ملفات وتقارير

خبراء يقرؤون دلالات مشروع قانون مواجهة الشائعات في مصر

خبير قانوني: نظام السيسي يبحث عن مسوغ قانوني للتجسس بشكل موسع على الشعب المصري- جيتي

أكد قانونيون وسياسيون مصريون أن مشروع القانون الذي قدمه وكيل مجلس النواب المصري سليمان وهدان لمواجهة الشائعات، إنما هو بمثابة تقنين لعمليات التجسس التي تقوم بها الأجهزة الأمنية ضد معارضي نظام الانقلاب العسكري برئاسة عبد الفتاح السيسي.


وربط المختصون الذين تحدثوا لـ "عربي21" توقيت تقديم القانون الجديد، بما كشفه رواد وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أيام، بقيام الحكومة المصرية بمراقبة محادثاتهم على "الفيسبوك" و"تويتر"، مستخدمة في ذلك قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.

 

وكان وهدان أعلن في بيان رسمي أن الهدف من قانونه المقترح مواجهة الشائعات التي تصدرها جماعات وأفراد ضد مصر، لنشر الأكاذيب والشائعات؛ لضرب استقرار الدولة، زاعما أن هذه الجماعات تخصص مراكز أبحاث لدراسة الشائعات وإطلاقها بمصر.

 

وأشار وهدان إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي، وبعض وسائل الإعلام، أصبحت منبرا موجها ضد الدولة تستخدمها هذه الجماعات لنشر الفوضى وزرع الفتن بين الشعب والدولة والحكومة، موضحا أن العقوبات في القانون تشمل الشائعات الخاصة بالحالة الاقتصادية وبالمؤسسة العسكرية، وكل شخص يثبت أنه وراء ترويج أي شائعات هدفها التأثير على استقرار الدولة، كما أن القانون يغلظ العقوبة على مروجي الشائعات إذا نتج عنها حالات وفاة أو إصابات.

 

واقترح القانون إنشاء جهاز حكومي لرصد الشائعات، وإصدار بيانات للرد عليها بمجرد ظهورها وانتشارها، كما يقوم الجهاز برصد وسائل الإعلام التي لم تتحر الدقة في نقل المعلومات، وساهمت بشكل أو بآخر في زيادة تداول تلك الشائعات.

 

شماعة قديمة

 

من جانيه، يؤكد المحامي والقانوني ورئيس اللجنة القانونية بحزب الحرية والعدالة مختار العشري لـ"عربي21" أن القانون المقترح مجرد كلام مرسل، يتحدث عن السبب وراء القانون، لكنه لم يحدد العقوبات المقترحة التي يمكن من خلالها مواجهة الدولة للشائعات.

 

ويضيف العشري: "الفشل الذريع الذي يعيشه نظام الانقلاب في الوقت الحالي على الصعيد الاقتصادي والسياسي يمثل وسيلة ضغط قوية عليه، وبالتالي فإنه يلجأ لتبرير هذا الفشل بالبحث عن شماعة مثل الشائعات، وأن وراءها جماعة الإخوان المسلمين، ولكن الواقع يؤكد أن الشعب المصري لم يعد ينخدع بمثل هذه المبررات".

 

وحسب الخبير القانوني، فإن نظام السيسي يبحث عن مسوغ قانوني للتجسس بشكل موسع على الشعب المصري، وتحديدا على رواد وسائل التواصل الاجتماعي، في إطار حرص النظام البوليسي على ممارسة هوايته المفضلة، بالبحث عن كل وسيلة يستطيع من خلالها كبت الحريات، وتكميم الأفواه، وقصف الأقلام الحرة.

 

ويشير العشري إلى أن السيسي بعد أن انتهى من فرض سيطرته على وسائل الإعلام، وتوسع في إرهاب الصحفيين والإعلاميين والسياسيين المعارضين لسياسته الإجرامية، بدأ في البحث عن وسائل جديدة لفرض الرقابة على ما يجول في عقول المصريين، لمواجهة أي وسيلة يستطيعون من خلالها "التنفيس" عن أنفسهم في الفضاء الافتراضي.

 

ويرى العشري أن السيسي توسع خلال العام الماضي في سن تشريعات سيئة السمعة، لفرض السيطرة الكاملة على الحريات الإعلامية والصحفية، من خلال قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وقانون الصحافة والنشر، وقانوني تشكيل وإنشاء الهيئة الوطنية للصحافة، والأخرى الخاصة بالإعلام، وقانون تشكيل وإنشاء المجلس الوطني الأعلى للإعلام، ورغم ذلك فإن الشعب المصري ما زالت لديه القدرة على التعبير، وهو ما لا يريده نظام السيسي الدموي.

 

أهداف أخرى

 

ويربط الباحث في التخطيط الإعلامي وصناعة الرأي العام، يوسف العبيدي، بين القانون المقترح، وما كشفه رواد مواقع التواصل الاجتماعي من قيام أجهزة الأمن المصرية بالتجسس والتنصت على محادثاتهم وتفاعلهم على "الفيسبوك" و"تويتر"، مستخدمة في ذلك قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.

 

ويشير العبيدي، في حديثه لـ "عربي21"، إلى أن قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات لا يعطي الحكومة أو أجهزتها المختلفة الحق في التنصت أو مراقبة محادثات المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي، و"السوشيال ميديا"، وبالتالي فإنها تلجأ إلى سن تشريع جديد من خلال أحد النواب، حتى لا يتم اتهام النظام دوليا بسن تشريع للتجسس على خصوصيات المواطنين.

 

ويضيف الخبير الإعلامي قائلا: "الحل الأفضل الذي لن يلجأ إليه النظام لمواجهة انتشار الشائعات هو بسن قانون تنظيم المعلومات وتداولها، ولكن لأن هذا القانون سوف يمثل أزمة للنظام، الذي يسعى لفرض المزيد من القيود على تداول المعلومات، فإنه يقوم بسن تشريعات من شأنها فرض المزيد من الرقابة على حريات المواطنين، خاصة أن الدولة لديها بالفعل مرصد يتبع مجلس الوزراء لتتبع الشائعات والرد عليها".

 

ووفقا للعبيدي، فإن نظام السيسي يستخدم ورقة "نشر الأخبار الكاذبة" كوسيلة عقابية بالفعل، لما ينشره النشطاء والمعارضون على وسائل التواصل الاجتماعي، وهناك عشرات النشطاء معتقلون بهذه التهمة، كما أن عشرات الصحفيين الذين تم اعتقالهم ومحاكمتهم بعد انقلاب تموز/ يوليو 2013 كان بالتهمة ذاتها، وبالتالي فإن وجود قانون خاص بالشائعات ربما يكون له أهداف أخرى غير التي يتم الترويج لها.