قضايا وآراء

العسكر وإراقة الدماء في مواسم الطاعة!!

1300x600

لا أدري هل لاحظ الكثيرون سلوك العسكر في إراقة الدماء، ومناسبة ذلك لمواسم الطاعة عند المسلمين وغير المسلمين أم لا؟ فجريمة فض اعتصام القيادة العامة في السودان، والتي ارتكبت في آخر يوم من رمضان، والتي راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى، وهي تذكرنا بسجل حافل للعسكر وحكمه في بلادنا العربية، وكيف أنهم لا يراعون موسم طاعة، ولا محرما له مكانته وقداسته عند الإنسان.

فعسكر مصر، منذ حكموا، وهم لا يراعون مقدسا دينيا، ولا رمزا دينيا، ويكفي الرجوع لكتاب الشيخ محمد الغزالي رحمه الله (كفاح دين)، والذي جاء بإحصائيات تفيد بتحويل مساجد في القاهرة القديمة لمقالب زبالة، وخرابات، وقد جاء بها من تقارير بلدية القاهرة التي كان يرأسها آنذاك زكريا محيي الدين، وانتهاكهم لمكانة مشايخ وعلماء كبار في السن، كما حدث مع الشيخ محمد الأودن، والذي كان يجتمع في بيته الضباط الأحرار، ثم بعد انقلابهم اعتقلوه وأهانوه، وأهانوا شيبته وعلمه.

 

انقلاب تموز (يوليو) في مصر

وبعد انقلاب الثالث من تموز (يوليو) 2013م، وقد كان قبل شهر رمضان بأيام قلائل، ومعظم مجازر الانقلاب العسكري تنتهك حرمات المقدسات، زمانا ومكانا، فكانت مجزرة الحرس الجمهوري، للمصلين في صلاة الفجر، ولم يراع قتلهم وهم الركع السجود، وقد كنا نستنكر أن المجرم الصهيوني الذي قام بمذبحة الحرم الإبراهيمي في فلسطين، قام بقتل مصلين في صلاة الفجر، فكيف بمن يفعلها وهو مسلم؟!

ثم بعد ذلك توالت الجرائم والاعتداءات على الدماء، رجالا ونساء، فرأينا الاعتداء على بنات المنصورة بالقتل بعد صلاة التراويح في شهر رمضان، وكان على رأس الشهداء: هالة أبو شعيشع، رحمها الله ورحم أخواتها جميعا، واعتداء على حالات مماثلة في محافظات مختلفة في مصر.

 

حكم العسكر يريد أن تصل هذه الرسالة سواء فهمناها أم لم نفهمها: أنه لا يوجد عنده مقدس، ولا يوجد عنده محرم

 
ثم كانت مذبحة المنصة، في السادس والعشرين من تموز (يوليو) 2013م، في النصف الأخير من شهر رمضان، وفي يوم الجمعة، وبعد انتهاء صلاة التراويح، أمطرت قوات النظام العسكري المتظاهرين السلميين، بوابل من قنابل الغاز، ثم أعقبها الرصاص الحي، بل زاد من إجرامهم في انتهاك حرمة الزمان (رمضان) و(الجمعة)، أن استخدموا مسجد (الزهراء) بجامعة الأزهر، باعتلائهم لسطحه لقنص المتظاهرين، وأسقطوا عددا كبيرا من الشهداء.

 

انتهاكات العسكر تجاوزت المسلمين


وتوالت الانتهاكات بالاعتداء على المصلين، وفي الأشهر الحرم، ومواسم الطاعة، وفي صلوات الجمعة كما في مساجد العريش، بل زاد الإجرام والتعدي على المقدسات بأن جعلوا ماكيت للمسجد غرضا للتدريب عليه.

ولم يقف انتهاك العسكر للمقدسات عند المسلمين، بل وغير المسلمين، ففي عهد مبارك كان الاعتداء على كنيسة القديسين في عيد المسيحيين، وكانت من تدبير حبيب العادلي ووزارته، وبعد الثورة تم الاعتداء كذلك في حادثة ماسبيرو، وهي حادثة مشهورة خرج فيها المتظاهرون المسيحيون، فنزلت الدبابات العسكرية تدهس في المتظاهرين، دون تفكير أو روية.

وإذا كان العسكر لا يحترم المقدسات الدينية، سواء زمانا أو مكانا، فكذلك الحال بالنسبة للمواسم العسكرية أو الوطنية، لا يمانع ممن ممارسة جريمة القتل، فيما يحسبه الناس أنه ذو قيمة لديه، فبعد الانقلاب العسكري، خرج المتظاهرون في ذكرى السادس من أكتوبر، معتقدين أن هذا التاريخ يمثل للعسكر رمزية مهمة، ففيها كانت معركته الكبرى مع إسرائيل، وأنه لن يفعل هذه السقطة الكبرى، ولكنه فعلها، فأسقط عددا كبيرا من الشهداء، وقد كانوا متظاهرين سلميين.
 
إن حكم العسكر يريد أن تصل هذه الرسالة سواء فهمناها أم لم نفهمها: أنه لا يوجد عنده مقدس، ولا يوجد عنده محرم، المحرم والمقدس عنده هو العقيدة العسكرية التي يمليها، وصلاحيات وسلطات الحكم العسكري، عدا ذلك فموضع نقاش، بل موضع استباحة وانتهاك إذا اقتضى الأمر!

Essamt74@hotmail.com