صحافة دولية

ذا أتلانتك: كيف يختبر هجوم لندن قيادة بوريس جونسون؟

ذا أتلانتك:قيادة بوريس جونسون على المحك- الأناضول

نشر موقع "ذي أتلانتك" مقالا للصحافي والكاتب توم ماكتاغيو، يقول فيه إن روبرت ماكرو في سلسلته "سنوات ليندون جونسون" قال: "مع أن الكليشيه يقول إن السلطة دائما ما تفسد، فإن ما لا يقال إلا نادرا وإن كان صحيحا أيضا هو أن السلطة تكشف". 

 

ويقول ماكتاغيو في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "ما هو صحيح بالنسبة للسلطة صحيح بالنسبة للأزمات التي تدفع بالزعماء إلى الأضواء، كيف يمكن أن تكون ردة فعلهم في هذه اللحظات كاشفة عن عناصر من شخصيتهم كانت مخفية عن الجمهور قبل ذلك، ماذا يقولون؟ ماذا عليهم أن يفعلوا؟ فالصورة السياسية أو الحملة التي يتم تحضيرها بحرص تصبح فجأة تحت الاختبار بسبب حدث لم يتم التحضير له". 

 

ويشير الكاتب إلى أن "هذه هي الاختبارات التي يواجهها الزعيم في مثل هذا الوضع، وهو الاختبار الذي يواجه رئيس الوزراء بوريس جونسون وزعيم المعارضة، جيرمي كوربين، بعد الهجوم الذي وقع على جسر لندن".

 

ويلفت ماكتاغيو إلى أن "كيفية رد فعلهم هي مسألة تقدير، فليس لديهم وقت لاختبار الشعارات أو استشارة اللجان المتخصصة، ويكون ردهم غريزيا، فهل يكونون بمقدار الحدث أم لا؟ في هذه اللحظة فإن رؤساء الوزراء ومن يسعون خلف المنصب يمنحون فرصة القيادة، كيف يستخدمون هذه الفرصة تكشف أكثر من عشرات التجمعات الانتخابية وآلاف المنشورات؛ لأنهم يضطرون للقيادة أو يفشلون فيها".

ويؤكد الكاتب أن "حادثة جسر لندن أصبحت مشهدا معتادا في بريطانيا، وكذلك عبارات الشجب ودعوات الوحدة من زعامات البلد السياسيين بعد كل حادثة من هذا النوع، يضاف إلى ذلك الغضب من الفعل الجبان، وإشادة بجرأة رجال الطوارئ، كما يتم حث الشعب على الحذر والتنبه، لكن دون السماح للإرهابيين بأن ينتصروا، وهذه التصريحات كلها يمكن أن تكون صحيحة وهي كذلك، لكن يمكن لها أن تصبح ضبابية لدرجة أنها تفقد معناها ما لم يستطع القائد أن يصطاد اللحظة". 

 

وينوه ماكتاغيو إلى أن "هذا الهجوم يأتي بعد عامين ونصف من عنف شبيه على الجسر ذاته في وسط لندن، وفي لحظة شبيهة من حملة الانتخابات العامة، عندما قتل 8 أشخاص وجرح عشرات باستخدام الأساليب ذاتها بهدف نشر الرعب: من طعن وأحزمة ناسفة كاذبة، وجاء هجوم 2017 بعد فترة قصيرة من هجوم أكثر دموية في مانشستر، حيث قتل 22 شخصا في تفجير انتحاري في حفلة، وحدث الهجومان خلال حملة الانتخابات العامة، ما جعل السباق يتوقف مرتين، وفي الوقت ذاته يلقي بمزيج جديد من القضايا السياسية بطريقة لم يتوقعها الكثير، من السياسات الخارجية إلى أثر سياسة التقشف، ويمكن أن يحدث هذا مرة أخرى هذه المرة، وقد تبرز قضايا جديدة تماما، لا أحد يعلم".

 

ويرى الكاتب أن "النقطة المهمة هي أن تلك الهجمات فعلت أكثر من مجرد طرح المزيد من القضايا السياسية، إنها كشفت جوهر أولئك الساعين لقيادة البلد".

 

ويبين ماكتاغيو أن "ما رأته البلد حينها -في الحقيقة كانت الحملة الانتخابية لكل من الحزبين الرئيسيين قد كشفت عن بعض عناصر شخصية للزعيمين- أن لكل من الشخصين تفاعلا وأحاسيس مختلفة عن الآخر، فرئيسة الوزراء، تيريزا ماي، وحسها الأمني بصفتها وزيرة داخلية سابقة، دفنت نفسها في عمل الحكومة، وترأست اجتماعات طوارئ لحكومتها لتحديد رد الفعل، ولم يكن هناك تغريدات أو تفاعل آخر على الإعلام الاجتماعي، لا شيء من قبيل ما اعتبر إنه لا قيمة له، ومع أنها لم تخش من مهاجمة حزب العمال لرد فعله -فلم تكن ماي ساذجة سياسيا- كان رد فعلها المباشر هو التركيز على جهد السيطرة على الوضع". 

 

ويقول الكاتب: "أما كوربين، بصفته زعيما للمعارضة، فلم يكن مقيدا بمنصب تنفيذي، إلا أن الحدثين وردة فعله لهما كشفت عناصر مهمة من شخصيته أيضا، ورد فعله، بالذات على هجوم مانشستر، كان إظهار التضامن، وكانت قيادته عاطفية وحساسة، ففي اليوم الثاني للهجوم، أقيمت تظاهرة صامتة في مانشستر، وبقيت ماي في لندن للإشراف على رد الفعل، وأرسلت نيابة عنها وزيرة الداخلية، أمبر راد، لكن كوربين ذهب بنفسه إلى هناك". 

 

ويعلق ماكتاغيو قائلا إن "كلا من ردي الفعل يلزمان في وقت الأزمات، وبالنسبة لبعض من كان حول ماي، الذين تحدثت معهم بعد حملة 2017، فإنه كان هناك شعور بأنها، إلى حد ما، استخفت بالحاجة للقيادة العاطفية، وليس فقط أن تعمل بجد أكثر من أي شخص آخر، حتى لو كان الهدف الذي تعمل لأجله نبيلا وصحيحا، ففي مثل تلك اللحظات يحتاج الناس إلى طمأنة ومواساة، بالإضافة إلى أنهم يبحثون عن سردية يفهمون من خلالها ما لا يمكن فهمه.. يريدون أن يروا أحد في القيادة، وبإرسالها الوزيرة راد نيابة عنها، كانت ماي تفعل ما تعتقد أنه الأصح -ولا أقول إن تقديرها كان خاطئا- لكنها تركت فراغا لرمزية القيادة في وقت من الصدمة والغضب".

 

ويبين الكاتب أن "هجوم يوم الجمعة على جسر لندن استخدم أساليب العنف والرعب ذاتها كما كان قبل عامين، ويشكل هذا تحديا لكل من جونسون وكوربين ليكشفا للبلد عن شخصيتيهما وأين يقع حدسهما، وبالنسبة لكوربين فإنه تم اختباره في 2017 وفي الغالب لن يتغير، إنه جيد في التعامل مع الناس، ولن يخجل من قول ما يراه من علاقة بين الإرهاب وسياسة بريطانيا الخارجية، بالرغم ما قد يحمل ذلك من مخاطر سياسية، وفي الواقع فإن مستشاريه لا يرون في ذلك مخاطرة أبدا؛ لأن تلك الآراء تتناغم مع آراء الكثيرين في البلد". 

 

ويجد ماكتاغيو أن "رد فعل جونسون مهم: ففي الوقت الذي يعد فيه جونسون أحد أشهر الشخصيات السياسية على مدى سنوات، إلا أنه نادرا ما تم اختباره في أزمة، والمرة التي اختبر فيها كانت خلال أحداث شغب لندن عام 2011، عندما كان عمدة المدينة، ولم يكن أداؤه رائعا حينها، وتم التشويش عليه عندما ظهر لأول مرة حيث عاد ببطء -وعلى مضض على ما يبدو- من إجازة عائلية".

 

ويختم الكاتب مقاله بالقول إنه "بصفته شخصية توشك سمعته أن تكون بهلوانية، فإن جونسون يواجه اختبارا يحتاج إلى أكثر من التفاؤل والبهجة وتوجيه الغضب الشعبي".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)