ملفات وتقارير

إثيوبيا تطل بقاعدة عسكرية على البحر الأحمر.. ماذا يعني ذلك لمصر؟

كابيتال: آبي أحمد يسعى كي تستعيد بلاده بناء قوتها البحرية- حيتي

في الوقت الذي يتواصل فيه المشهد المتوتر في العلاقات المصرية الإثيوبية منذ إعلان أديس أبابا إنشاء سد النهضة على أحد فروع نهر النيل وحتى اليوم، وبالرغم من أن المفاوضات الجارية بينهما منذ سنوات بمشاركة السودان لم تحرز أي تقدم وسط غضب شعبي مصري؛ إلا أن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي احمد، يواصل تصريحاته وسياساته الضاغطة على مصر.

آخر تلك السياسيات ما كشفت عنه صحيفة إثيوبية من أن أديس أبابا تستعد لإنشاء قاعدة عسكرية بالبحر الأحمر، وأن الدولة الحبيسة التي لا تطل على أي بحار في طور أن تستعيد قوتها البحرية، وقررت التمركز في بقاعدة عسكرية في جيبوتي.

وقالت صحيفة "كابيتال"، إن الحكومة الإثيوبية التي يترأسها آبي أحمد تسعى كي تستعيد البلاد بناء قوتها البحرية، وحددت موقع قاعدتها العسكرية الأولية في جيبوتي، مشيرة إلى أنه كان هناك اقتراحات بوضعها في السودان أو إريتريا.

وأكدت الصحيفة أن فرنسا ستساعد الحكومة الإثيوبية بإعادة بناء القوة البحرية، ويتدرب بعض أفراد البحرية في فرنسا حاليا، في إجراء يتوقع أن يثير اهتمام مصر على خلفية التشنج في العلاقات بين البلدين بسبب أزمة سد النهضة.

"بروباجندا إثيوبية"


"عربي21"، طرحت تساؤلاتها على الخبير بالشؤون الأفريقية، الدكتور مصطفى الجمال، حول ما يمكن أن تمثله الخطوة الإثيوبية من خطر على منفذ البحر الأحمر الجنوبي، أو ما يمكن أن تصنعه من قوة ضاغطة على مصر أو تهدد مصالحها بالممر الدولي، ليجيب بقوله: "لا خطر جديدا على مصر من قاعدة بحرية إثيوبية بجيبوتي".

عضو مجلس إدارة مركز البحوث العربي والأفريقي، أوضح أن "منفذ البحر الأحمر متواجد به معظم القوى العظمى والإقليمية"، مؤكدا أن سعي أديس أبابا تشكيل قوات بحرية لها لا تخرج عن "بروباجندا إثيوبية مدعومة إسرائيليا وخليجيا".

ويرى الأكاديمي المصري، أنه يمكن لأديس أبابا استخدام مثل تلك الخطوة كعامل مساعد للضغط على مصر في ملف التفاوض حول سد النهضة، مضيفا أن "إثيوبيا بالطبع تستخدم كل الوسائل للضغط على القاهرة".

الجمال، ختم بقوله: "ولكن في الأخير لن تستطيع أديس أبابا تحدي القاهرة؛ فقط تحاول تحسين شروط التفاوض لصالحها".

"مشوارها بعيد"


وفي تقديره للموقف الإثيوبي، قال الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء جمال مظلوم، إن "إثيوبيا ليس لديها قوات بحرية بصفة عامة، وتبدأ فقط الآن في تدشينها"، مشيرا إلى أنها تسعى لتلك الخطوة بعد سنوات من انتهاء الحرب بينها وبين إريتريا، (1998 حتى 2000)، وبعد المصالحة التي وقعها قادة البلدين في 8 تموز/ يوليو 2018".

مظلوم، في رصده للوضع بالقرن الأفريقي أكد بحديثه لـ"عربي21"، أن "المشكلة تنبع في أن جيبوتي (23 ألف كيلومتر مربع وتقع مباشرة على باب المندب المدخل الجنوبي للبحر الأحمر)؛ تؤجر أراضيها وبها 5 قواعد عسكرية لأمريكا وفرنسا وإيطاليا والصين واليابان، وتسعى إثيوبيا لاستئجار قاعدة بها؛ لأنه ليس لها إطلالة بحرية".

وجزم الخبير العسكري والاستراتيجي المصري بعدم قدرة أي قوة بحرية إثيوبية أو قاعدة عسكرية لها بالبحر الأحمر على تشكيل أي تحدّ لمصر، وقال: "أرى أن مشوارها بعيد حتى تصل لقدرات مصر أو تهدد مصالحها بمدخل قناة السويس أو بباب المندب".

لكن مظلوم يعتقد أن التوجه الإثيوبي الجديد قد يكون له بعض الأثر على ملف التفاوض حول سد النهضة، إلا أنه أكد أن "هذا التأثير يبدو منعدما في ظل المفاوضات التي تجري بإشراف دولي".

وقال: "لا أعتقد أن أي طرف يمكنه التأثير بملفات كهذه أو توجيه سير المفاوضات لصالحه، وذلك لوجود البنك الدولي ومندوب أمريكي بجولات المفاوضات"، مشيرا إلى أن الأمور بهذا الملف تسير للأفضل في الوقت الحاضر".

وحول ما يمكن أن يشكله التواجد البحري الإثيوبي بالمدخل الجنوبي للبحر الأحمر على قناة السويس، أشار اللواء المصري السابق بالجيش إلى وجود "القوى الدولية والإقليمية بالبحر الأحمر، وجميعها من مصلحتها أن تسير الملاحة بشكل جيد بالبحر وبالقناة الممر الملاحي الدولي"، مضيفا: "ولا أعتقد أن أي دولة ستحاول عرقلة الملاحة أو التأثير سلبا عليها".

وحسب تصور المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، فإن "الدول العربية المطلة على البحر الأحمر تجري تدريبات عسكرية آخرها بداية 2019، بين مصر والسعودية والأردن وجيبوتي والسودان واليمن"، مشيرا إلى أن التواجد العربي جيد، والقوات الأجنبية الموجودة من المفترض أنها لحماية الملاحة بالبحر الأحمر وليس تهديدها".

وحول موقف السودان من القاعدة العسكرية الإثيوبية، تمنى الخبير العسكري والاستراتيجي المصري أن تسير العلاقات مع مصر للأفضل، داعيا لمراقبة الموقف السوداني، الذي وصفه بأنه من الصعب الحكم عليه، خاصة بعد إعلان المجلس العسكري السوداني إلغاء اتفاقية إنشاء القاعدة العسكرية التركية بميناء سواكن، ثم تم تكذيب الأمر.

"خطوة غير مؤثرة"

 

وعلى المنوال ذاته، جزم السياسي المصري عبدالحليم منصور، بعدم وجود أي أثر لتلك الخطوة الإثيوبية، مؤكدا أنها أيضا لا تمثل أي قوة ضاغطة على مصر أو تهديدا لمصالحها.

نائب الوزير السابق، قال لـ"عربي21": "لنطمئن تماما؛ فكل الأمور بملف سد النهضة تحت السيطرة التامة"، متوقعا أن يتم توقيع اتفاقية مع إثيوبيا حول هذا الملف خلال أسبوع، وبضمان أمريكا والبنك الدولي".

وأضاف أنه ومع ذلك قد يكون إعلان إثيوبيا عن تلك الخطوة في هذا التوقيت مناورة منها، مؤكدا أن "الحذر واجب، وهو ما يتم من الجانب المصري بشكل هادئ، ولا يثير الريبة، حتى يكون مفاجأة".