قضايا وآراء

نجع أبو عصبة.. وطريق الكباش!!

1300x600
فوجئ أهالي نجع أبو عصبة بالأقصر فجر الثلاثاء؛ بحشود أمنية مدرعة بدأت بإخلاء منازلهم بطريقة مستفزة، ما أثار حفيظة المواطنين الذين اعترضوا على هدم منازلهم قبل تعويضهم التعويض المناسب، بل وقبل أن يتمكنوا من إيجاد سكن بديل، هذا فضلا عن رفض الحكومة لاستغاثتهم من أجل تأجيل الإزالة إلى ما بعد عيد الفطر. فما الذي يحدث في نجع أبو عصية؟ وما هو طريق الكباش؟!

طريق الكباش هو الطريق الذي يربط بين معبدي الأقصر والكرنك؛ ‏يبلغ طوله ‏2.72‏ كم، ويبلغ عرضه ‏700‏ متر، ويحتوي على ‏1200‏ تمثال على هيئة الكبش. قام الملك أمنحوتب الثالث بإنشائه، وأتم تنفيذه بشكله النهائي الملك نختنبو الأول، مؤسس الأسرة الثلاثين. وكانت المواكب المقدسة للمعبودات والملوك تمر بهذا الطريق كل عام خلال الاحتفالات بموسم الفيضان؛ حيث يسير الملك يتقدمه علية القوم، من الوزراء وكبار الكهنة ورجال الدولة، خلف المراكب المقدسة التي كانت تحمل تماثيل المعبودات؛ بينما يصطف أبناء الشعب على جانبي الطريق يرقصون ويلعبون في بهجة وسرور!

أما مشروع إحياء طريق الكباش؛ فقد تم البدء فيه منذ عام 2005، ثم توقف المشروع بعد ثورة يناير عام 2011، ثم عادت وزارة الآثار إلى تجديد العمل به منذ عام 2017، على أمل أن يتم افتتاحه في 2020 كأكبر طريق أثري في العالم!

أما أزمة نجع أبو عصية؛ فقد بدأت منذ عام 2015، عندما تم الإعلان عن إزالة النجع بالكامل نظرا لوقوعه على امتداد طريق الكباش. كما أنه ومنذ عامين أعلن وزير الآثار عن البدء في استئناف العمل بطريق الكباش، وأعلن الوزير ساعتها أن الحكومة ستقوم بتعويض الأهالي عن إخلاء منازلهم، كما أنها ستقوم بإنشاء كنيسة إنجيلية جديدة بدلا من الكنيسة التي تقع عائقا في الطريق، والتي رفض قادتها إخلاءها مرارا وتكرارا! كما سبق وأن أعلن محافظ الأقصر السابق، الدكتور محمد بدر، أن التعويض سيكون على المباني وليس الأراضي!

وبالرغم من أن الأهالي استجابوا لذلك من أجل مصلحة بلدهم، إلا أنهم فوجئوا بأن التعويضات التي تم إقرارها ليست عادلة ولا تمكنهم من إيجاد سكن بديل. فهل يُعقل أن منزلا مكونا من أربعة طوابق يتم تعويضه بمبلغ لا يتجاوز الـ100 ألف جنيه؟! فالحكومة لم تراع حالة الغلاء التي يعاني منها المواطنون، كما أنها لم تراع ارتفاع أسعار العقارات؛ حيث يبلغ سعر الشقة السكنية الصغيرة التي لا تتجاوز مساحتها 70 مترا في مدينة طيبة الجديدة 180 ألف جنيه.

الغريب أن قرارات الإزالة تتم رغم أن فترة الطعون على قرار نزع الملكية لم تنته بعد، فمديرية المساحة بالأقصر كانت قد أعلنت عن كشف بأسماء ملاك العقارات الصادر بشأنها القرار منذ 15 نيسان/ أبريل الماضي، على أن تنتهي فترة الإعلان يوم 14  أيار/ مايو، لتبدأ مرحلة الطعون على الملكية من يوم 15 إلى يوم 29 من ذات الشهر، ومن ثم يبدأ صرف التعويضات وإنهاء إجراءات نزع الملكية تمهيدا لتنفيذ قرارات الإزالة. وبناء على ذلك؛ ففترة الطعون على قرار نزع الملكية تنتهي يوم 29 أيار/ مايو، في حين أن الإزالة تمت في 28 أيار/ مايو، بما يخالف القرار!

وبالرغم من اعتقادنا الكامل بأن إتمام المشروع من الضروري بمكان، إلا أنه يجب على الحكومة وضع حلول عاجلة لإنقاذ 200 أسرة من التشرد، والعمل على إعادة تقييم منازلهم، وتوفير مكان آخر بنفس الكيفية وأن يكون في مكان مجاور بقدر الإمكان. فهل ستستجيب؟!!