ملفات وتقارير

تعرف على أبرز منظمات تابعة للنظام السوري تغلغلت إليها إيران

السفير الإيراني لدى نظام الأسد جواد ترك آبادي مشاركا بافتتاح معرض كتاب الطفل الأخير بدمشق- تويتر

مثّلت الأنباء التي كشفتها مواقع محلية قبل أيام، حول إقامة مليشيات إيرانية معسكرات تدريبية للعشرات من أطفال مدينة دير الزور الذين لم تتجاوز أعمارهم 12 عاما، لغرض التجنيد العسكري والتدريب على استخدام السلاح، صدمة للسوريين، أعادت معها الحديث عن مستوى الحضور الإيراني في المجتمع السوري.

وكان لافتا، مشاركة منظمة تابعة للنظام السوري (شبيبة الثورة) في المعسكر، الأمر الذي أثار التساؤلات، حول درجة تغلغل إيران في مؤسسات ومنظمات تابعة للنظام السوري.

واعتمادا على مصادر متنوعة، تتبعت "عربي21" في هذا التقرير، المنظمات التابعة للنظام السوري، التي توليها إيران اهتماما بها أكثر من غيرها، لجعلها ساحة لنشاطها الثقافي والمذهبي.
 
"منظمة طلائع البعث"

تهدف منظمة "طلائع البعث" التي أسسها الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، في عام 1974، إلى "رعاية الأطفال في سن التعليم الأساسي (الصف الأول إلى الصف السادس الابتدائي)، وتربيتهم تربية طليعية، وتنمية مواهبهم وقدراتهم وميولهم واتجاهاتهم عن طريق ممارسة الأنشطة الطليعية اللا صفية في مراكز الأنشطة الطليعية"، بحسب موقع المنظمة على الشبكة الإلكترونية.

ولكن وفق مصادر متقاطعة، فإن إيران أولت هذه المنظمة خلال العقد الأخير، أهمية بالغة، حيث مكنّت رجالاتها في مفاصل هذه المنظمة، وذلك بهدف استهداف أطفال سوريا بأنشطة مختلفة، خدمة لأهداف عقائدية.

 

اقرأ أيضا: "عربي21" ترصد عمائم نفوذ إيران بسوريا ومؤسساتها (ملف)

إلا أن الكاتب الصحفي والباحث، يحيى الحاج نعسان، أكد أن إيران بدأت تحركاتها نحو المنظمات السورية، و"طلائع البعث" في مقدمتها، منذ ورث بشار الأسد الحكم في سوريا، بعد وفاة والده حافظ، في عام 2000.

وأَضاف لـ"عربي21"، أن "قدوم بشار الأسد إلى السلطة سهّل على إيران التحرك ثقافيا ومذهبيا في سوريا، حيث برز الدور الإيراني في سوريا منذ ذلك الوقت، وبدأ فكر الثورة الإيرانية يتسرب إلى المدارس السورية، كما هو حال في مناطق محددة في لبنان".

وتابع نعسان، بأن "إيران استهدفت بالدرجة الأولى الأقلية الشيعية السورية، ومن ثم استهدفت الطائفة العلوية، وفيما بعد اندلاع الثورة السورية، وسعت إيران من هذه الأنشطة في كل مناطق سيطرة النظام، مستغلة فترة الحرب".

وقال: "خلافا لروسيا التي تهتم بالمصالح الاقتصادية الآنية، تريد إيران خلق قوة مستقبلية لها في سوريا، ولذلك باتت تستهدف بشكل أكثر وضوحا أطفال سوريا، لبناء جيل يتوافق مع سياساتها، حتى في ما بعد رحيل الأسد".

ونوه نعسان، إلى أن إيران تريد صنع حاضنة شعبية في سوريا، لا يمكن تجاوزها، من الأطراف الدولية.

وحول طبيعة الأنشطة التي تقوم بها إيران في المدارس الابتدائية السورية، أوضح مصدر خاص لـ"عربي21"، أن "وفودا إيرانية تقوم بزيارات دورية للمدارس الابتدائية، يتم خلالها إجراء مسابقات للأطفال يتخللها توزيع الهدايا، من بينها قصص للأطفال ذات طابع مذهبي"، وفق تأكيد المصدر.

وما يدلل على ذلك، وفق المصدر، مشاركة السفير الإيراني لدى النظام السوري، جواد ترك آبادي، في افتتاح معرض كتاب الطفل تحت عنوان (بالقراءة ترتقي العقول)، في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق، قبل يومين.

وبحسب ما تابعت "عربي21"، فقد سجل المعرض مشاركة دور نشر إيرانية ولبنانية إلى جانب السورية المحلية.

 

اقرأ أيضا: اتفاق للأسد وإيران على بناء مدن ومخاوف من تغييرات ديمغرافية

ونقلت سائل إعلام النظام السوري عن السفير الإيراني آبادي، قوله إيران شاركت في هذا المعرض: "حتى تعود الفرحة إلى سوريا، ولكي يكون الطفل السوري مرة أخرى يبهج في الحياة وبلمعتها عندما يعود السلام الكامل إلى كل أرجاء سوريا الحبيبة".

منظمة " اتحاد شبيبة الثورة"

تُعنى منظمة "اتحاد شبيبة الثورة" باليافعين والشباب، من عمر 13 سنة، وتعد من المنظمات الرديفة لـ"حزب البعث" الحاكم في سوريا.

وتولت المنظمة، وفق مرسوم صادر عن حافظ الأسد، في عام 1973، الإشراف على كافة النشاطات الطلابية الثقافية والرياضية والفنية والاجتماعية والرحلات في المدارس الإعدادية والثانوية، وتمثيل الطلاب في المجالس واللجان المدرسية.

وتشرف جمعية "كشافة المهدي" الإيرانية، بشكل مباشر على الأندية الثقافية والأنشطة الصيفية والرحلات التي تقيمها منظمة "اتحاد شبيبة الثورة"، وفق ما أكد الصحفي حسام الجبلاوي لـ"عربي21".

وأشار إلى إشراف إيران على "فرقة الكشافة" في الساحل السوري، موضحا أن الفرقة بدأت خلال السنوات القليلة الماضية بتقديم عروض في المناسبات الدينية، ومنها إحياء ذكرى عاشوراء.

وبحسب ما رصدت "عربي21" فإن المنظمة تقيم معسكرات صيفية في أكثر من محافظة سورية، يتلقي فيها المشاركون تدريبات على استخدام السلاح، في حين يكون الدور الإيراني مقتصرا فيها على الترويج لأفكار الثورة الإيرانية.

منظمة "الاتحاد الوطني لطلبة سوريا"

وعلى موقعه الإلكتروني يعرف الاتحاد عن نفسه على أنه "منظمة شعبية تضم طلبة الجامعات السورية الحكومية والخاصة والمعاهد في داخل البلاد وخارجها، إلى الموروث النضالي الطلابي الكبير الذي أسسه وقاده القائد الطلابي الأول القائد المؤسس حافظ الأسد".

ولكن وفق الكاتب الصحفي السوري، زياد الريّس، فإن "إيران مكّنت العديد من الموالين لها في مفاصل هذه المنظمة، نظرا لدورها القيادي في الجامعات السورية".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أَضاف: "في هذه المنظمة الخطاب الإيراني يركز بالدرجة الأولى على الترويج للفكر القومي، وفكر المقاومة والممانعة كما تراها إيران، لأن الخطاب الطائفي الديني لا يصلح هنا".

وأوضح الريّس، أن "إيران تركز في خطابها خلال الأنشطة التي يقوم بها اتحاد الطلبة، على خلق مجتمع موالي لها، ولحزب الله اللبناني، ودعم المقاومة، وأن كل من يقف في الجانب الآخر، هو محسوب على جانب الاحتلال الإسرائيلي".

ولا يقتصر النشاط الإيراني في اتحاد الطلبة على الأنشطة، وإنما يتعداه إلى تشجيع الدراسات التي ينجزها الطلبة، الدراسات التي تبحث في تاريخ سوريا والمنطقة.

وأوضح الريّس أن" إيران تقوم من خلال العديد من المراكز والمؤسسات الثقافية بإعادة صياغة التاريخ السوري، بما يتناسب ومشروعها الإقليمي"، موضحا أن "المؤسسة تدعم أي بحث تاريخي يناقش تاريخ سوريا الحديث، والمعاصر، لتثبيت المزاعم بالأصول الشيعية للمدن السورية الكبيرة، وتحديدا دمشق وحلب".

مؤسسة تاريخ دمشق

ومن بين هذه المؤسسات، طبقا للكاتب الصحفي ذاته، "مؤسسة تاريخ دمشق"، التي أُسست في أواخر عام 2017.

وبحسب ما رصدته "عربي21"، تهتم هذه المؤسسة غير الحكومية، وغير الربحية بالبحث في تاريخ سوريا منذ بدايات القرن التاسع عشر، وتقوم بالعديد من الأنشطة، من أهمها تنظيم عروض لأفلام وثائقية تاريخية في الهواء الطلق، في حديقة المتحف الوطني بدمشق.

ويعد رجل الأعمال ثائر لحام، نجل الممثل دريد لحام المنحدر من الأقلية الشيعية في سوريا (العلوية)، المحرك الحقيقي لهذه المؤسسة، ويتقلد منصب عضو مجلس الأمناء وأمين الصندوق فيها.

وفي تصريح لها، تُشيد مستشارة الأسد بثينة شعبان، المنحدرة أيضا من الأقلية الشيعية، بعمل هذه المؤسسة، بقولها، إن "توثيق التاريخ بهذه المؤسسة أمر مهم ليس فقط لدمشق، إنما لكل المدن السورية التي تشكل كنزا تاريخيا لتتعرف عليها الأجيال القادمة، وتحديدا دمشق التي تعد أقدم عاصمة في التاريخ".

وإلى جانب تلك المنظمات، تنشط إيران على الساحة السورية، من خلال سلسلة مراكزها الثقافية في المحافظات السورية، التي يُدار العمل فيها من غرفة عمليات مقرها السفارة الإيرانية في دمشق.