سياسة عربية

لوموند: يهود بأمريكا مستاؤون من السياسات الإسرائيلية

يعتبر "أيباك" أقوى لوبي مؤيد لإسرائيل في أمريكا - (صفحة أيباك على إنستاغرام)

نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن انزعاج اليهود الأمريكيين من السياسة الإسرائيلية، حيث يعمل الشتات اليهودي على أن ينأى بنفسه عن توجهات هوية إسرائيل.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن عددا من مسؤولي الكونغرس وأعضاء في إدارة دونالد ترامب سارعوا إلى حضور الاجتماع السنوي للجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية "أيباك" الذي يعد أقوى لوبي مؤيد لإسرائيل، في واشنطن خلال الفترة الممتدة بين 24 و28 آذار/ مارس الجاري.

وأضافت الصحيفة أن الاجتماع شهد حضورا لافتا مما يؤكد على عمق العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة. لكن، لا يعني ذلك بالضرورة عدم انزعاج البعض من السياسة الإسرائيلية، كما أن غالبية الجالية اليهودية الأمريكية تضع مسافة بينها وبين إسرائيل على الصعيد السياسي خاصة إذا كانت هذه السياسة لا تتماشى مع مصالحها.

وأكدت الصحيفة أن القضية في الأصل تتلخص حول الأجيال والدين والسياسة، حيث أحدثت هذه الفجوة بين الجالية اليهودية في الولايات المتحدة وإسرائيل جراحا عميقة. وتجلى ذلك خلال شهر حزيران /يونيو سنة 2017، عندما أعلن بنيامين نتنياهو عن العدول عن رأيه حول شروط تسوية تفاوضية حول تأسيس منطقة مختلطة لليهود الإصلاحيين والمحافظين الأمريكيين خلال التعبد على حائط المبكى في القدس.

ونوهت الصحيفة بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي عمل على عدم إثارة غضب حلفائه السياسيين من اليهود الأرثوذكس المتطرفين، الذين يرون أن هذه القرارات "منحلة" وتخالف اليهودية. ولكي ينجح في ذلك، فضل نتنياهو إحراج أبناء الشتات. ليس ذلك فحسب، فقد حافظ نتنياهو على احتكار الحاخامات لجميع جوانب الحياة اليهودية، على غرار الزواج والطلاق والجنازات والاعتناق. ومع نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر 2018، حذر نتنياهو من خطورة "فقدان الشعب اليهودي لهويته" خلال اجتماع لمنظمات أمريكا الشمالية.

تجدر الإشارة إلى أن شباب اليهود الأمريكيين غير مدركين لأهمية تاريخ نشأة إسرائيل بعد الهولوكوست، وينتابهم الشعور بالغربة تجاه إسرائيل أكثر من شيوخهم، ولذلك يتجرأ هؤلاء الشباب على انتقاد إسرائيل.

 

اقرأ أيضا: فورين بوليسي: هل احتضان ترامب لنتنياهو يساعده في قاعدته؟

وأشارت الصحيفة إلى أن الهوة تعمقت بين يهود الولايات المتحدة وبين إسرائيل في الوقت الذي تنحاز فيه إدارة دونالد ترامب أكثر فأكثر إلى المواقف الإسرائيلية. وتغض إدارة ترامب الطرف عن الاستيطان اليهودي، كما نقلت واشنطن سفارتها من تل أبيب إلى القدس غير مهتمة بالانتقادات.

بالإضافة إلى ذلك، أغلقت إدارة ترامب مكتب التمثيل الفلسطيني في واشنطن وقطعت المعونة عن منظمة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). وفي 21 آذار/ مارس، اعترفت إدارة ترامب بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية.

وأفادت الصحيفة أنه خلال تموز/ يوليو سنة 2018، تبنى الكنيست قانونا مثيرا للجدل تمثل في اعتبار إسرائيل دولة لليهود فحسب، الأمر الذي أثار حفيظة اللجنة اليهودية الأمريكية، التي تأسست سنة 1906، والتي عبرت عن "خيبتها العميقة". وحذرت اللجنة اليهودية الأمريكية، في بيان لها، من أن "هذا القانون يعرض التزام مؤسسي إسرائيل الطامحين في بناء دولة يهودية وديمقراطية على حد السواء إلى الخطر".

وتبدو حالة الإحباط واضحة، حيث عبر داني زيميل، وهو حاخام مؤثر في واشنطن، عن امتعاضه. وعلى هامش خطاب ألقاه داخل كنيس يهودي بمناسبة الاحتفال بيوم الغفران خلال أيلول/ سبتمبر 2018، أكد زيميل أن مقدار حبه لإسرائيل لم ينقص منه شيء، لكنه استنكر في الوقت ذاته تصرف "الحكومة الإسرائيلية التي أدارت ظهرها للصهيونية".

وقالت الصحيفة إن المدون الأمريكي دانا ميلبانك في صحيفة "واشنطن بوست"، كتب تقريرا معلقا فيه عن خطاب الحاخام داني زيميل بعنوان "اليهود الأمريكيون يراقبون إسرائيل بخوف". ويؤكد ذلك مدى عمق الفجوة، حيث أن 77 بالمئة من يهود إسرائيل يؤيدون إدارة ترامب للعلاقات الثنائية مع إسرائيل، فيما يلقى ذلك استحسان 34 بالمائة فقط من يهود الولايات المتحدة. وتعتبر إسرائيل من البلدان القليلة التي يحظى فيها ترامب بشعبية، في الوقت الذي لا يدعمه سوى 26 بالمئة فقط من يهود الولايات المتحدة، وفقا لإحصائيات صادرة عن اللجنة اليهودية الأمريكية.

وفي الختام، أوردت الصحيفة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يعول كثيرا على دعم الحزب الجمهوري الأمريكي له، كما يعول على دعم الطائفة المسيحية الإنجيلية، التي لا تدعم إسرائيل من ناحية فيلوسامية، بل لأسباب لاهوتية.