سياسة عربية

ماذا يعني إلغاء بطاقات تموين رئيس الحكومة والوزراء بمصر؟

اقتصاديون: إلغاء البطاقات التموينية لكبار المسؤولين ربما يكون حركة خداع نحو 10 ملايين من مستحقي الدعم- الرئاسة المصرية

أثارت تصريحات مستشار وزير التموين المصري بحذف كل من رئيس الوزراء الحالي مصطفي مدبولي، والوزراء الحاليين، ونوابهم من البطاقات التموينية، موجة من الانتقادات حول حصول هذه الشخصيات على بطاقات التموين من البداية.


وأكد اقتصاديون وسياسيون تحدثوا لـ"عربي21" أن رئيس الوزراء ووزراءه، كانوا مستفيدين من دعم الفقراء دون أي غضاضة، محذرين من أن يكون هذا الإعلان، تكأة لحذف ملايين المستحقين للبطاقات التموينية، في ظل خطة الحكومة تخفيض فاتورة الدعم، استجابة لتوصيات صندوق النقد الدولي، قبل المراجعة القادمة لحصول مصر على الشريحة النهائية من القرض، والمقرر لها تموز/ يوليو المقبل.


وكان مستشار وزير التموين للتكنولوجيا ونظم المعلومات عمرو مدكور، أعلن في لقاء بقناة "صدى البلد" الخميس الماضي، أنه جار حصر أصحاب الوظائف العليا من وكلاء الوزارات وصولًا لرئيس الوزراء لحذف بطاقاتهم التموينية، مؤكدا وجود الكثير من التجاوزات المتعلقة بمنظومة البطاقات التموينية.


وبحسب تصريحات مدكور، فإن هناك 21.5 مليون مواطن لديهم بطاقة تموينية، وإن ما تم إيقافه لا يتجاوز الـ400 ألف بطاقة، بما لا يتخطى الـ2% من إجمالي البطاقات.


وكان وزير التموين علي مصيلحي، أكد أنه سيتم حذف أي مواطن يزيد استهلاكه من الكهرباء على 1000 كيلو شهريا، أو أن يكون مالكا لسيارة أكثر من 1600 سي سي، أو تتجاوز فاتورة هاتفه المحمول الـ1500 جنيه شهريا.

 

اقرأ أيضا: السيسي يصادر ممتلكات معارضيه بأسلوب جديد.. لماذا الآن؟

شكاوى المواطنين


واستمع "عربي21" لشكاوى مواطنين تم حذفهم بالفعل من بطاقات التموين، حيث أكدت المسنة "خضرة عوض" أنها أرملة منذ عشرين عاما، ومعاشها لا يتجاوز الـ1500 جنيه (90 دولارا شهريا) وليس لديها سكن خاص حيث تنتقل للعيش بين أبنائها.


وقالت لـ"عربي21" إنها فوجئت مطلع آذار/ مارس الجاري، بوقف بطاقة التموين التي ورثتها عن زوجها، لأن استهلاكها للكهرباء يتجاوز الـ1000 كيلو وات شهريا، رغم عدم وجود عداد كهرباء باسمها، لأنه ليس لديها سكن خاص من الأساس.


وهو نفس ما تعرضت له الستينية بالمعاش صباح مصطفى، التي أكدت لـ"عربي21"، أن وزارة التموين حذفت اسم ابنها الأصغر (16 عاما)، بزعم أن فاتورة هاتفه المحمول تزيد على 1500 جنيه شهريا، رغم أنه يتعامل بالشحن عن طريق الكارت مرة كل ثلاثة أشهر، بمبلغ 35 جنيها، لتستمر الخدمة مفتوحة، وليس لديه خط فاتورة إطلاقا.


وأضافت صباح أنها تقدمت بتظلم، وأخبروها بأن لجنة خاصة سوف تقوم بفحص الشكوى خلال ثلاثة أشهر من تقديمها، وهو ما يحملها أعباء مادية أكبر نتيجة حذف ابنها من البطاقة.

 

اقرأ أيضا: بعد حرمانهم من رواتبهم.. منع التموين عن المعتقلين بمصر

باسم عودة


وفي تعليقه على مهازل بطاقات التموين، يؤكد النائب السابق بالبرلمان المصري طارق مرسي لـ"عربي21" أن الحكومات المتعاقبة كانت ترفض مطالبهم نواب، بمراجعة الدعم المخصص لبطاقات التموين، وعندما بدأ باسم عودة وزير التموين بحكومة الدكتور محمد مرسي، في تطوير ومراجعة المنظومة شعر المواطن الفقير بالفارق، وهو ما أغضب البعض، وبالتالي يدفع "عودة" الآن فاتورة ذلك بالسجن 50 عاما.


ويضيف مرسي أنه كان نائبا لمنطقة شعبية، ومعظم سكانها من محدودي الدخل، وقد اطلع بالأيام الماضية على شكاوى الكثير بحذف أسمائهم من البطاقات التموينية مطلع الشهر الجاري، وليس مراجعة موقفهم كما يحدث مع رئيس الوزراء والوزراء، وكبار الموظفين وقيادات الجيش والشرطة، وفقا لتصريحات مستشار وزير التموين بأنه جار مراجعة موقفهم في البطاقات.


ويؤكد النائب السابق أن الدعم الذي يحصل عليه كبار الموظفين بالدولة، لا يتوقف عند البطاقات التموينية، فمعظمهم يسكنون بأرقى الأحياء المصرية، بمقابل لا يتجاوز الثلاثة دولارات شهريا، بالعمارات الفارهة التابعة للأوقاف والتأمينات، والتي لا يزيد إيجار الشقة المميزة فيها على 200 جنيه شهريا (12 دولارا).


خداع الشعب


ويؤكد الخبير الاقتصادي سمير أبو الخير لـ"عربي21"، أن مصر ملزمة قبل شهر أيار/ مايو المقبل، بتخفيض دعم المحروقات والخدمات لأكثر من 70% عن وضعه الحالي، قبل المراجعة النهائية لصندوق النقد التي تسبق صرف الشريحة الأخيرة المقرر لها تموز/ يوليو المقبل.


ويحذر أبو الخير من أن يكون ما أعلنه مستشار وزير التموين، حركة خداع لحذف أكثر من عشرة ملايين من مستحقي الدعم، لأن هؤلاء المسؤولين في النهاية لن يتجاوزا الـ2000 مشترك، وعلى هامشهم سيتم حذف الرقم الأكبر والمفزع، وإظهار الوزارة بدور المحايد، لأنها قامت بحذف بطاقة رئيس الحكومة نفسه.


ويشير الخبير الاقتصادي إلى أنه منذ تطبيق منظومة البطاقات الإلكترونية، ومديريات التموين تقوم بتحديث البيانات مرة أو مرتين بالعام، ما يعني أن رئيس الحكومة الحالي، والذين سبقوه والوزراء الحاليين والسابقين، كانوا يحصلون على دعم الفقراء بطيب خاطر، ويظهرون أمام الإعلام بالمدافعين عن حقوق الفقراء، وهو ما يؤكد تفاقم الفساد بالمنظومة الحكومية والإدارية بشكل ليس له مثيل.