صحافة دولية

FT: كيف كشفت سياسة الهند بكشمير عن فوضى النظام العالمي؟

فايننشال تايمز: سياسة الهند في كشمير تعبير عن فوضى النظام العالمي- جيتي

نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقالا للمعلق ديفيد غاردنر، يقول فيه إن عملية القمع التي تمارسها الهند في كشمير تعكس فوضى النظام العالمي الحالي. 

 

ويقول غاردنر في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي مزق في الأسبوع الماضي القواعد الدستورية لمنطقة الحكم الذاتي في كشمير، المنطقة المقسمة في الهملايا، التي تتحارب عليها الهند وباكستان منذ عام 1947، ولم يتحرك العالم، رغم أن وضعية كشمير المستقلة هي التي سمحت للمنطقة ذات الغالبية المسلمة بالانضمام إلى الهند، بعد تقسيم شبه القارة الهندية". 

 

ويجد الكاتب أن "إلغاء الوضعية التي تمتعت بها كشمير يعني إشعال الحرب الانفصالية الدائرة منذ 30 عاما، وإثارة مخاطر اشتعال حرب نووية في جنوب آسيا، فقبل عقدين عندما قامت باكستان والهند باختبارات نووية في عام 1998 دخلتا في حرب استمرت 10 أسابيع حول كارغيل وجبل سياشن الجليدي قرب الهملايا، لدرجة أن الرئيس الأمريكي بيل كلينتون وصف المنطقة بـ(أخطر مكان في العالم اليوم)".

 

ويشير غاردنر إلى أن "الرئيس الأمريكي في حينه حول موضوع كشمير إلى قضية دولية، وقام في آذار/ مارس 2000 بزيارة البلدين لتخفيف حدة العداء في وقت كان فيه كل طرف يفكر باستخدام السلاح النووي، الذي كان قريب الحدوث في عام 2002".

 

ويستدرك الكاتب بأن "الأمر مختلف في ظل إدارة دونالد ترامب وسياستها الخارجية المتقلبة والقائمة على التمنيات، وبالنسبة لمودي وحزبه بهارتيا جاناتا، الداعي للتفوق الهندوسي، فإن السيادة الهندية على كشمير تعد أمرا أساسيا، وربما قرر مودي التدخل بسبب صدمته من عرض ترامب التوسط في النزاع، الذي جاء من خلال تعبير عابر أثناء لقائه في واشنطن مع رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان قبل ثلاثة أسابيع". 

 

ويلفت غاردنر إلى أن "ترامب زعم أن مودي طلب منه التوسط في النزاع الكشميري، وهو ما نفته الهند بسرعة، وهو ما يشير في الوقت ذاته إلى جهل كامل وقلة احترام للحقائق، وظل موقف الهند الثابت من كشمير بأن النزاع يحل من خلال المحادثات الثنائية مع باكستان أو الحرب، لكن باكستان هي التي سعت لتدويل الأزمة، وهو أمر مفهوم كونها الطرف الأضعف".  

 

ويقول الكاتب إن "مستوى القوة في شبه القارة الهندية عادة ما يتم امتحانه في جبال الهملايا، وهو ما يجعل كشمير منطقة ملتهبة، وليست مناسبة لطريقة ترامب القائمة على التصريحات المتسرعة". 

 

وينوه غاردنر إلى أنه "منذ استخدام السعودية والولايات المتحدة وباكستان المجاهدين لإخراج الاتحاد السوفييتي من أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي، قرر الجيش الباكستاني أن يخوض حربا غير تقليدية، وعلى مدى ثلاثة عقود، قام الجيش بدعم قوة من 5 آلاف مقاتل كشميري وجهادي باكستاني، الذين واجهوا حوالي 500 ألف جندي هندي في وادي كشمير، لكن الجيش ومن خلال السماح للاستخبارات العسكرية بالتحريض للقوى الجهادية في أفغانستان وفي كشمير قام بطلبنة باكستان، ما زاد من قوة الجهاديين بشكل أكبر من حجمهم". 

 

ويفيد الكاتب بأنه "عندما حصل البلدان على السلاح النووي، حصلت باكستان على تعادل في القوة لم تكن قادرة على تحقيقه على الأرض، وهو ما زاد من جاذبية الجماعات الجهادية الوكيلة للجنرالات والجواسيس الباكستانيين، ومن هنا فإن نزع فتيل السلاح النووي في كشمير كان سيجعل الأمريكيين الخائفين من المتشددين من وضع يدهم على الزناد النووي يتدخلون، لكنهم لم يأتوا كما رأينا هذه المرة، والمخاطر لا تزال قائمة، ولكن الزر لم يعد يعمل أبدا".  

 

ويبين غاردنر أنه "في أماكن أخرى شرعت سياسة دونالد ترامب الخارجية، إن لم تعط الضوء الأخضر، سرقة الأراضي، فقراره الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها فيهما تجاوز للقانون الدولي والإجماع الدبلوماسي، وكان هذا التحرك الخطير مقدمة لضم معظم الضفة الغربية، ويدفع به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحلفاؤه من اليمين المتطرف، ويعني نهاية حل الدولتين". 

 

ويقول الكاتب: "لم تعد فكرة الانضباط علامة على النظام الدولي الجديد، سواء فيما يتعلق بالتغلغل الروسي في أوكرانيا، أو الحملة التركية ضد الأكراد في شمال- شرق سوريا، أو عمليات القمع المكثفة للصين في إقليم تشنجيانغ ذي الغالبية المسلمة، هذا بالإضافة إلى تهديد الحكومة الصينية بوضع حد للتظاهرات في هونغ كونغ، فلماذا لا يستغل مودي الفرصة ويضم كشمير". 

 

ويختم غاردنر مقاله بالقول: "ربما كانت هذه المشكلات سابقة لترامب، لكن ازدراء إدارته للدبلوماسية والقانون والمعاهدات الدولية أدى إلى تدهور الأوضاع بطريقة أسوأ، وربما ثبتت صحة تصريحات كلينتون قبل 20 عاما لو تدهورت الأوضاع، إلا أن غرام ترامب بالتخريب الجيوسياسي جعل من المنافسة شديدة".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)