ملفات وتقارير

العقوبات الأمريكية على تركيا.. إجراءات رمزية أم ملف مؤجل؟

هل يفرض ترامب عقوبات رمزية على تركيا لحفظ ماء وجهه؟ - جيتي

بدأت تركيا بتسلم منظومة الدفاع الجوي الروسية "أس400" رغم التحذيرات الغربية المتكررة، لا سيما الأمريكية، والتهديد بفرض عقوبات على تركيا بسبب الصفقة.

وشددت تركيا مرارا على أن الصفقة شأن تركي، لا علاقة للغرب به، مؤكدة أن مخاوف الغرب من الصفقة لا سيما دول حلف الناتو، غير مبررة.

وتراجعت النبرة الأمريكية الحادة بشأن الصفقة، بدءا من قمة العشرين الأخيرة، التي أبدى فيها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تفهمه لتوجه تركيا نحو المنظومة الروسية، محملا المسؤولية لإدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، وسياساته تجاه تركيا.

وكان آخر مظاهر التراجع الأمريكي، إلغاء المؤتمر الصحفي لوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" المخصص للحديث عن تسلم تركيا للمنظومة الروسية، ربما بضغط من ترامب كما تقول وسائل إعلام.

 

اقرأ أيضا: كيف تتعامل تركيا مع تهديدات أوروبا بشأن "غاز المتوسط"؟

إلا أن تقرير لوكالة "بلومبيرغ" أعاد فتح نقاش العقوبات المحتملة، مشيرا إلى أن إدارة ترامب مضطرة لاختيار حزمة عقوبات على تركيا من أصل 3 سيناريوهات بدرجات مختلفة، وذلك تماشيا مع قانون "مكافحة خصوم أمريكا" وجميعها تتطلب موافقة الرئيس.

وقالت الوكالة إن الإدارة اختارت بالفعل حزمة عقوبات لكنها لم تعلن عنها بعد، تجنبا لحساسيات أكبر من تركيا التي تحتفل هذه الأيام بفشل الانقلاب العسكري في 2016.

وأشارت نقلا عن مصادرها الخاصة إلى أن حزمة العقوبات وضعت بعد مناقشات بين مسؤولين في وزارة الخارجية، والدفاع، ومجلس الأمن القومي، وتنتظر توقيع الرئيس.

عقوبات رمزية

المستشار والمحلل السياسي في الشأن الأمريكي، خالد صفوري، توقع أن يغير ترامب رأيه في أي لحظة، مؤكدا أن من عادته أن يغير رأيه "عدة مرات في اليوم الواحد".

وعما حدث في وزارة الخارجية الجمعة الماضي، قال صفوري لـ"عربي21" إن هذا يدل على صراع داخلي في المؤسسات الأمريكية المختلفة بشأن العقوبات على تركيا.

وكان وزارة الدفاع الأمريكية أعلنت الخميس الماضي، عقوبات أمريكية على تركيا بحلول الجمعة، غير أنها لم تعلن عنها، وأعلنت بدلا من ذلك مؤتمرا صحفيا للحديث عن المنظومة، لكنها عادت وألغت المؤتمر إلى وقت غير معلوم.

وأشار صفوري إلى أن ما حدث كان بضغط من الرئيس ترامب.

واستدرك المحلل السياسي قائلا إنه لا أحد يعرف كم سيتحمل ترامب من الضغوط وإلى متى.

ولفت إلى أن الإدارة الأمريكية مضطرة لفرض عقوبات على تركيا حتى لو كانت رمزية، لحفظ ماء الوجه، خصوصا إذا ما استمرت الضغوطات على الرئيس ترامب.

ونوه إلى أن القرار الأخير يعود لترامب، وبدون رضا الرئيس الذي يملك حق نقض القرارات، فإنه لا يمكن فرض عقوبات حقيقية على تركيا.

وقال الرئيس التركي أردوغان، الأحد الماضي، إن ترامب يملك سلطة الإحجام عن فرض عقوبات على تركيا، لشرائها أنظمة الدفاع الجوي الروسية، وإن عليه إيجاد "حل وسط" في هذا الخلاف.

 

اقرأ أيضا: شحنة معدات جديدة من منظومة "أس400" تصل أنقرة

في وقت سابق، وخلال مؤتمر صحفي في ختام قمة العشرين الأخيرة في أوساكا باليابان، غازل ترامب تركيا التي كانت مهددة بعقوبات أمريكية بسبب منظومة "أس400" الروسية.

وألقى ترامب باللائمة على إدارة أوباما، التي رفضت بيع منظومة "باتريوت" لتركيا ما دفعها إلى التوجه نحو روسيا.

وذكرت الرئاسة التركية وقتها أن ترامب أبلغ نظيره التركي بأنه يرغب في حل الأزمة المتعلقة بمشتريات أنقرة لأنظمة الدفاع الجوي دون إلحاق ضرر بالعلاقات الثنائية بين البلدين.

شأن تركي خاص

من جهة أخرى، قال الكاتب والمحلل السياسي التركي جاهد توز لـ"عربي21"، إن بلاده لا تهتم للعقوبات الأمريكية وترى أن المنظومة الروسية هي مصلحة تركية، وحاجة ملحة، وأن تركيا عندما قامت بهذه الخطوة كانت تعلم أن الولايات المتحدة الأمريكية، وحلف شمال الأطلسي، وأوروبا، سيبدون معارضة لهذه الخطوة.

وأكد توز أن تركيا ترى أن أمنها القومي هو الأهم، لا سيما أنها تحتاج إلى منظومة دفاع جوي.

وذكر بأن الرئيس التركي وصف التهديدات الأمريكية بالعقوبات بأنها ليست سوى تكتيك، ولن تنفذ.

وأشار إلى أن هنالك زيارة مرتقبة لترامب إلى تركيا نهاية العام الجاري، وأنه لا يعتقد أن الولايات المتحدة ستتخذ أي إجراءات على الأقل قبل الزيارة.

وتابع بأن الزيارة ستتطرق إلى هذا الموضوع، مشددا على أن ترامب في نهاية الأمر رجل أعمال قبل أن يكون رئيسا، وأن الاقتصاد والمصالح التجارية هي الأهم بالنسبة له، وأنه أبدى رغبة في قمة العشرين الأخيرة في رفع التبادل التجاري بين البلدين إلى ما فوق مليار دولار.

وسياسيا، أشار توز إلى أن تركيا تملك أوراق ضغط بإمكانها استخدامها بأي لحظة ضد الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، لا سيما في الملف السوري، والملف العراقي.

وختم المحلل السياسي كلامه بأنه من الصعب أن تخسر الولايات المتحدة الأمريكية حليفا مثل تركيا لصالح روسيا.