سياسة عربية

صدام جديد بين الأزهر والسيسي حول الإسلاموفوبيا

السيسي والأزهر- فيسبوك

صدام جديد اشتعل بين رئيس النظام الانقلابي في مصر عبد الفتاح السيسي وشيخ الازهر أحمد الطيب بعد حديث كل منهما عن الإسلاموفوبيا.

شيخ الأزهر اتهم في حديثه الغرب بتشويه صورة الإسلام، بينما سارع السيسي بنفي ذلك الاتهام والرد بأن "ممارسات المسلمين هي المسؤولة عن الإساءة لصورة الإسلام حول العالم".

جاء هذا خلال احتفالية وزارة الأوقاف بليلة القدر للعام الهجري الجاري 1440، وبحضور رئيس نظام الانقلاب عبدالفتاح السيسي، بقاعة مؤتمر الأزهر بمدينة نصر.

وكان شيخ الأزهر قد قال في حديثه: " على الرغم من إدانة العالم الإسلامي الدائمة للإرهاب، إلا أن كل ذلك لم يفلح في تصحيح صورة الإسلام والمسلمين في نظر الغرب وأمريكا، لأن المطلوب هو إدانة الإسلام ورميه بأفظع البذاءات والاتهامات".

وأضاف الطيب: "المسلمون دَفَعُوا ثمنًا فادِحًا من دمائهم وأشلائهم في الحروب الصليبيَّة، ومع ذلك لم يجرؤ مُؤرِّخ ولا كاتب مسلم أن يتفوَّه بكلمةٍ واحدةٍ تُسئ إلى المسيحية أو اليهودية كأديان إلهيَّة".

وتابع: "إننا حين نَذْكُر المجازر البشعة التي تعرَّض لها المسلمون على أيدي أبناء الأديان الأخرى - فإنَّنا لا نُحمِّلها لهذه الأديان ، فهناك فرق هائل بين الأديان والمؤمنين بها، وبين المتاجرين بالدِّين في أسواق السِّلاح وإشعال الحروب".

وعن الإسلاموفوبيا قال الطيب: "لن تجرؤ جريدة أو قناة أو برنامج فضائي في الغرب أو الشرق، على مجرَّد النطق بفوبيا ما شئت من المِلَل والنِّحَل والمذاهب .. على الرغم من التاريخ يَشْهَد على أنَّ الأديان كلها نُسِبَت إليها أعمال عُنف".

وأردف: "ما كان للإسلاموفوبيا أن تتجذَّر في الثقافة الغربية، لولا التمويلُ الضَّخم المخصَّصُ لدعمِ الاستعمار الحديث، وسياسته الجديدة في الهيمنة والانقضاض على ثروات العالَمين العربي والإسلامي، و تقاعسنا نحن: العربَ والمسلمين".

أما السيسي فقد قال: "الذين يقدمون الدين بشكل سيء هم أهله، وممارسات المسلمين هي جزء أساسي في الإساءة للإسلام، فحينما تعطي تأشيرة في دولة مسلمة لضيف أيًا ما كان هذا الضيف، يهودي مسيحي بوذي بلا دين، هل يكون آمنا في بلاد المسلمين أم لا؟ المسلمون ليسوا آمنين في بلادهم فهم يُقتلون في بلادهم، ليس منذ خمس سنوات فقط وإنما بأيادي أناس منا، وننفق على تأمين أنفسنا أرقاما هائلة نتيجة هذا الفكر".

 

إقرأ أيضا: في ذكرى إنشائه ...الأزهر من عبدالناصر للسيسي ترويض وتجريد

وتابع: "اسمعوا خطبي على مدى 5 سنوات لم أذكر لفظًا خادشًا أو مسيئًا في أحلك المواقف وأصعبها لا للعدو ولا الحبيب، نحن الذين نقدم إسلامنا وديننا ونحن الذين نُسيء إليه أو لا نسيء إليه".

صدامات وتباينات بين السيسي والطيب

وهذه ليست المرة الأولى لهذا التباين الواضح بين حديث السيسي وشيخ الأزهر حول الإسلاموفوبيا والدين الإسلامي، حيث سبق عدة صدامات وتبايانات سابقة خلال عمر الانقلاب بأعوامه الست.

أول اختلاف بدأ عندما أعلن الطيب رفضه إراقة الدماء في المجازر التي تلت الانقلاب في 2013، حتى وصلت إلى قمتها في بيانه الصوتي الذي بثه الطيب عقب سويعات من بدء فض الجيش والشرطة لاعتصام المعارضة بميداني النهضة ورابعة العدوية في 14 أغسطس/ آب 2013.

وقال الطيب آنذاك: "إيضاحاً للحقائق وإبراءً للذمة أمام الله والوطن، يعلن الأزهر للمصريين جميعاً أنه لم يكن يعلم بإجراءات فضّ الاعتصام إلا عن طريق وسائل الإعلام صباح اليوم". ثم اعتزل في قريته بالصعيد عدة أسابيع.

ثاني تلك الاختلافات، رفض الطيب التوسع في إصدار فتاوى التكفير في 2014، حيث كان يتداول الاعلام المصري بشكل موسع إصدار فتوى تكفير تنظيم داعش، لكن الطيب رفض ذلك في 11 ديسمبر /أيلول2014.

وفي بداية يناير/كانون الثاني 2015، أطلق السيسي دعوة جديدة أثارت جدلا واسعا، حيث دعا إلى ثورة تجديد الخطاب الديني للتخلص من "أفكار ونصوص تم تقديسها على مدى قرون وباتت مصدر قلق للعالم كله"، وأضاف: "لا يمكن أن يَقتل 1.6 مليار (مسلم) الدنيا كلَّها التي يعيش فيها سبعة مليارات حتى يتمكنوا هم من العيش"، وهو ما دفع الأزهر للرد في أكثر من مناسبة.

تصاعد الخلاف أيضًا في يناير/كانون الثاني 2017 بعد رفض الطيب فتوى للسيسي بعدم وقوع الطلاق الشفهي، حيث فاجأ السيسي المصريين في خطابه بعيد الشرطة عن حديثه حول نسب الطلاق المرتفعة وخطورتها، وطالب بتعديل قانون الطلاق ليصبح الطلاق الموقع أمام المأذون هو الطلاق المعتمد فقط.

لكن عقب أسبوعين فقط من حديث السيسي، أصدر الأزهر بيانًا مذيلًا بتوقيع الطيب يرفض فيه هذا التعديل المتنافي مع الشريعة وفق البيان.

واختُتم البيان بعبارة حادة اعتبرها مراقبون ونشطاء أنها موجهة إلى السيسي بشكل خاص، جاء فيها: "على مَن يتساهلون في فتاوى الطلاق أن يَصرِفوا جُهودَهم إلى ما ينفعُ الناس ويُسهم في حلّ مشكلاتهم على أرض الواقع؛ فليس الناس الآن في حاجةٍ إلى تغيير أحكام الطلاق، بقدر ما هم في حاجةٍ إلى البحث عن وسائل تُيسِّرُ سُبُلَ العيش الكريم".

بعد هذا البيان الحاد بدأ الخلاف يتضح بين السيسي والطيب جليًا أمام الجميع، مع قضية تجديد الخطاب الديني التي تزعمها السيسي، والذي دأب على تحميل الأزهر والمؤسسات الدينية مسؤولية انتشار العنف والإرهاب في مصر، متهمًا إياه بالجمود والتواني عن تجديد الخطاب الديني.

وخلال الاحتفال بالمولد النبوي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 دارت مبارزة كلامية أخرى بينهما، حيث دافع الطيب عن السنة النبوية ودورها في التشريع، محذرًا ممن يستخفون بها أو يهملونها، لكن ما كان من السيسي إلا أن هاجم حديث الطيب خلال ذات الاحتفالية متحدثًا عمن أساؤوا تفسير السنة وتفسير التراث الإسلامي ومن لا يقوم بتنقية التراث لمواجهة التشدد.

آخر تلك التباينات تصريحات اليوم للرجلين عن الإسلاموفوبيا واتهام الطيب للغرب بنشرها، ومدافعة السيسي بأن المسلمين هم السبب في نشرها.

اسم الطيب احتل المركز الثاني في قائمة أعلى الوسوم تداولا عبر "تويتر" اليوم بعد المناظرة الجديدة بينه وبين السيسي، حيث تزداد شعبية الطيب بين النشطاء مع كل سجال بينه وبين مؤسسة الرياسة.