الصحيفة أن ترامب حذر مستشاريه على مدى أشهر بأنه يريد الخروج من سوريا بسرعة، لكن بولتون وبومبيو يعتقدان، كغيرهم من المسؤولين، بأن الرئيس قد خفف ذلك الطلب، استمرا في تقديم الخطط الجريئة لذلك البلد قبل الإعلان المفاجئ عن الانسحاب.

 

وينقل التقرير عن بومبيو، قوله في تشرين الأول/ أكتوبر: "إن هزيمة تنظيم الدولة، التي كانت في وقت ما الهدف الرئيسي، لا تزال في أعلى أولوياتنا، لكن سينضم إليها هدفان آخران يقوي كل منهما الآخر.. ويتضمن ذلك حلا سلميا سياسيا للصراع السوري، وإخراج القوات الإيرانية والمدعومة إيرانيا كلها من سوريا".

 

ويذكر الكاتبان أن بومبيو اعترف يوم الثلاثاء بأن القوات الأمريكية ستنسحب من سوريا، لكنه أصر على أن أمريكا ستستمر في محاربة تنظيم الدولة وإيران، وقال بومبيو لـ"نيوز ماكس": "الحملة ضد إيران مستمرة.. وسنفعل تلك الأشياء كلها.. وسنفعل ذلك ببساطة بعد أن تغادر القوات الأمريكية سوريا".

 

وتورد الصحيفة نقلا عن السفير الأمريكي السابق لسوريا روبرت فورد، قوله إن مجلس أمن قومي فعال يقوم في العادة بتصحيح التنافر بين رغبات الرئيس ورغبات البنتاغون ووزارة الخارجية، لكن بولتون استمر بالدفع قدما بالرغم من اختلاف الآراء، وأضاف فورد، الذي أصبح زميلا في معهد دراسات الشرق الأوسط: "لقد سبق بولتون السياسة بكثير، ومهمته أن يفهم ماذا يريد الرئيس.. وعندما يكون الرئيس قلقا أو حذرا من شيء ما فإن وظيفة مجلس الأمن القومي أن ينقل ذلك لوزارة الخارجية والدفاع، ويحذرهم من عدم الذهاب بعيدا. وواضح أن تلك الرسالة لم تصلهم".

 

ويفيد التقرير بأن بولتون، مستشار الأمن القومي الثالث لترامب، دفع بخطوات تتناغم مع عداوة الشخصين للمؤسسات المتعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة، "لكن يبدو أن نظرته للقوة العسكرية الأمريكية تصطدم بحدس الرئيس". 

 

وينقل الكاتبان عن مسؤول من البيت الأبيض، مشترطا عدم ذكر اسمه، قوله إن أمريكا ستستخدم "مجموعة من أدوات السلطة الوطنية"، بما في ذلك العقوبات والضغط الدبلوماسي، للاستمرار في الضغط على طهران لسحب قواتها من سوريا، وأضاف المسؤول: "إيران تعلم بأن أمريكا تقف جاهزة للتفاعل ثانية على المستويات كلها للدفاع عن المصالح الأمريكية".

 

وتقول الصحيفة إن خطة بولتون لم تطبق أبدا في البنتاغون، حيث لم يكلف المسؤولون بأي مهمة جديدة، بالإضافة إلى العملية ضد تنظيم الدولة، مشيرة إلى أن المسؤولين العسكريين يرون إشكالية أيضا في التمدد الإيراني في سوريا، لكنهم كانوا مرتابين بسبب عدم وجود مبررات قانونية يحتاجون إليها للقيام بأي فعل عسكري هجومي ضد القوات التي تدعمها إيران.

 

وبحسب التقرير، فإن المسؤولين العسكريين ركزوا على تطبيق انسحاب منظم للقوات من مجموعة من المنشآت الصغيرة في مناطق مختلفة من سوريا، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي قال فيه ترامب بأن القوات ستعود لأمريكا خلال 30 يوما، فإن المسؤولين قالوا إن الانسحاب سيأخذ أربعة أشهر لإعطاء الجيش وقتا كافيا لتفكيك مواقعه، وإزالة الأجهزة الحساسة التي قد تضطر القوات لإتلافها في انسحاب مستعجل.

 

ويستدرك الكاتبان بأنه بالرغم من أن ترامب أعلن الانتصار على تنظيم الدولة، فإن الغارات ضد قوات المتطرفين في شرق سوريا تستمر، حيث قتل عدة مئات منهم في الأسابيع الأخيرة من كانون الأول/ ديسمبر فقط، بحسب البنتاغون، وقال مسؤول في وزارة الدفاع: "نستمر في مقاتلة تنظيم الدولة مع شركائنا في سوريا".

 

وتلفت الصحيفة إلى أن المسؤولين أشاروا إلى أن التحضير للانسحاب سيكون هو الأولوية، ما يعني أنهم سيستطيعون تقديم عون أقل لقوات سوريا الديمقراطية، حتى في الوقت الذي تستمر فيه بمكافحة تنظيم الدولة، بالإضافة إلى أن المسؤولين في البنتاغون ووزارة الخارجية متشككون من أن تركيا ستفي بما قال عنه البيت الأبيض أنه وعد بملاحقة فلول تنظيم الدولة، ففعل ذلك يحتاج إلى إدخال القوات التركية إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، التي تعد العدو اللدود لها. 

 

وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن "قوات سوريا الديمقراطية قد تسعى لإقامة تحالف مع الحكومة السورية، ما سيقوي من وضع بشار الأسد، بالإضافة إلى أن الانسحاب الأمريكي قد يقوض الهدف من إحداث تغيير سياسي في سوريا، ناهيك عن السعي لهزيمة تنظيم الدولة، ووضع حد لإيران في الوقت ذاته".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)