ملفات وتقارير

إدلب مقابل شرق الفرات.. ما حقيقة هذه المعادلة في سوريا؟

قال محلل سياسي إن "أي طرف في سوريا لم ينجح حتى الآن في فرض المعادلة التي يريدها"- جيتي

زاد النظام السوري وحليفه الاستراتيجي الروسي، من قصفهما وهجومهما على مناطق بمحافظة إدلب وريفها خلال الأيام الأخيرة، ما دفع عددا من المراقبين لربط هذا التصعيد بما توصلت إليه كل من أنقرة وموسكو بشأن منطقة شرق الفرات بالشمال السوري.


وميدانيا، سيطر "الفيلق الخامس" الذي أسسته روسيا ضمن قوات نظام الأسد، ولواء "القدس" التابع لإيران الاثنين، على قريتي المشيرفة وأم خلاخل بريف محافظة إدلب، شمال سوريا.


لكن المختص في العلاقات الدولية علي باكير رفض هذا الربط، قائلا: "موضوع إدلب شائك ومعقد، وغير قابل للحسم بالطريقة العسكرية، أو حتى المقايضة"، مضيفا أن "إدلب تعتبر منطقة ذات أهمية استراتيجية بالنسبة للجانب التركي".


وتابع باكير في حديثه لـ"عربي21": "من غير المنطقي أن أنقرة مستعدة للتنازل عن إدلب، مقابل ما يجري في منطقة شرق الفرات، وخصوصا أن الأمور غير مستقرة في هذه المنطقة"، مشددا على أن "هذا الربط نظري، لكن عمليا الأمور معقدة بكثير".

 

فرض المعادلة


وأكد باكير أن "أي طرف في سوريا لم ينجح حتى الآن في فرض المعادلة التي يريدها"، مشيرا إلى أن التفاهمات بين أمريكا وتركيا من جهة والأخيرة وروسيا من جهة، مهمة لتحديد المستقبل السوري، خصوصا في هذه المرحلة.


ورغم أن باكير لم يستبعد بقاء التفاوض بين الأطراف الفاعلة بالشأن السوري، إلا أنه قال إن "الأمور على الأرض قابلة للتصعيد، لا سيما في ظل بحث روسيا والنظام عن استعادة المزيد من المناطق"، لافتا في الوقت ذاته إلى أن "تركيا ستظل أولويتها منع تفاقم أزمة اللاجئين مع الحفاظ على الأمن في المناطق الحدودية القريبة منها".

 

اقرأ أيضا: مراقبون: هذا الهدف المرحلي لهجمات النظام وروسيا في إدلب


وأشار إلى أن هناك رغبة روسية في ربط المناطق والتصعيد فيها، مستدركا بقوله: "الأمور في إدلب وفي شمال شرق سوريا، لا تخضع لإرادة فردية لأحد الأطراف، ولا بد من وجود تفاهمات بسبب تشابك المصالح وتضارب المواقف بين اللاعبين المسيطرين على الساحة السورية"، بحسب وصفه.


بالتأكيد هناك رغبة روسية في ربط المناطق والتصعيد فيها، لكن الأمور في إدلب وفي شمال شرق سوريا، لا تخضع لإرادة فردية لأحد الأطراف، ولا بد من وجود تفاهمات بسبب طبيعة تشابك المصالح وتضارب المواقف بين اللاعبين المسيطرين على الساحة السورية.

 

رغبة روسية


وفي قراءة مختلفة، رأى الكاتب السوري محمد عادل شوك أن "روسيا تسعى لتعزيز وجودها في شرق الفرات، لإبقاء إدلب خارج المعادلة التركية الروسية"، موضحا أن موسكو تعمل على ضمان معادلة أن "أي تحرك من تركيا في إدلب، يستوجب التحرك ضدها شرق الفرات".


واستشهد شوك في مقال اطلعت عليه "عربي21" قائلا: "الشكوى التركية من التلكؤ الروسي في تنفيذ ما يتعلق بمنبج وتل رفعت يشير إلى صحة ذلك"، مضيفا أن "الصمت التركي على القصف اليومي لمناطق جنوب وشرق إدلب، وحتى موقفها من قصف مخيم قاح، يدلل على ذلك"، بحسب تقديره.


وذكر شوك أن "اتفاق سوتشي الذي وقعته تركيا مع روسيا بخصوص شرق الفرات، يعد بطاقة خضراء لروسيا في المضي قدما في تنفيذ مخططها في إدلب"، معتقدا أن موسكو لا تهتم لتصريحات وزير الدفاع التركي الذي أكد أنه من الممكن تحقيق وقف دائم لإطلاق النار بإدلب، عندما تنسحب قوات النظام إلى ما خلف الخطوط المتفق عليها مسبقا مع الجانب الروسي.

 

اقرأ أيضا: نظام الأسد يتقدم بإدلب ومشفى مدني يخرج عن الخدمة (شاهد)


وفي حديث سابق لـ"عربي21"، قرأت المعارضة السورية تصعيد النظام في مناطق إدلب من زاوية أخرى، وقال القيادي العسكري في الجيش السوري الحر النقيب عبد السلام عبد الرزاق، إن "قوات النظام تعمل على مراحل للتقدم في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة".


وبيّن عبد الرزاق أن "اسئتناف النظام للعمليات العسكرية، يتم غالبا حسب الظروف السياسية"، وذلك في إشارة إلى محاولة روسيا الضغط على تركيا، في ملف شرق الفرات.


وأوضح أن النظام يحاول التقدم من الجنوب الشرقي للوصول إلى مدينة معرة النعمان، غير أن التصعيد الأخير سيشمل قرى عدة لاختصار الطريق بين حلب وخان شيخون التي سيطر عليها قبل أشهر، متوقعا أن نجاح النظام في مهمته وتنفيذها بسهولة، من شأنه توسيع الهجوم في مرحلة لاحقة تجاه الطريق الدولية (حماة-حلب).