صحافة دولية

بعد نشر فضيحة أسلحة فرنسا باليمن.. استدعاء صحفيين للتحقيق

ليست هذه المرة الأولى من نوعها التي يقع فيها توجيه تهم لصحفيين فرنسيين "بتعلة كشف أسرار خاصة بالدفاع الوطني- جيتي

نشر موقع "ميديابارت" الفرنسي، تقريرا ذكر فيه أن الصحفييْن اللذين سربا محتوى تقرير سري، يتحدث عن الاستخدام المكثف للأسلحة الفرنسية في قتل المدنيين اليمنيين، قد وقع استدعاؤهما للتحقيق من قبل المديرية العامة للأمن الداخلي الفرنسي.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن المديرية العامة للأمن الداخلي الفرنسي (جهاز المخابرات الداخلية) وجهت للصحفيين تهمة "إفشاء سر خاص بالدفاع الوطني".

 

كما وقع فتح تحقيق قضائي في حق الصحفيين بعد دعوة رفعتها وزارة الجيوش الفرنسية.

واعتبر الموقع أن هذا القرار يعد بمثابة إعلان حرب على الصحافة والكلمة الحرة في فرنسا، حيث من المنتظر أن يقع الاستماع لكل من الصحفيين، جيفري ليفولسي وماتياس ديستال، خلال شهر أيار/ مايو القادم، من قبل محققين من جهاز المخابرات الداخلية.

 

وأشار ضابط شرطة في الاستدعاء الذي وُجّه للصحفيين إلى أن التهمة الموجهة لكليهما يمكن أن تصل عقوبتها بالسجن لخمس سنوات مع دفع غرامة مالية بنحو 75 ألف يورو.

وذكر الموقع أن التهمة التي وُجهت لهما تتمثل في انجازهما لعملهما، وتحديدا عرضهما في 15 نيسان/ أبريل تقريرا سريا تابع لمديرية الاستخبارات العسكرية الفرنسية على وسائل الإعلام الفرنسية، من بينها موقع "ميديابارت".

 

وكشف محتوى هذا التقرير عن قائمة شاملة بالأسلحة الفرنسية التي تستخدمها السعودية وحليفها الإماراتي ضد الحوثيين في حرب دموية تسببت في سقوط عدد كبير من المدنيين اليمنيين.

 

اقرأ أيضا :  فرنسا تحقق بتسريب مذكرة سرية بشأن استخدام أسلحتها باليمن


وتجدر الإشارة إلى أن الحرب الدائرة في اليمن تسببت على الأقل في سقوط نحو عشرة آلاف قتيل، كما تهدد المجاعة ملايين المدنيين اليمنيين، الأمر الذي دفع الأمم المتحدة لاعتبار الوضع في اليمن أسوأ كارثة إنسانية في الوقت الحاضر.

ونوه الموقع بأن قائمة الأسلحة الفرنسية التي أعدتها مديرية الاستخبارات العسكرية كذّبت ادعاءات الحكومة الفرنسية، التي تتشبث إلى حد الآن بتصريحها بأن الأسلحة الفرنسية التي بيعت إلى الرياض وأبو ظبي لا تستخدم سوى في أغراض دفاعية، "ولا تستخدم على جبهة القتال في اليمن".

ووفقا لتقرير المخابرات العسكرية، فإن قرابة خمسين مدفعا من نوع "قيصر هاوتزر" ذاتية الدفع، من صنع شركة "نكستر"، نشرت على طول الحدود الفاصلة بين السعودية واليمن من أجل "دعم القوات الموالية، التي تدعمها القوات السعودية".

وأفاد الموقع بأن سفنا حربية فرنسية تشارك في الحصار البحري الذي تسبب في تعطيل مدّ المدنيين بالتموين، كما تشارك على الأقل سفينة بحرية فرنسية الصنع، وفقا لهذا التقرير السري، في "دعم العمليات البرية داخل التراب اليمني".

 

وتخلل التقرير أيضا خارطة تتحدث عن نزوح نحو 450 ألف مدني هربا "من عمليات القصف، يمكن أن يكون من بينها عمليات قصف بالمدفعية".

وأشار الموقع إلى أن هذه التسريبات ساهمت في تكذيب تصريحات الدولة الفرنسية، تحديدا تلك المتعلقة بالدور الذي تلعبه الأسلحة الفرنسية في الحرب القذرة التي تقودها السعودية والإمارات في اليمن.

وأفاد الموقع بأن محتوى تقرير مديرية المخابرات العسكرية عُرض لسببين، الأول، أن محتوى التقرير على علاقة بالمصلحة العامة.

 

أما السبب الثاني، فيتلخص في أن نشر التقرير على الملأ لا يعرض الجيش الفرنسي إلى الخطر، كما لا يمس من التزاماته أو من عسكرييه، ولكن القضية تكمن في استخدام دول (السعودية والإمارات) أسلحة ومعدات اقتنتها من فرنسا.


واتصل الموقع بمسؤول سامي في وزارة الداخلية الفرنسية تحدث عن التحقيق الذي فتح في حق الصحفيين قائلا: "ليس لدي تعليق على هذا الإجراء. ومن الناحية القانونية، لا أحد بإمكانه التدخل، وفي اعتقادي، فإن مذكرة دفاع سرية قد وقع نشرها من قبل شخص غير مخول".

وأكد الموقع أن المديرية العامة للأمن الداخلي الفرنسي وجهت استدعاء آخر للصحفي، بينوا كولومبا، من خلية التحقيقات الصحفية التابعة لإذاعة فرنسا الدولية باعتبار أنه على علاقة بالتسريبات الأخيرة.

 

بالإضافة إلى ذلك، ليست هذه المرة الأولى من نوعها التي يقع فيها توجيه تهم لصحفيين فرنسيين "بتعلة كشف أسرار خاصة بالدفاع الوطني".

فخلال سنة 2016، سرب متعاون مع موقع "ميديابارت"، كليمون فايول، تقريرا للأمانة العامة للدفاع الوطني الفرنسي يتحدث عن التساهل والتنازلات الجيوسياسية لفرنسا تجاه ديكتاتور تشاد، الرئيس إدريس ديبي.

وفي الختام، قال الموقع إنه بعد ذلك، وقعت مساءلة الصحفي الذي سرب التقرير، علاوة على التحقيق مع مدير الإعلانات في موقع "ميديابارت"، باعتبارهما متهمين "بإفشاء سر خاص بالدفاع الوطني"، قبل أن يغلق ملف القضية في الثاني من تشرين الأول /أكتوبر سنة 2018.