ملفات وتقارير

إعادة السيسي لوزارة الإعلام يثير جدلا بين "صحفيي مصر"

فريق رأى أن إعادة الوزارة يدفع لمزيد من سيطرة النظام السياسي على الإعلام- جيتي

انقسم الصحفيون والإعلاميون المصريون لفريقين فيما يتعلق بعودة وزارة الإعلام في التعديلات الدستورية المرتقبة، وإلغاء المجالس الإعلامية والصحفية التي أقرها دستور 2014.


الفريق الأول الذي يمثله مقربين من رئيس الإنقلاب عبد الفتاح السيسي، يرى أن عودة وزارة الإعلام ضرورية في ظل الصراعات التي نشأت بين المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام برئاسة مكرم محمد أحمد، والهيئة الوطنية للصحافة برئاسة كرم جبر، والهيئة الوطنية للإعلام برئاسة حسين زين.


في حين يرى الفرق الآخر، أن سوء أداء عمل الهيئات الصحفية والإعلامية المستقلة، ليس مبررا لعودة وزارة الإعلام، لأن ذلك يمثل مزيدا من سيطرة النظام السياسي على الساحتين الصحفية والإعلامية بشكل مقنن، بعد أن تم تكبيلمها بالعديد من القوانين المقيدة لحرية الرأي والتعبير.


وتنص التعديلات الدستورية التي بدأ البرلمان المصري في وضع اللمسات النهائية لها، على إلغاء المادتين 212 و213 المنشئتين لكل من الهيئة الوطنية للإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، مع الإبقاء على المادة 211 الخاصة بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.


من جانبهما رفض كل من رئيس الهيئة الوطنية للصحافة كرم جبر، والهيئة الوطنية للإعلام حسين زين، التعليق لـ "عربي21" على التعديلات المقترحة، وإلغاء الهيئتين، ونقل تبعية المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام لوزارة الإعلام التي ستعود مرة أخري بعد إلغائها منذ قرابة الثلاث سنوات.


رفع الغطاء

 
وفي تعليقه على عودة وزارة الإعلام مرة أخري، يؤكد الباحث بعلم الإجتماع السياسي سيف المرصفاوي لـ "عربي21" أن عودة الوزارة متوقعة في ظل هدف السيسي السيطرة التامة على الإعلام، خاصة وأنه كان من الصعب خلال إصدار دستور 2014 تجاوز فكرة إنشاء هيئات الإعلام المستقلة التي كانت موجودة بدستور 2012، وكانت أحد مطالب ثورة 25 يناير، حتى لا يدخل في صدام مبكر مع داعميه بجبهة الإنقاذ وباقي التيارات العلمانية.


ويشير المرصفاوي أن الوضع السياسي المصري بشكل عام يتم إعادة بوصلته مرة أخري إلى ما قبل 25 كانون الثاني/ يناير 2011، بما فيها الإعلام، الذي يتم تهيئته لهذا الغرض منذ عدة أشهر، بمجموعة القوانين التي صدرت في ظل وجود هيئات الصحافة والإعلام التي سيتم إلغائها، ما جعل وجود هذه الهيئات تحصيل حاصل، وبالتالي أصبح من الأنسب عودة الوزارة لتمسك خيوط الإعلام في يديها كجهة تنفيذية حكومية.

 

اقرأ أيضا: حملات وقوائم سوداء ودعاوى بانتظار نواب تعديل الدستور

ويري الباحث السياسي إن هذه التعديلات ضربة موجعة لكل الذين هللوا لمواد الصحافة والإعلام بدستور 2014، باعتباره منارة للحريات، بينما كانت هذه المواد غطاءا لصناعة نظام مستبد، لن يبقى على أية حريات سواء سياسية أو صحفية أو نقابية، ما جعل التعديلات المرتقبة، لا تخرج عن مسار التعديلات المتعلقة بمدد الرئاسة والأخرى الخاصة بالوضع المميز للقوات المسلحة وتنصيبها كسلطة أعلي من الدولة نفسها.


ويشير المرصفاوي أن الملفت في الأمر أن الهيئتين الوطنيتين للصحافة والإعلام، تم وضع القوانين المنظمة لعملهما في 2016، ولم يستمرا أكثر من عامين، وإلغائهما يؤكد غياب الرؤية السياسية والقانونية والدستورية للنظام الحاكم، الذي يتعامل مع الشئون العامة بالقطعة أو حسب الحالة الراهنة.

توسيع السيطرة

 
على جانب آخر، يؤكد الخبير الإعلامي يحيي عبد الهادي لـ "عربي21" أن إعادة وزارة الإعلام، لن يكون هو الضابط للحالة الإعلامية المنفلتة، التي تشهدها مصر منذ سنوات، خاصة وأن السيسي سيطر على كل وسائل الإعلام، إما من خلال الشراء أو الضغوط السياسية والأمنية.


وحسب عبد الهادي فإن الفترة الماضية شهدت صراعا من نوع مختلف بين الأجهزة الأمنية المتحكمة في الساحة الإعلامية، وعلي الجانب الآخر، فإن حالة الاحتقان داخل المجتمع الصحفي تزداد كل يوم نتيجة الصدام مع المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة.


ووفقا للخبير الإعلامي فإن نظام السيسي بحث عن مخرج، يواصل من خلاله السيطرة على الإعلام من جهة، وضبط إيقاعه من جهة ثانية، ونزع فتيل التوتر بين الهيئات المختلفة من جهة ثالثة، ووجد الحل في إعادة الوزارة مرة أخري، خاصة وأن الدستور لم ينص صراحة على إلغاء هذا المنصب.


وعن السيناريوهات المتوقعة لدور المجلس الأعلى للإعلام بعد إلغاء الهيئتين الوطنيتين للصحافة والإعلام، يؤكد عبد الهادي أن الموضوع يغلفه الكثير من الضبابية، فيما يتعلق بالدور المنتظر للمجلس الأعلي لتنظيم الإعلام الذي لم تطله التعديلات التي تم تقديمها، نتيجة الإبقاء على المادة 211 التي تنظم وجوده وعمله.

 

اقرأ أيضا: أول تحرك قانوني ضد التعديلات الدستورية في مصر.. هل يوقفها؟

وحسب عبد الهادي فإن نواب البرلمان أنفسهم اختلفوا في وضع هذا المجلس، حيث اقترح بعضهم تحويله لوزارة مستقلة، على أن يتم اعادة منصب وزير الإعلام مرة أخري، وهي الحالة الأقرب للواقع، ومنهم من اقترح توسيع صلاحياته ويكون رئيس المجلس برتبة وزير، كما كان يحدث مع المجلس الأعلي للشباب والرياضة والمجلس الأعلي للآثار، قبل أن يتحولا لوزارة، ولكن في كلتا الحالتين فإن الهدف في النهاية هو المزيد من السيطرة والتحكم بالإعلام.