صحافة دولية

رولينغ ستون: تفاصيل حصار قطر ودور برويدي ونادر (2)

رولينغ ستون: برويدي قاد حملة ملاحقة لقطر في الكونغرس وفي داخل إدارة ترامب- جيتي

تسرد مجلة "رولينغ ستون" في هذا الجزء من تقريرها، الذي أعده آندي كرول، ما قام به إليوت برويدي وجورج نادر من جهود لتشويه سمعة قطر في واشنطن، ورد الأخيرة بحملة علاقات عامة مضادة.

ويكشف التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن أن برويدي أنهى في نهاية آذار/ مارس 2017 تفاصيل الخطة، واستراتيجية تهدف لهندسة حملة ملاحقة لقطر في الكونغرس وفي داخل إدارة ترامب، مشيرا إلى أن الخطة، التي أرسلها إلى نادر، دعت إلى حشد جهود (وتمويل) مراكز البحث المتخصصة في السياسة الخارجية لتوعيتها بمخاطر قطر وجماعة الإخوان. 

ويذكر كرول أن برويدي اقترح استخدام المجلات و"يوتيوب" ومنابر التواصل الاجتماعي لنشر هذه الرسالة، واقترح العمل مع جماعات غير ربحية، وتقديم المال لها، للقيام بنشر دعايات سياسية واضحة، تقوم بدفع المشرعين في الكونغرس للموافقة على قرارات وجلسات اجتماع وتحركات أخرى لحشد المعارضة لتحقيق الهدفين، وقام بتصميم مؤتمر حشده بالنجوم من أجل دفع النواب والإدارة والرأي العام للتحرك لعزل قطر ومعاقبتها. 

وتشير المجلة إلى أن "برويدي طلب من نادر إرسال فاتورة له بقيمة 2.5 مليون دولار، ومن غير المعلوم ما إذا كان هذا المبلغ جزءا من الجهود أم أنه دفعة عن كامل الخدمة، ولو نجح برويدي وأثبت قيمته لدى الأمراء السعوديين والإماراتيين فإن المكافأة التي كان ينتظرها هي على شكل عقود مربحة لشركته". 

ويلفت التقرير إلى أن برويدي اعتمد على عدد قليل من الرموز في واشنطن لتنفيذ خطته، وكان واحدا منهم النائب الجمهوري إد رويس، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، وساعد برويدي زوجة رويس للحصول على وظيفة في الخارجية، ويعد من النقاد السعوديين، ولهذا ركز برويدي في عمله عليه. 

 

ويورد الكاتب أن برويدي كتب لنادر قائلا إنه كان سببا لكتابة مقال متزلف عن العلاقات السعودية- الأمريكية، مشيرا إلى أن اسم رويس كان في مقدمة المدعوين، لمؤتمر نظمه برويدي في أيار/ مايو 2017 عن قطر والإخوان، بالتعاون مع مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية ومعهد هدسون، وتشير الرسائل الإلكترونية والوثائق إلى أن برويدي لديه صلة بالتخطيط، وأعلن أمام حشد من الصحافيين والحضور في فندق فيرمونت في واشنطن التشريع القادم، الذي سيتهم فيه قطر بتمويل حركة حماس ويفتح الباب أمام فرض عقوبات عليها، وكتب برويدي لنادر قائلا: "هذا أول مشروع لعمل هذا"، 

ويقول كرول إن "مؤتمر برويدي جاء وسط سلسلة من التقارير ومقالات الرأي والبيانات الناقدة لقطر، التي نشرت في ربيع وصيف عام 2017، كما أخبرني متخصص في جماعات الضغط، فإن الأعمال الصغيرة التي تخلق مفهوما عن علاقات وثيقة وتوتر بين الدول الأجنبية والولايات المتحدة مهمة مثل السياسة الحقيقية، ويأتي هذا على شكل المناسبة العامة، أو الافتتاحية الناقدة، أو الرسالة من أحد أعضاء الكونغرس لزملائه، وتتحدث جماعات اللوبي عن قصة استماع في عام 2015 عن العلاقات الأمريكية الهنغارية، التي ترأستها النائبة الجمهورية دانا روهبراتشر، رئيسة لجنة فرعية تركز على شرق أوروبا. ولم يحضر الجلسة إلا القليل، ولم تحظ بتغطية على الإطلاق في أمريكا، لكنها أدت إلى تغطية واسعة في هنغاريا، واستخدمتها حكومة فيكتور أوربان لإظهار أن لديه مدافعين في الولايات المتحدة". 

وتبين المجلة أن الفرق بين ما فعلته اللوبيات لهنغاريا وما قام به برويدي هو أن هذه الجماعات كشفت عن عملها، فبحسب القانون فإنه يطلب من أي أمريكي يحاول التأثير على السياسة الأمريكية أو الرأي العام نيابة عن حكومة أجنبية التسجيل بموجب ما يعرف بقانون تسجيل العمل نيابة عن الأجانب، وهو القانون الذي فعل عام 1938 لمنع انتشار الدعاية النازية، لكن برويدي لم يسجل بناء على القانون أو بلغ عن نشاطاته. 

وينقل التقرير عن المحامي الأمريكي عن برويدي، كريس كلارك، قوله إن نادر هو مواطن أمريكي، و"لا يوجد دليل" على توجيه نادر أو أي جهة أجنبية عمل برويدي، وأضاف كلارك: "لم يوافق برويدي أو يعمل أو يحصل على تعويض أو يتلقى توجيهات مباشرة أو غير مباشرة للتفاعل مع الحكومة الأمريكية.. أي تلميح لذلك هو كذب"، لكن المتخصص في قانون عمل اللوبيات جوشوا روزينستاين يقول إنه قانون واسع، ويدخل فيه ليس عمل اللوبيات فقط، بل أي شخص يحاول التأثير على الرأي العام نيابة عن حكومة أجنبية. 

ويفيد الكاتب بأن جهود برويدي تركت أثرها، فقد قرر ترامب زيارة السعودية في أول رحلة خارجية له، وتعهد بالعمل معها والإمارات لمكافحة الإرهاب، من خلال مركز لهذا الغرض في الشرق الأوسط، وخرج من المعاهدة النووية مع إيران التي وقعتها إدارة باراك أوباما، وفكر في تنصيف الإخوان جماعة إرهابية، وبدا ناقدا لقطر مرددا كلام برويدي. وقال في تغريدة كتبها في حزيران/ يونيو 2017: "خلال زيارتي الأخيرة للشرق الأوسط قلت إنه يجب التوقف عن تمويل الأيديولوجية الراديكالية.. أشار القادة لقطر".

وتنوه المجلة إلى أن السعودية والإمارات والبحرين ومصر أعلنت قبل يوم عن قطع العلاقات الدبلوماسية وفرضت حصارا على قطر، في ضربة لبلد محاط بالمياه من جهاته الثلاث، ويعتمد على تصدير الغاز، واستيراد كل شيء من الخارج، وكان تصعيدا واضحا في الازمة، مشيرة إلى أن ترامب صعد في نقده، وبدأ حملة إعادة انتخابه لعام 2020 بحفلة جمع التبرعات في فندقه في واشنطن، وتحدث عن سحب 10 ملايين دولار، وتحدث ترامب من المنصة عن أشخاص، وكان منهم برويدي، الذي عاد للتمويل في اللجنة القومية للحزب الجمهوري، وقال: "الكل يعرف برويدي.. شكرا إليوت"، وانتقد قطر صراحة، من خلال محاولته نطقه للاسم، قائلا: "أفضل لو لم يمولوا الإرهاب". 

ويشير التقرير إلى أن عمل برويدي أخذ القطريين على غفلة منهم، الذين ردوا سريعا بحملة علاقات مضادة، واستعانوا بوزير العدل الأمريكي السابق جون أشكروفت وعدد من مسؤولي إدارة ترامب السابقين، ومن بينهم نيك موزين، الذي عمل مع حملة ترامب، ولديه علاقات قوية مع اليهود الأرثوذكسيين، تماما كما استعان برويدي بالجماعات اليهودية والمسيحية مثل اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للشؤون العامة "إيباك" والزمالة الدولية المسيحية لانتقاد قطر، ومضى موزين في محاولة لإقناع القادة الإنجيليين واليهود بأن قطر صديق وحليف، وقام هو وزميله صاحب مطاعم الكوشير جوي اللحام بترتيب زيارة  شارك فيها أستاذ القانون ألان ديروشوفيتز والحاكم السابق لأركنساس مايك هاكبي لزيارة قطر، وقدما أموالا إلى المنظمة الصهيونية الأمريكية، التي أعادت المال عندما عرفت مصدره. 

ويجد كرول أن "ما يثير الدهشة أن المعركة لم تكن بين ليبراليين ومحافظين، بل بين يهود محافظين يقفون على الطرف المضاد في حرب بالوكالة في الشرق الأوسط، وبحسب مصادر فقد التقى العاملون نيابة عن قطر أسبوعيا في سفارتها في واشنطن، وكان اسم برويدي يحضر دائما في اللقاءات، حيث وضعه القطريون على رأس قائمة الأعداء، وقال موزين لمقرب منه (القطريون يلاحقونكم)".

وتقول المجلة إن خطة برويدي كانت تسير بشكل جيد، واستخدم نجاحه ليبيع السعوديين والإماراتيين عقودا لشركته، كما كشفت رسائله ومذكراته التي كتبها لنادر، التي كان المقصود فيها ولي العهد السعودي وولي عهد أبو ظبي، وكتب عن رحلة ترامب للرياض بأنها "ناجحة جدا" و"نقطة تحول" في العلاقات الأمريكية السعودية، ومن ثم عدد الطرق التي يمكن من خلالها لشركته مساعدة الحكومة السعودية، قائلا: "أهدافي، أهداف سيركينوس وأهداف المملكة العربية السعودية متناسقة"، بحسب المواد التي أرسلها برويدي إلى نادر وقال فيها إن الجنرال ماكريستال لقيادة فرقة العمليات الخاصة التي ستشكلها شركته، وفي وثائق أخرى ذكر وزير الدفاع السابق ليون بانيتا كجزء من فريق برويدي. 

ويلفت التقرير إلى أنه في الوقت الذي ضاعف فيه القطريون جهودهم في واشنطن، فإن برويدي زاد من جهوده، فكتب إلى نادر طالبا منه "سحق الأفعى"، وساعد على تنظيم مؤتمر ثان عن قطر، شاركت فيه أسماء كبيرة، بمن فيهم بانيتا ومدير "سي آي إيه" السابق ديفيد بترايوس، ومدير استراتيجيات ترامب السابق ستيفن بانون، الذي حصل على 100 ألف دولار. 

ويكشف الكاتب عن أنه في رسالة إلكترونية "سرية جدا" كتبها برويدي في 10 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 إلى نادر، تحدث فيها عن 11 عملية جارية للضغط على إدارة ترامب للتحرك، وقال إن عددا من الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس سيوقعون على رسالة لسفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هيلي، و"صديقي" وزير الخزانة منوشين، الناقدين لقطر، وكتب النائب رون دي سانتيز أنه ويعتزم التقدم بمشروع يسمح لضحايا عمليات حركة حماس بتقديم دعاوى لمقاضاة قطر، فيما وافق السناتور الجمهوري توم كوتن على توعية زملائه في مجلس الشيوخ حول أهمية نقل القاعدة الأمريكية من قطر. 

وتقول المجلة إنه عندما أراد نشر الاتفاقية السرية بين الخارجية وقطر فإنه اعتمد على النائب روبرت بيتنغر، وبحسب برويدي، فإنه أقنع هو وفريقه بيتنغر بقراءة الاتفاقية في مكان آمن في الخارجية، ومن ثم نقلها إلى الكونغرس لمعاينتها حتى يتحدثوا عنها، وأخبر بيتنغر المجلة أن الطريقة التي وصف فيها برويدي العلاقة بينهما ليست صحيحة، وقال بيتنغر، الذي خسر مقعده عام 2018، إنه لا يتذكر مقابلة برويدي، وأشار إلى أنه قرر الاطلاع على الاتفاق السري بين قطر والخارجية بنفسه، ويبدو أن برويدي نسب الفضل لنفسه. 

وينوه التقرير إلى أنه في السياق ذاته جادل ماكريستال في طريقة وصف برويدي العلاقة بينهما، وأنه بالغ فيها عندما ذكر أنه مدير وحدة العمليات الخاصة في شركته، وقال إنه قضى عددا من الأيام في الإمارات كجزء من فريق جمعه برويدي للتنافس على التجارة في المنطقة، وقال إن برويدي طلب منه التفرغ للعمل في شركته، لكنه رفض، وقال في رسالة إلكترونية: "بعد تلك الرحلة لم أعمل معه"، وبحسب متحدث باسم بانيتا، فإنه قال إنه لم يعمل مع شركات برويدي، وبأن زعمه غير صحيح.

ويذكر كرول أن نادر أخبر برويدي إنه كان يرغب بأخذ صورة مع ترامب، لكن الأمن أوقفه لأسباب تتعلق بماضيه، وفي 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2017 كتب برويدي وزوجته إلى مدير طاقم البيت الأبيض جون كيلي، يطلبان منه السماح لصديقه نادر بالتقاط صورة مع ترامب، وكتبا اسمه "جورج فادر" وليس نادر، مع أن اسمه ورد كما هو نادر في عدة مرات، وحصل على الصورة في النهاية.

وتفيد المجلة بأن برويدي كان في نهاية عام 2017 منشغلا بالتفاوض مع الإماراتيين للحصول على عقد بين شركته سيركينوس، بقيمة 120 مليون دولار على الأقل، وبحسب رسالة كتبها لنادر أخبره أن الدفعة الأولى من الإمارات: 36 مليون دولار، ووصلت الأخبار إلى نادر عندما كان يحضر للسفر إلى فلوريدا ومقابلة برويدي في منتجع مار- إي- لاغو، للاحتفال بالعام الأول على ترامب في البيت الأبيض، وكتب نادر "عظيم، واحدة من أشياء أخرى ستحدث"، لكنه اعتقل في مطار دالاس عندما أوقفه محققو "أف بي آي" نيابة عن المحقق الخاص روبرت مولر.

وبحسب التقرير، فإن اثنين على جانبي النزاع التقيا في 27 شباط/ فبراير 2018 في فندق فورسيزون في جورج تاون، الأول نيك موزين العامل نيابة عن قطر، والثاني جويل موبري الصحافي المحافظ العامل مع برويدي، حيث طلب موزين منه المساعدة على رفع الحصار عن قطر، وعندما رفض فإنه كشف له أن "نيويورك تايمز" تقوم بالتحقيق في الصلة بين نادر وبرودي في الشرق الأوسط، وعبر موبري عن دهشته لأن أحدا من الصحيفة لم يتصل به أو برويدي. 

ويقول الكاتب إنه منذ تلك اللحظة بدأت الأمور تنهار بالنسبة له، وبعد يومين نشرت "وول ستريت جورنال" قصة عن مجموعة من رسائل البريد الإلكتروني له ولزوجته، التي كشفت عن خطط برويدي الضغط على وزارة العدل وقف تحقيقها في الفضيحة الماليزية، ثم نشرت "نيويورك تايمز" قصتها عن برويدي ونادر والمذكرة عن لقائه مع ترامب.

وتشير المجلة إلى أن الكثيرين اعتقدوا أن حساب برويدي تعرض للقرصنة، وبأن جهة تقوم ببيع رسائل البريد الإلكتروني، لكن موزين أخبر موبري بعد أيام أن هناك الكثير القادم، وأن برويدي في ورطة، وظهرت قصص أخرى في "نيويورك تايمز" وأسوشيتد برس" و"ماكلاتشي" و"بي بي سي". 

ويلفت التقرير إلى أن برويدي استعان بشركة بويز شللر فليكسنر، التي أنشأها ديفيد بويز، ومثلت آل غور في قضية بوش ضد غور وهارفي واينستاين.

ويبين كرول أن نادر ظل بعيدا عن الأضواء ويتعاون مع مولر، وفي 26 آذار/ مارس اتهم برويدي موزين وقطر، وقدم دعوى ضدهما، وأضاف لاحقا اللحام، وتحدثت الدعوى عن عملية استخباراتية أمنية بدعم عميل قطري قام بخداع زوجته للكشف عن الرمز السري، بحيث تم الدخول على حسابها وشركات زوجها، وفي شتاء 2018 تم نشر عدد من رسائل البريد الإلكتروني التي كشفت عن محاولاته للحصول على عقود تجارية في رومانيا وأنغولا وماليزيا والإمارات والسعودية والكونغو، وأكد برويدي ومحاموه أن حسابه تم اختراقه واتهم قطر. 

وتذكر المجلة أن الشرطة قامت بعد أسبوعين بمداهمة مكتب مايكل كوهيم محامي الرئيس، وكشفت عن إحراج جديد، ما دفع برويدي للاعتراف بعلاقة جنسية مع شيرا بيتشهارد عام 2013، وفي عام 2017 حملت منه، وطلب منها الإجهاض، ووافق على دفع 1.6 مليون دولار مقابل سكوتها، وقام كوهين المحامي بفعل ما فعله مع عشيقات ترامب. 

 

وتختم "رولينغ ستون" تقريرها بالقول: "مرة أخرى أصبح برويدي شخصية منبوذة، حيث رفض النواب الجمهوريون تبرعاته، فيما قررت بيتشهارد مقاضاته مرة أخرى لخرقه شروط العقد، واستقال من اللجنة القومية للحزب الجمهوري، وعلى خلاف ما حدث عام 2009، فقد قرر برويدي هذه المرة مواصلة المعارك القانونية، فبعد رفض دعواه الأولى ضد موزين وقطر قدم أخرى".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)