صحافة دولية

فايننشال تايمز: لماذا مضت المنطقة للأسوأ بعد الربيع العربي؟

فايننشال تايمز: زحف مستمر للاستبداد في العالم العربي بدعم خارجي- جيتي

نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقالا للمعلق ديفيد غاردنر، تحت عنوان "الزحف الطويل للاستبداد في الشرق الأوسط"، يقول فيه إن الأمور مضت للأسوأ في منطقة الشرق الأوسط منذ وعد الربيع العربي عام 2011.

 

ويقول غاردنر في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "الزحف العالمي للطغيان يتقدم، سواء من خلال قمع المتظاهرين في هونغ كونغ أو موسكو، أو الهجوم الشعبوي على مؤسسات الرقابة والنزاهة من واشنطن إلى لندن، علاوة على بودابست وأنقرة، لكن في العالم العربي فإن الأحداث تآمرت على حرف المجتمع نحو مستنقع من الاستبداد وأمراء الحرب والعنف الخارج عن عقاله، وبترخيص من الدول الخارجية، بطريقة أو بأخرى، التي لم يؤد تدخلها إلا إلى زيادة الإرهاب". 

 

ويشير الكاتب إلى أنه "في الكثير من العواصم العربية، فإن المحتجين الذين يتدفقون نحو الشوارع كانوا سيصبحون جثثا متفحمة، من مذبحة رابعة العدوية في مصر عام 2014، التي قام بها ربيب الولايات المتحدة و(الخليج) عبد الفتاح السيسي، إلى ذبح المقاتلين السوريين في الغوطة الشرقية، التي استخدم فيها بشار الأسد المدعوم من إيران وروسيا، الأسلحة الكيماوية". 

 

ويجد غاردنر أنه "ما يبدو فإنه لم يبق هناك مجال للهبوط المتدني إلا عند حصول الرعب القادم، وهذا هو ما ينتظر محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، وهذه هي آخر معقل للمقاتلين السوريين، حيث يتعرض آلاف الجهاديين ومئات الآلاف من اللاجئين لحصار من الطيران الروسي وما تبقى من الجيش السوري، الذي تمت تغذيته بمجموعات من المليشيات وأمراء الحرب الموالين للأسد". 

 

ويلفت الكاتب إلى أن "الأشكال باتت معروفة: غارات جوية على الأسواق والبنى التحتية، مثل محطات ضخ المياه والطاقة الكهربائية، وقصف العيادات الطبية والمدارس". 

 

ويفيد غاردنر بأن "الفروق في الرعب مهمة؛ لأنه لم يبق هناك مكان ليهرب إليه 3 ملايين يعيشون في المنطقة، وبعد ثلاثة أشهر أصيبت الحملة الروسية السورية على إدلب بالتعب، ولم تشارك إيران ولا الجماعات الموالية لها ولا حزب الله اللبناني، بأي دور في الهجوم، وفشلها في المشاركة يظهر أهميتها لنظام الأقلية، الذي ليست لديه الأعداد الكافية لمواجهة الغالبية السنية". 

 

ويقول الكاتب إنه "من الجدير هنا التأكيد أن الأمور انتقلت للأسوأ منذ موجات التمرد التي اندلعت في أنحاء العالم العربي منذ عام 2010، وأحيت الآمال بـ(ربيع عربي)، فالنظام الدولي القائم على القواعد الليبرالية بات يتعرض للتخريب على يد قادة الدول الذين شكلوه، فالوقت ليس مناسبا للتساؤل عن سبب التحول العنيف في الشرق الأوسط إلى الدولة المستبدة البوليسية". 

 

ويبين غاردنر أن "حكام العالم العربي لا يهمهم بناء الدول، ويقدمون مصلحة الحفاظ على النظام قبل الإصلاح، وفي معظم أنحاء العالم العربي، سواء كانوا رعاة النظام أو المذعنين للطغاة، لا يهتمون، لكن عليهم أن يهتموا لأن السياسات التي شكلتها الولايات المتحدة وصفقت لها أوروبا تركت نتائج (ممتازة)، فقط انظر إلى أفغانستان والعراق وسوريا، التي ساعدت على (تفريخ) عدد من تنوعات الجهادية السنية المتطرفة". 

 

وينوه الكاتب إلى أن "سكان باريس ولندن ومانشستر وبروكسل وأنقرة ونيس وبرلين وإسطنبول شعروا بردود الفعل السلبية، فحقول الموت ليست فقط إقليمية، لكنها دولية، ولو كان هذا صحيحا فيما يتعلق بالجهادية السنية فإن إيران لديها جيوشها من الإسلاميين الشيعة الجاهزة للانتقام في وقت تزيد فيه الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية جهودها لعزل الجمهورية الإسلامية، فمنذ أن دعا الرئيس دونالد ترامب السعودية قبل عامين لقيادة (جهاد) ضد إيران، فلم تكن لديها أي مشكلة في ذبح المعارضين لها ومعظمهم من الشيعة، الذين تعدهم روافض وطابورا خامسا، وقامت البحرين، التي تتبع السعوديين، ودولة الإمارات بإعدام ناشطين بعد قمع مظاهر الحياة السياسية للغالبية الشيعية كلها". 

 

ويرى غاردنر أن "المواجهة الحالية في الخليج بين إيران والقوى الغربية تنذر بالاشتعال، ولأن هناك فرصة لتنتشر آثار الدمار إلى خارج المنطقة فعلى اللاعبين الخارجيين التوقف والتفكير مليا قبل منح عملائهم رخصا للقتل، ففي عام 2016 حول فلاديمير بوتين حلب الشرقية، معقل المقاتلين السوريين، إلى صورة طبق الأصل ورهيبة لغروزني عاصمة الشيشان". 

 

ويجد الكاتب أن "سقوط حلب كان نقطة تحول في الحرب الأهلية السورية، وأحيا آمال آل الأسد في البلد الذي دمروه، وعلى ما يبدو تريد روسيا عمل الأمر ذاته في إدلب، وبمساعدة من إيران على ما يبدو، وقد تخلت تركيا عن المقاتلين في حلب عام 2016، وكانت مهتمة أكثر بخطر المليشيات الكردية التي تبتلع مناطق شرق سوريا قرب حدودها الجنوبية، وبعد أن تحولت من الناتو إلى موسكو سيطرت على جيبين في شمال- غرب سوريا". 

 

ويقول غاردنر إنه "من الصعب معرفة خطط ترامب المتقلب، لكن أي شيء تقوم به الإمارات العربية المتحدة والسعودية وإسرائيل ومصر لا اعتراض عليه، فقد استخدم الفيتو ضد قانون يمنع بيع أسلحة بقيمة 8 مليارات دولارات، صوت عليه الحزبان في مجلس الشيوخ".

 

ويختم الكاتب مقاله بالقول: "سواء قبلت أم رفضت فإن روسيا تقود المحور الشيعي المدعوم من إيران إضافة إلى تركيا، أما ترامب، علم أم لم يعلم فهو يقود تحالفا من الدول السنية بالإضافة إلى إسرائيل، ويقومان معا بإثارة زوبعة، ويوسعان الحفرة التي تملأها جماعات متشددة بشكل يجعل من تنظيم الدولة يبدو يوما ما معتدلا". 

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)