صحافة دولية

واشنطن بوست: هل يقضي العسكر على آمال الديمقراطية بالسودان؟

واشنطن بوست: المدنيون كانت لديهم أسبابهم الحقيقية للشك في القيادة العليا للجيش- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للكاتب إيشان ثارور، عن الديمقراطية في السودان، وعما إذا كان الجيش سيجهض آمالها بعد الانتفاضة التي قام بها السودانيون ضد 30 عاما من حكم البشير. 

 

ويقول ثارور في مقاله، الذي ترجمته "عربي21" إن "المواجهة المستمرة منذ وقت بين الجيش والمحتجين المدنيين المعتصمين في العاصمة الخرطوم انفجرت هذا الأسبوع، ففي يوم الاثنين هاجمت قوات الدعم السريع، ذات السمعة السيئة، المحتجين أمام القيادة العامة، وقتل على الاقل 35 من المعتصمين وجرح المئات، وفي اليوم التالي أخلت المليشيات المكان، وأقامت حواجز في عدة مناطق في العاصمة ما أدى إلى إغلاقها".

 

ويشير الكاتب إلى أن تقارير "واشنطن بوست" لاحظت أن هناك "جيوبا من التحدي التي اجتمعت في المسجد، محولة احتفالية عيد الفطر إلى عصيان مدني"، و"سمعت أصوات رصاص متفرقة في أحياء الخرطوم". 

 

ويجد ثارور أن "هذا العنف يمثل تحولا عن لحظة الأمل في السودان، في مشاهد أعادت إلى الأذهان الانتفاضات العربية عام 2011، حيث خرج الداعون للديمقراطية والإصلاح السياسي إلى شوارع المدن العربية، وأدت عزيمتهم إلى قيام الجيش السوداني في نيسان/ أبريل بالتحرك ضد عمر البشير وتنحيته بعد 30 عاما في الحكم، لكن المتظاهرين لم يثقوا أبدا بالمجلس العسكري الانتقالي الذي جاء للحكم بعد البشير، وطالبوا بنقل السلطة للمدنيين". 

 

ويرى الكاتب أن "المدنيين كانت لديهم أسبابهم الحقيقية للشك في القيادة العليا للجيش، فأعضاء المجلس العسكري الانتقالي كلهم لديهم صلات قوية مع نظام البشير والمؤسسات الأمنية والاستخباراتية، وفي الوقت الذي اعتصم فيه المتظاهرون في قلب العاصمة في أثناء قيام ممثلي الاعتصام بجولات من المفاوضات الفاشلة مع المجلس الانتقالي، حيث قرروا في 28 أيار/ مايو الدعوة لإضراب عام في البلاد".

 

ويلفت ثارور إلى أن "رد الجيش كان اتخاذ إجراءات قمعية، فبعد تحرك قوات الدعم السريع أعلن رئيس المجلس الجنرال عبد الفتاح البرهان عن انتهاء الحوار مع المعتصمين، واعتبر مقر الاعتصام تهديدا للأمن القومي، وقال إن المجلس سيعجل من الفترة الانتقالية ويجري انتخابات في غضون تسعة أشهر، وهذه أخبار سيئة للمتظاهرين الذين يريدون المزيد من الوقت لحشد الموارد من أجل بناء قاعدة الدعم لهم". 

 

وينوه الكاتب إلى أن صحيفة "الغارديان" نقلت عن الخبيرة في السودان في مؤسسة "تشاتام هاوس" في لندن، روزاليند مارسدن، قولها إن هناك قلقا من قيام المجلس العسكري الانتقالي بالتعاون مع عناصر النظام السابق، ما سيفتح الطريق أمام عودة نظام البشير إلى السلطة عبر الانتخابات، وهو أمر مثير للقلق، وتكرر في مناطق أخرى في العالم العربي. 

 

ويفيد ثارور إلى أن "الحركة الشعبية الملتزمة بمطالبها في الجزائر، التي أجبرت الرئيس العجوز على التنحي عن السلطة، لا تزال في مواجهة مع الجيش الذي يريد الاستمرار في حكم البلاد، ولدى المتظاهرين السودانيين رؤية واضحة لما حدث للحركة الثورية في مصر، التي أطاحت بها ثورة مضادة بقيادة الجيش، فقد أعقبت الانقلاب ضد الرئيس غير الشعبي والمنتخب ديمقراطيا محمد مرسي عام 2013، مذبحة ضد المعتصمين الإسلاميين، ما أدى إلى المقارنة بينها وبين مذبحة تيانامين في الصين عام 1989، وبات قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي الرجل القوي في مصر ورئيسها للأبد على أكبر احتمال". 

 

ويقول الكاتب: "ليس غريبا قيام البرهان وحلفائه في المجلس العسكري بزيارة السيسي والسعودية والإمارات العربية المتحدة، فهاتان الدولتان الخليجيتان أظهرتا عداء لحركات الاحتجاج، ووعدتا بتقديم دعم للسودان بـ 3 مليارات دولار من أجل (الاستقرار)، إلا أن الخبراء يرون لعبة مثيرة للقلق، حيث يقوم المستبدون العرب بضمان نظامهم السياسي الذي يخدم مصالحهم، ويحكمون من خلال القمع وانتهاك حقوق الإنسان، دون دفع ثمن ممارساتهم". 

 

وتورد الصحيفة نقلا عن تيموتي كالاداس، من معهد التحرير في واشنطن، قوله إن حكام السودان تعلموا "من دورس الإفلات من العقاب لقتل المعارضين، كما فعل محمد بن سلمان والسيسي، اللذين يقدمان الدعم لهم الآن"، ويضيف أن "دعم الأنظمة الديكتاتورية في المنطقة، التي لم تدفع الثمن ربما شجعهم على عمل الشيء ذاته". 

 

ويشير ثارور إلى أن صحيفة "واشنطن بوست" قالت في افتتاحيتها: "لو انتصر الجيش في السودان فإن ذلك سيكون لحظة انتصار لهؤلاء الطغاة القساة وأسلوبهم في الحكم"، مشيرة إلى الدور السلبي الذي تؤديه السعودية والإمارات.

ويلفت الكاتب إلى أن كالاداس حذر قائلا إن السودان ليست له الأهمية الاستراتيجية التي تتمتع بها كل من السعودية ومصر، فقد نظر الغرب إلى البشير المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية بسبب جرائم حرب في دارفور بصفته "شريرا دوليا"، وتعرض نظامه لحصار ومقاطعة، مشيرا إلى أن المجلس العسكري لديه سوابق في مليشيا الجنجويد التي قامت بعمليات قتل وجرائم في منطقة دارفور. 

 

ويختم ثارور مقاله بالإشارة إلى تصريحات المسؤولين الأمريكيين الشاجبة لما قامت به قوات الدعم السريع، إلا أن المحللين يرون أن الولايات المتحدة لديها إمكانية لعمل أكثر من مجرد التصريحات الإدانة والتعنيف للمجلس العسكري.  

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)