ملفات وتقارير

هكذا تسببت قضية "رهف" بحرج سياسي جديد لابن سلمان

محللون قالوا إن قضية "رهف" ستظهر ابن سلمان على أنه عدو للحريات- جيتي

قال محللون سياسيون، إن قضية هروب الفتاة السعودية رهف القنون ولجوئها إلى كندا، تزيد الأعباء على ولي العهد السعودي محمد ابن سلمان، وتتسبب في إحراج جديد له، إذ لم يفق بعد من "كابوس" جريمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي.

وأضافوا أن قضية رهف أظهرت وكأن السعودية سجن كبير يصعب الخروج منه، حيث يمارس فيها كل ما من شأنه أن يكبت الحريات ويسلب الحقوق.

 

وكانت السلطات الكندية منحت قبل أيام حق اللجوء للفتاة القنون، بعد هروبها من عائلتها إلى تايلاند، وسط محاولات من الحكومة السعودية إعادتها لبلادها، وهو ما قالت الفتاة إنه "يشكل خطرا على حياتها".

واستقبلت وزيرة الخارجية الكندية رهف بمطار تورنتو، الأمر الذي اعتبره سعوديون تسييسا لقضية لا تعدو كونها مشاكل عائلية.


أستاذ الإعلام السياسي في جامعة قطر الدكتور على الهيل، قال إن قضية رهف القنون ستزيد النظرة السلبية في العالم لولي العهد محمد بن سلمان، وستعمق من الأزمة السياسية التي يعانيها على خلفية قضيتي مقتل الصحفي جمال خاشقجي، وسجنه آلاف النشطاء والدعاة.


وقال الهيل في حديث لـ"عربي21" إن هذه القضية ستضع عبئا جديدا على كاهل ابن سلمان، إضافة إلى قضايا خاشقجي وحرب اليمن واعتقال آلاف النشطاء والناشطات التي لا زالت تطارده وتقض مضجعه متسائلا: "من أين سيتلقاها ابن سلمان".

ولفت إلى أن قضية رهف ستظهر محمد بن سلمان للعالم بأنه لا يراعي حقوق الإنسان وأنه عدو للحريات، وهذا ما لا يحبه الغرب حتى لو حاول ترامب أن "يرقع" وراء ابن سلمان فان الرتق أكبر من امكانية الترقيع. على حد وصفه.

وكان رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو جدد مطالبته للسعودية  الجمعة بالإفراج عن المدوّن السعودي رائف بدوي المعتقل منذ العام 2012، والمحكوم عليه بالسجن 10 سنوات بتهمة الإساءة إلى الإسلام.


وقال ترودو بعيد أيام من لجوء الفتاة القنون إلى كندا، أنّ "حلّ هذا الملفّ والإفراج عن رائف بدوي ليسا أولويّة بالنسبة إليّ وإلى عائلته فحسب، بل لجميع سكّان كيبيك وجميع الكنديّين". 

وعن استغلال أزمة مقتل خاشقجي وأثرها على ابن سلمان قال الهيل" إن الكثير من الفتيات السعوديات قبل أزمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي كن يتمنين أن ينجين بجلودهن من القمع الاجتماعي في المملكة، وبعض هؤلاء الفتيات جاءتهن قضية خاشقجي هدية من الله، وأردن أن يقمن باستغلال الوضع السياسي واتهام محمد ابن سلمان بالوقوف وراء الجريمة ، فتشجعن إلى الهرب.


وأضاف: "هؤلاء الفتيات لا علاقة لهن بالوضع السياسي ولا بملف النشطاء الحقوقي والحريات ولا بحرب اليمن انما يعانين من اضطهاد وتعنيف أسرى بفعل الثقافة الذكورية المنتشرة في المجتمع السعودي، حيث تحرم المرأة من ممارسة حقوقها التي أقرها الشرع فيما تعطي مساحة مفتوحة للذكور.

 

اقرأ أيضا: لماذا بدت دبلوماسية الرياض مرتبكة خلال أزمة "فتاة تايلاند"؟

وقال الهيل إن "رهف القنون اختارت كندا للجوء، مستغلة الأزمة الأخيرة بين السعودية وتحديدا بين محمد بن سلمان وأوتاوا".

وحققت كندا اهتماما عالميا بعد إعلان ترودو منح الفتاة اللجوء بالإضافة لوقوف وزيرة الخارجية كريستيا فريلاند شخصيا على استقبال الفتاة.

السفير السابق والمحلل السياسي في جامعة أوتاوا فيري دو كيرشكوف قال إن هذه الخطوة "جيدة جداً على المستوى الإنساني، وهي أيضاً ضربة موفقة جداً لرئيس الوزراء ولكندا ضد السعودية".

وأضاف كيركشوف في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية اطلعت عليه "عربي21" معلقا على استقبال وزيرة خارجية كندا لرهف، : "كان يجب رؤية ابتسامة فريلاند المشرقة لدى استقبالها الشابة، شعرنا أنهم سجّلوا نقطة إضافية ضد هؤلاء السعوديين الفظيعين الذين قطعوا خاشقجي".

وتابع دو كيرشكوف: قلقي الوحيد سيكون أن ينتقم السعوديون من بدوي، سيكون ذلك سيئا جدا. آمل أن تمنعهم قضية خاشقجي من ذلك".

من جهته اعتبر الأستاذ في جامعة تورونتو أمير عطاران أنه "في وقت ساءت فيه صورة السعودية في الخارج جراء قتل منتقدي النظام، لا يمكنني أن أتخيل أنه لم يكن هناك فرحة عارمة في الحكومة ممزوجة بشعور صادق وهو الرغبة في حماية لاجئة".

ولفت عطاران للوكالة ذاتها أن السعوديين "وعبر قطعها الروابط السياسية والتعليمية والمالية مع كندا، لم تترك أي وسيلة تسمح لهم بالردّ بشكل فعّال على كندا اليوم".

الأكاديمية والمعارضة السعودية المقيمة في بريطانية مضاوي الرشيد قالت إن النساء السعوديات بحاجة لحل سياسي يضمن سلامتهن بدلا من مجرد دولة تسمح لهن بحضور مباريات كرة القدم والتردد على دور السينما.

وقالت الرشيد بمقال لها في موقع "ميدل إيست آي" البريطاني وترجمته "عربي21" إن المملكة "تواجه مشكلة اجتماعية تتطلب حلاً سياسياً عاجلاً. فقد باتت قصص النساء الهاربات، واللواتي تجاوز عددهن الألف، أخباراً يومية".

وتحدثت الأكاديمية عن العديد من قصص الفتيات اللواتي هربن من بلادهن وأسرهن إلى الخارج وقيام السلطات بإعادة عدد منهن ليواجهن الاعتقال في حالات لا تشبه ما حصل مع الفتاة رهف القنون التي نجحت بالإفلات من محاولات إعادتها قسرا للرياض.


وأضافت أن "النساء السعوديات بحاجة إلى حل سياسي يضمن سلامتهن بدلاً من مجرد دولة تسمح لهن بحضور مباريات كرة القدم والسيركات والتردد على دور السينما".

 

اقرأ أيضا: رغم الأزمة مع الرياض.. حكومة ترودو حققت ضربة بقبول لجوء رهف

ورأت أن مشكلة هروب النساء إنما هي ناجمة عن فشل مؤسسات الدولة في توفير الأمن والحماية للنساء، فالنساء اللواتي يزعم بأنهن عاصيات أو متجاوزات أو ناشزات يمكن أن يحتجزن في مراكز خاصة تديرها الدولة، ولا يمكن إطلاق سراحهن إلا إذا وافق ولي أمر الواحدة منهن على التوقيع على أوراق إخلاء سبيلها.

 

ولفتت إلى أن ظاهرة هروب النساء تأتي في خضم الاحتفاء الكبير بالإصلاحات الاجتماعية العديدة التي تنسب إلى ولي العهد، لكن هذه الحريات الجديدة فيما يبدو لم تقنع النساء بعدم اللجوء إلى الهرب من البلاد.

 

واعتبرت أن الإصلاح يكون حقيقياً عندما تشعر النساء – وكذلك الرجال – بالأمن والأمان داخل بلدهم، وحين يتمتعون بالحرية من سوء المعاملة والتعنيف على يد أفراد العائلة أو أجهزة الدولة. ولكي يتحقق ذلك، لابد من وجود إرادة سياسية للتعامل مع كافة أشكال الأبوية القاهرة التي تقيد حرية النساء في الاختيار.