ملفات وتقارير

لماذا لن تنقذ بيع "أصول الدولة" السيسي من دوامة القروض

حكومة السيسي تنوي بيع 20 مليون متر من الأراضي الحكومية- جيتي

حذر سياسيون واقتصاديون مصريون من خطة نظام الإنقلاب العسكري برئاسة عبد الفتاح السيسي، في سداد الديون والقروض المستحقة على مصر، ببيع أصول الدولة وممتلكاتها، ومنها بيع مقار الوزارات بالقاهرة لمستثمرين مصريين وعرب وأجانب، بعد نقل الوزارات للعاصمة الإدارية.


تحذير المختصين، جاء بعد إعلان وزير قطاع الأعمال هشام توفيق، عن نية الحكومة بيع 20 مليون متر من الأراضي غير المستغلة من أصول شركات الوزارة في القاهرة والمحافظات، لسداد الديون المستحقة عليها، وقيمتها 38 مليار جنيه (2.2 مليار دولار)، وتحويلها من الأغراض التجارية إلى السكنية، بالإضافة لطرح 150 مبنى أثري للخصخصة، بوسط القاهرة والإسكندرية وبورسعيد.


ورغم أن الوزير لم يعلن قيمة هذه الأصول، إلا أن تقارير أخري صادرة عن الوزارة، أكدت أن قيمتها تتجاوز 112 مليار دولار، ومنها الأراضي المملوكة لمجمع الحديد والصلب بحلوان، وشركات النصر للكوك، والنصر للسيارات وسيماف لصناعة القطارات، والنصر للمواسير، والقومية للأسمنت والنصر للمطروقات، وجيميها بحلوان، وأسمنت أبو زعبل، والمصرية للجباسات، والقابضة للغزل والنسيج في القاهرة والمحافظات.


وقد غرد السياسي المصري ممدوح حمزة عبر توتير، محذرا من هذه الخطوة، ووصفها بأنها أول طريق الخراب، مضيفا في تدوينته قائلا: "إن لم تسدد الديون من عائد المشروعات التي استدنت بسببها، فإنها مشروعات ليس منها جدوي أو فائدة، أو غير اقتصادية، أو صرف عليها أكثر من قيمتها، أو أن هناك خطة ما لم يتم الإعلان عنها".


عاصمة الصحراء

 
وفي تعليقه لـ "عربي21" يؤكد عضو لجنة الإسكان السابق بالبرلمان المصري عزب مصطفي، أن هذه الأصول ليست ملكا للحكومة، وإنما ملكا للشعب، وبالتالي فإن بيعها، دون إرادة الشعب وموافقته، يعني أن حكومة الانقلاب تمارس السرقة والنهب العلني لأموال الشعب المصري.

 

اقرأ أيضا: عاصمة السيسي الجديدة تقترض 3 مليارات دولار من الصين

وحسب مصطفي فإن الدساتير المصرية تجرم بيع أصول وممتلكات الدولة، بما فيها الدستور الذي وضعه السيسي نفسه، حيث تنص المادة 32 منه، على عدم جواز التصرّف في أملاك الدولة العامة، بينما تنصّ المادة 34 على أنه "للملكية العامة حرمة، لا يجوز المساس بها، وحمايتها واجب وفقاً للقانون"، وبالتالي فإن الشروع في بيع أصول الدولة هو مخالفة للدستور الذي صنعه الانقلاب نفسه.

ويضيف مصطفي: " أن وزير قطاع الأعمال أصدر بيانا أعلن فيه أن الوزارة حققت صافي ارباح تقدر بـ 11.3 مليار جنيه (650 مليون دولار)، خلال العام المالي 2017/2018، وبمعدل نمو تجاوز 40%، وأن هناك توقعات بزيادة الأرباح خلال العام المالي 2018/2019، ولكنه بعد أيام أكد نفس الوزير، أن وزارته مديونة بأكثر من 38 مليار جنيه (2.2 مليار دولار)، لوزارتي الكهرباء والبترول.


ويشير مصطفى إلى أن هذا التضارب في البيانات والأرقام، يؤكد ان الهدف من طرح أصول الشركات المملوكة للدولة للبيع، الهدف منه لسداد القروض التي توسع نظام الإنقلاب العسكري في الحصول عليها، وبات عليه دفع فاتورتها بدءا من عام 2019، ولأن دمر الصناعة الاقتصاد، فسوف يلجأ لبيع أصول الدولة كما باع الشعب لسداد هذه الديون.


ويؤكد البرلماني السابق، أن نظام السيسي، دمر الاقتصاد المصري، عندما حوله لاقتصاد قائم على القروض، وتحولت مهمة الحكومة من العمل على رفاهية الشعب، للبحث عن القروض الجديدة، لتسديد القروض القديمة، موضحا أن آخر كارثة، كانت في الحصول على قرض الـ 3 مليارات دولار من الصين، لإقامة مشروعات بالعاصمة الإدارية، وهو ما يفضح النظام، بأن المشروعات في عاصمة الصحراء الجديدة، قائمة على الديون وليس الاستثمارات كما يردد السيسي.


توسع واحتلال

 
ويتوقع الخبير الاقتصادي سمير أبو الخير لـ "عربي21" أن يتوسع نظام السيسي في بيع أصول الدولة وممتلكاتها، مشيرا إلى أن إعلان الحكومة عن نيتها، لطرح 150 مبني آثري للخصخصة، يُعد مقدمة واضحة لطرح المنشآت الهامة والحيوية التي كانت خاصة بالوزارات ومجلسي الشعب والشوري ومقر الحكومة، للبيع بعد نقل مقراتها للعاصمة الإدارية، وهو ما يمثل إهدارا للقيمة الحضارية والثقافية والتاريخية لمصر.

 

اقرأ أيضا: لماذا خرجت مصر خاسرة من مشروعات طريق الحرير الجديد؟

ويضيف أبو الخير قائلا: " فكرة اللجوء لبيع الأصول لسداد الديون، كارثة اقتصادية، وسوف تفتح الباب لليهود وغيرهم من تملك أهم المنشآت بمصر، سواء كانت آثرية أو تجارية، وهو ما يخالف متطلبات الأمن القومي من الناحية الاقتصادية والسياسية، في ظل القيمة التراثية لعدد من المنشآت مثل وزارة التربية والتعليم، والداخلية والصحة والزراعة، ومقر الخارجية القديم، ومجلسي الشعب والشوري، ومجمع التحرير، وغيرهم".


ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن برنامج خصخصة شركات قطاع الأعمال، الذي بدأته حكومة عاطف عبيد قبل 20 عاما، دمر الصناعة المصرية، وأدي لزيادة معدلات البطالة التي تحولت لقنابل موقوتة، كما أن عائد بيع هذه الشركات شهد عمليات فساد، تورط فيها كبار المسئولين بالدولة، وهو ما يتوقع حدوثه، في بيع أصول الدولة، التي سوف توفر سيولة للحكومة، ولكنها سوف تفتح أبوابا من الكوارث على الشعب المصري.