صحافة دولية

WP: كيف يمكن فهم التهريج الذي يمثل سياسة ترامب الخارجية؟

واشنطن بوست: ترامب دخل من الآن في الأجواء الكاملة لحملة انتخابية سعيا وراء إعادة انتخابه- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للكاتب ديفيد إغناتيوس، يقول فيه إن مراقبة التهريج الذي أصبح سياسة الرئيس ترامب الخارجية مؤخرا قد يجعل الشخص يتساءل إن كان هناك منطق في تصريحاته المتقلبة والمتضاربة حول إيران وكوريا الشمالية وغيرها من القضايا. 

 

ويجيب إغناتيوس في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، قائلا: "هناك بالطبع الجواب: إنها السياسة أيها الغبي".

 

ويشير الكاتب إلى أن "ترامب دخل من الآن في الأجواء الكاملة لحملة انتخابية؛ سعيا وراء إعادة انتخابه، وهو لا يريد أن يظهر بمظهر الفاشل في أي جانب، ويريد أن يبدو صلبا (وهذا أمر له شعبية)، ما دام هذا لا يقوده إلى الحرب (وهذا أمر ليست له شعبية)". 

 

ويلفت إغناتيوس إلى أن "ترامب يستمر في محاولة تلميع سيرته، مدعيا النجاح في المفاوضات الدبلوماسية مع كوريا الشمالية، التي لم تصل إلى أي نتيجة، وإن كان ذلك يعني التناقض مع مستشار الأمن القومي جون بولتون، والتظاهر بأن الاختبارات الجديدة التي أجرتها بيونغ يانغ على الصواريخ البالستية لا تخرق قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فلا بأس من ذلك، والمهم هو ألا يسمى هذا فشلا".

ويورد الكاتب نقلا عن ترامب، قوله يوم الاثنين: "جماعتي يعتقدون بأن ذلك قد يكون خرقا.. لكنني أنظر إليه بشكل مختلف"، مشيرا إلى أنه بالنسبة للرئيس كيم جونغ أون فإن ترامب يتعامل معه كأنه بديل للحملة، فيقول: "إنه يعرف بأن (الأسلحة) النووية.. لا تؤدي إلا إلى حدوث أشياء سيئة.. إنه يفهم.. إنه رجل ذكي".

ويقول إغناتيوس: "قد يأمل ترامب بأن تعقد قمة أخرى مع كيم خلال فترة الحملة الانتخابية، ليستطيع الحصول على فرصة لأخذ الصور اللامعة معه بوجود الأعلام والرايات، وربما هذه المرة مع وجود فرقة مارش عسكرية".

 

ويجد الكاتب أن "حسابات ترامب السياسية في إيران واضحة، فقد قوض الاتفاقية النووية مع إيران العام الماضي بناء على أساس مزيف، ثم أعلن عما قد يصل إلى حرب اقتصادية ضد طهران، من خلال فرض عقوبات تتسبب بالشلل، وحشدت إيران قواتها، فرد البنتاغون بحشد قوات من جانبه، وبدأت المواجهة مع إيران، وبدت الأمور كأنها تتجه نحو الحرب".  

ويستدرك إغناتيوس بأن "حروب الشرق الأوسط لا تحظى بالشعبية، وقد يزعج هذا الناخبين، ولذلك قام ترامب بسرعة بتصحيح ما قد تؤدي إليه سياسته، فقال يوم الاثنين: (لا نسعى إلى تغيير النظام.. نحن نسعى لعدم وجود أسلحة نووية)، لكن.. أليس ذلك هو النجاح الذي حققته اتفاقية عام 2015 الذي قام ترامب بتمزيقها؟".

ويقول الكاتب: "يبدو ترامب مقتنعا بأنه وجد الإيرانيين المعتدلين الذين يصعب العثور عليهم، الأشخاص الذين يبحثون عن التفاوض مع أمريكا، فقال يوم الاثنين: (أعتقد أن إيران تريد أن تتفاوض، وإن أرادوا التفاوض، سنتفاوض نحن أيضا.. فلا أحد يريد أن يرى أشياء سيئة تحدث.. خاصة أنا)".

 

ويعلق إغناتيوس قائلا: "رسالة للرئيس: لا تضع في حسابك أي فرص لأخذ الصور مع آية الله خامنئي، كما أنك بحاجة لأن تحل المشكلة المعقدة المتعلقة بوضع الحرس الثوري الإيراني على قائمة الإرهاب، الذين قد تكون قيادتهم وحدها القادرة على التوصل إلى صفقة توقف التدخلات الإقليمية، لكنها السياسة.. وأي شيء ممكن".

ويؤكد الكاتب أن "من الجيد أن ترامب لا يريد الحرب مع إيران، وربما يكون من الجيد أنه لا يشارك بولتون حماسه لتغيير النظام، لكن الأمر المحير حقا هو الطريقة التي يهاجم فيها كل من ترامب ووزير الخارجية مايك بومبيو بلا هوادة سياسة الرئيس باراك أوباما (التي كانت عقوبات اقتصادية صارمة، تبعتها مفاوضات) ثم السعي لتقليدها".

 

وينوه إغناتيوس إلى أن "بومبيو عين فريقا موهوبا من المبعوثين الخاصين لسوريا وكوريا الشمالية وإيران وأفغانستان، وقاموا بتجهيز الأرضية.. فماذا الذي يجب أن يفكر به هؤلاء المبعوثون في الوقت الذي تتغير فيه سياسة ترامب الخارجية من تغريدة إلى أخرى؟".

 

وتنقل الصحيفة عن أحد الجمهوريين البارزين، قوله: "كل شيء الآن ينظر إليه من منظور انتخابات 2020.. (والشعار هو) لا تهز المركب.. هدئ اللعب.. الحرب تؤدي إلى الخسارة". 

 

ويفيد الكاتب بأن "ترامب سيدخل جولة 2020 بصفته رئيسا حاليا، لكنه سيسعى في العام المقبل للحصول على التفويض الشعبي الذي يعتقد أنه سرق منه بسبب التحقيق في التدخل الروسي في انتخابات 2016، لتميل الكفة لصالحه، ويقول أحد الجمهوريين لقد سمعت أن ترامب يفكر في الانتقام: (سياساتنا تقاوم في البلاد وفي الخارج، لكن عندما تتم إعادة انتخابنا، فسيعلمون أن عليهم التعامل معنا)".

 

ويشير إغناتيوس إلى أن "ترامب يحب نموذج المصارعة العالمية الترفيهية المحترفة، التي يروج لها صديقه فينس مكماهون، والجميع يعلم أن هذه الحركات كلها كاذبة، لكن مؤيدي المصارعة يحبون هذا الاستعراض المرتب للشخص الجيد ضد الشخص السيئ، مع أنها مصطنعة".

ويعلق الكاتب قائلا: "قد يكون نهج ترامب في الحكم أقرب للمصارعة العالمية الترفيهية من قربه للحزب الجمهوري، إنه مهرجان يومي، حيث القواعد والمحكمين لا شأن لهم".

 

ويلفت إغناتيوس إلى أن زائرا لبكين قريبا وصف كيف ينظر الزعماء الصينيون إلى سلوك هذا الرئيس، الذي يصعب التنبؤ به، وقال هذا المسؤول الأمريكي الكبير السابق: "في الاجتماعات كان الصينيون هادئين وواثقين.. (ولسان حالهم) يقول إن كنتم أيها الأمريكيون تريدون حربا اقتصادية، فإن هذا جيد". 

 

ويختم الكاتب مقاله بالقول: "لماذا لا يبدو الصينيون قلقين؟ ربما لأنهم يعرفون بأن كل يوم يقضيه ترامب رئيسا، فإن قوة أمريكا وهيبتها تتضاءلان.. وربما عليهم أيضا أن يركبوا عربة السيرك لعام 2020".

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)